عمر حلمي الغول
كثيرا ما تصدمك بعض النخب السياسية في تفكيكها، وتجزأتها أوراق القوة
الفلسطينية، الأمر الذي يلقي بظلال رمادية على الموقف وجدارته، ومركزيته، وحتى قد
يصل إلى حد التشكيك بقوة وصلابة الرؤية، وينتقص من منهجية ووحدة وثقل الخطاب
السياسي الفلسطيني على المستويات المختلفة. مع ان اللحظة السياسية الراهنة تحتاج
إلى تعزيز وحدة الموقف والرؤية، والتوقف عن تبسيط أو الإنتقاص من قيمة وثقل اوراق
القوة من حيث يدري البعض، او لا يدري.
وباختصار شديد، أين تكمن قوة ومركزية أوراق القوة الفلسطينية؟ هل في هذه
الجزئية أو تلك على أساسيتها أو ثانويتها، أم في مجمل الأوراق الموجودة في اليد؟
ولماذا يُصر البعض على تقليم أظافر أوراق القوة؟ وعلى أي أساس يذهب إلى تغليف
الأوراق بالضبابية بعد إن اتخذت القيادة قرارها في ال19 من مايو الماضي 2020،
وحددت بشكل ساطع لا غبار عليه ولا لبس فيه، وهي التحلل من كل الاتفاقات دون ان
تفصل أو تميز القيادة بين اتفاقية وأخرى، وبين عنوان وآخر؟
تتمثل أوراق القوة الفلسطينية في الآتي:
أولا: في الإمساك الثابت بورقة القضية الفلسطينية ذاتها، لأنها الورقة
الأهم، ومحور الرحى في الصراع، ومن دونها لا وزن لأي قيادة مهما علا شأنها.
وعدم السماح لكائن من كان من القوى
المرتهنة والمتساوقة مع مشاريع الأعداء بالإمساك بها، أو السماح لعرب الردة
والخيانة بالتلاعب بها، وفضح وتعرية كل من يحاول العبث بها كائنا من كان موقعه
ومكانته ملكا أو رئيسا أو أميرا أو شيخا.
ثانيا: التشبث والمحافظة على منظمة التحرير الفلسطينية،
المرجعية الوطنية الفلسطينية الأساس، والممثل الشرعي والوحيد، والتي تعتبر من أهم
إنجازات الثورة الفلسطينية المعاصرة، وحماية دورها ومكانتها كحاضنة أولى للتمثيل
الفلسطيني، والعمل على تفعيل دورها في كل المحطات والمراحل الكفاحية باعتبارها
القيادة الأولى، وإعادة الاعتبار لها بعد التراجع الذي شاب رصيدها وطنيا وعربيا
وأمميا، وتسليط الضوء عليها كصاحبة القرار الأول والأخير في الساحة.
ثالثا: إزالة الالتباس والضبابية بينها وبين السلطة
وحكومتها، ومنحها الثقل والأهمية.
لا سيما وان السلطة بمثابة ذراعها في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس
من حزيران 1967، وليست بديلا عن منظمة التحرير، أو ندا لها، أو نقيضا لها، بل جزءا
من أدواتها ودوائرها؛ رابعا ولتعميق دور ومكانة المنظمة، وبعد التحلل من كل الاتفاقات
المبرمة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية تملي الضرورة على قيادة المنظمة إعادة
الأمور لنصابها لجهة تولي المنظمة المسؤولية المباشرة عن السلطة وحكومتها على
الأرض، دون أن يعني ذلك حل السلطة، أو إلغاء حكومتها، والعمل على تشكيل الحكومة من
داخل وأطر المنظمة (اللجنة التنفيذية والمجلسين المركزي والوطني) ويكون الرقيب
والمشرع مجلس الدولة التأسيسي، الذي سيتكون من المجلس المركزي والأمناء العامين
للفصائل الفلسطينية، خاصة وان الدورة ال29 للمجلس المركزي رفعت شعار "الانتقال
من السلطة إلى الدولة".
رابعا: الالتزام من قبل شخوص
ومكونات القيادة السياسية ونخبها بالموقف السياسي المعلن في التاسع عشر من مايو
الماضي، القائل بوضوح "التحلل من كل الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل والولايات
المتحدة"، وعدم تشويه هذا القرار وتجزأته الى عناوين متفرقة، لأن هذا التحلل
الجامع من كل الاتفاقيات يعتبر أهم أوراق القوة الآن.
خامسا : إقران القول بالفعل الوطني، والعمل على تعزيز المقاومة الشعبية على
الأرض وفق خطة وسياسة مدروسة تخدم المشروع السياسي الفلسطيني، دون السماح للفوضى
والفلتان الأمني وللقوى العميلة من العبث بمسيرة النضال الوطني التحرري. وما لم
ترتقي القيادة بالمقاومة الشعبية الشاملة والمقترنة بالنضال السياسي والدبلوماسي
والقانوني والاقتصادي والثقافي، سينعكس ذلك سلبا على مصداقية الموقف الفلسطيني
وقوته؛
سادسا : العمل بكل الوسائل والسبل لإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية
الفلسطينية، وطي صفحة الانقلاب الأسود بموافقة او رغما عن حركة حماس، لان بقاء هذه
الخاصرة الرخوة والضعيفة في الجسد الفلسطيني، سيضع علامة سؤال كبيرة على قوة
وسلامة الموقف الفلسطيني، وستبقى الحكومة الإسرائيلية المستفيد الأول من عملية
التشرذم والانقسام في الساحة الفلسطينية.
وستستخدم هذه الورقة في وجه الشعب والقيادة والمشروع الوطني.
سابعا: تعزيز وتطوير الموقف الفلسطيني في الأوساط العربية والإسلامية
والأممية، واستخدام كل الأوراق التكتيكية لصالح تعزيز الموقف. وبالمقابل عدم الصمت
على اي موقف عربي متخاذل، أو متواطىء مع إسرائيل الاستعمارية. لإنه لم يعد على
العين الفلسطينية قذى، ولا يوجد ما يخسره الفلسطيني او يخيفه من تعرية أصحاب
المواقف المتواطئة على قضية العرب المركزية؛ تاسعا الاستفادة من اللحظة التاريخية
التي تعيشها البشرية الآن، حيث تجري على الأرض تحولات دراماتيكية هائلة، والسعي
الجاد للانخراط في تحالفات أممية داعمة للحقوق الوطنية.
إذا القيادة بحاجة ماسة لتعزيز حضورها وثقلها في الصراع الدائر مع دولة الاستعمار
الإسرائيلية ومن خلفها إدارة ترامب الأفنجليكانية من خلال تمثلها لمكانتها ودورها
كقيادة حركة التحرر الوطني الفلسطينية، والممثل الشرعي والوحيد للشعب والقضية
والأهداف الوطنية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
0 تعليقات