عمر حلمي الغول
التصدي المتزايد
والمتصاعد لصفقة القرن الترامبية المشؤومة، وانتهاكات وجرائم حرب إسرائيل الاستعمارية
ضد الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه ومصالحه الوطنية، وحماية السلام الممكن والمقبول
على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 يبعث ويضاعف الأمل بارتقاء
العالم تدريجيا إلى لحظة امتلاك الإرادة والقرار السياسي لفرض استحقاقات التسوية
السياسية القابلة للحياة في ظل المعطيات الماثلة على الأرض. حيث لم يشهد العالم
تحركات واسعة سياسية ودبلوماسية وتشريعية وشعبية لتطويق ومحاصرة صفقة العار
الأميركية الإسرائيلية وجزئيتها المتعلقة بالضم لما يزيد عن 30% من أراضي دولة
فلسطين المحتلة، كما هي الآن وفي إرجاء الكون كله. لا سيما وان الصوت والفعل
الأممي المتصاعد لا يقتصر على التحركات
خارج حدود الدولتين المارقتين، إنما تجري وتتم داخلهما، فضلا عن ارتفاع وتيرة
التباينات والتناقضات الداخلية في أوساط الإدارتين الحاكمتين بشأن الصفقة وشقها
المتعلق بالضم الإسرائيلي للإغوار الفلسطينية.
ومن النماذج ذات
الصلة بالجريمة الإسرائيلية، ما حصل يوم الأربعاء الموافق 24 حزيران/ يونيو الحالي
(2020) حيث شهدت ساحة رابين في تل أبيب مظاهرة ضد الضم، ورفعت شعارات معادية لخيار
حكومة نتنياهو غانتس، وطالبت بوقف هذه العملية. ويترافق مع ذلك تصاعد الأصوات بين
أركان الأجهزة الأمنية والنخب السياسية والعسكرية والثقافية والأكاديمية
الإسرائيلية الرافضة لخيار الفاسد بيبي، الذي يقامر بمشروعهم الصهيوني لحسابات
شخصية ضيقة، عنوانها التغطية على تهم الفساد، التي تلاحقه.
كما ان الساحة
الأميركية شهدت حراكا موازيا، لا يقل قوة عما يجري في إسرائيل، حيث وقع حوالي 200
عضوا من مجلس النواب الأميركي (الكونغرس) يوم الخميس أول أمس الموافق 25 / 6 الحالي
جلهم من الحزب الديمقراطي على رسالة وجهوها للحكومة الإسرائيلية ولإدارة ترامب
الحاكمة عمليا في البيت الأبيض والمتورطة مباشرة في جريمة الحرب الإسرائيلية،
عبروا من خلالها عن قلقهم تجاه الخطوة الإسرائيلية لضم اجزاء من الضفة الفلسطينية (الأغوار).
وحذروا من الانعكاسات الخطيرة للخطوة الإسرائيلية على عملية السلام وخيار حل
الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، واعتبروا ان هذة الخطوة تترك بصمات
غير إيجابية على العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين. لا بل ان بلوسي، رئيسة
الكونغرس، أعلنت مع مطلع الشهر الحالي، عن رفضها للضم، بإعتباره يشكل تهديدا للإمن
القومي الأميركي، وكذلك فعل المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن.
وعلى المستوى
الأوروبي، وقع 1080 مشرعا أوروبيا من 25 دولة بما في ذلك دولتي المجر والتشيك
المتساوقتين مع الانتهاك والجرائم الإسرائيلية، وجاء في رسالتهم المنشورة أيضا
الخميس أول أمس أن، "مثل هذه الخطوة (الضم) ستكون قاتلة لآفاق السلام
الإسرائيلية الفلسطينية، وستتحدى المفاهيم الأساسية، التي تحكم العلاقات الدولية."
ليس هذا فحسب، بل دعوا دول الإتحاد الأوروبي إلى إتخاذ "عواقب متناسبة" مع
سياسات وانتهاكات إسرائيل المعادية للسلام، وخاصة خطوة الضم. وهو ما يشير بوضوح
للمطالبة بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية وغيرها على إسرائيل." وأكدت الرسالة
أن "عدم اتخاذ خطوات رادعة لإسرائيل، سيشجعها على ارتكاب المزيد من الانتهاكات،
وكذلك سيفتح شهية دول أخرى لارتكاب ذات الجرائم ضد دول أخرى.
وفي السياق، تبنى
البرلمان الفدرالي البلجيكي فجر يوم الجمعة امس قرارا يرفض الضم الإسرائيلي جملة
وتفصيلا. ولم يكتفِ القرار البلجيكي بذلك، بل طالب بفرض عقوبات على إسرائيل. لإن
الضم حسب ما جاء في قرارهم " خطوة قاتلة لآفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني."
وطالب الدولة البلجيكية أخذ زمام المبادرة بالتوجه الجديد والتعاون مع الدول
المتوافقة معها لوقف جريمة الحرب الإسرائيلية الجديدة. وصوت لصالح القرار 101
عضوا، وأمتنع 39 عضوا، ولا يوجد عضو ضد.
بالإضافة لما تقدم،
عقد جلسة مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي أيضا، التي اجمع مندبو ال14 دولة
على رفضهم لجريمة الحرب الإسرائيلية، وأجمعوا على التمسك بخيار حل الدولتين على
حدود الرابع من حزيران 1967، ورفضوا بشكل مباشر الصفقة ووجها السافر (الضم) المعلن
من قبل نتنياهو وحكومته. وبقيت المندوبة الأميركية ومندوب إسرائيل المارقة وحيدين
يتعثران في دفاعهما عن عارهما. ولن أتوقف أمام الفعالية الفلسطينية العربية
والأممية في مدينة أريحا يوم الاثنين الموافق 22 /6/2020 وما أعلنه ممثلوا الأمم
المتحدة الإتحاد الأوروبي والصين وروسيا واليابان والأردن من مواقف رافضة لجريمة
الضم الإسرائيلية.
الحصيلة الإجمالية
للمشهد المحلي والعربي والإقليمي والعالمي بشكل مباشر، ودون رتوش أو مساحيق، تؤكد
ان العالم كله بقضه وقضيضه يحاصر المنبوذين الإسرائيليين وإدارة ترامب وكل من
يتساوق معهم في جريمة الحرب الجديدة. ووفق المؤشرات الواقعية، فإن فرض العقوبات
على إسرائيل، والاعتراف بالدولة الفلسطينية من الدول التي لم تعترف بها حتى الآن
بات قاب قوسين أو أدنى، لإستشعار العالم وخاصة في اوروبا وأوساط الحزب الديمقراطي
الأميركي، وحتى القوى الإسرائيلية الرافضة للضم خشية الوصول للدولة "ثنائية
القومية" (وهي ليست كذلك، لإن اتباع الديانة اليهودية ليسوا قومية، ولن
يكونوا يوما قومية، مهما إستخدموا من عمليات التزوير والافتراء على التاريخ) ان
بقاء الحال على ما هو عليه مع دولة الاستعمار الفاشية الإسرائيلية لا يخدم السلام،
ويؤجج الصراع، ويدفع المنطقة والعالم إلى دوامة عنف غير مسبوقة. والمستقبل المنظور
كفيل بالإجابة على الاستنتاجات الواردة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
0 تعليقات