د. إبراهيم علوش
منذ بداية الحرب على سورية، كان استهداف الاقتصاد السوري بالحرب النفسية
هماً ماثلاً في ذهن الرئيس الأسد، وقد حذر منه مراراً.. إن "أخطر شيءٍ نواجهه
في المرحلة المقبلة هو ضعف أو انهيار الاقتصاد السوري، وجزء كبير من المشكلة هو
جزءٌ نفسي... فلا يجوز أن نسمح للإحباط والخوف أن يهزمنا، بل لا بد أن نقوم بهزيمة
المشكلة بالعودة للحياة الطبيعية"، كما قال الرئيس بشار الأسد على مدرج جامعة
دمشق في 20/6/2011. وقد وجه سيادته الشكر والتقدير، في هذا السياق، لكل من ساهم في
حملة دعم الليرة السورية، ولو بمبلغ بسيط، متسائلاً عن دور المقتدرين في الإسهام
في مثل هذا الواجب الوطني، والكلام ما يزال في العام 2011.
موضوع تدعيم الثقة بالاقتصاد السورية، وبالليرة السورية بالمعية، وتحول
الحرب على الاقتصاد إلى حرب نفسية في أحد أبعادها، حيث تعمل الدولة على تثبيت
الثقة بالاقتصاد ، فيما يسعى إرهابيو "حروب الجيل الرابع" إلى زعزعة
الثقة بالاقتصاد، أصبح موضوعاً طرقه السيد الرئيس أكثر من مرة في خطاباته المتوجهة
للشأن الاقتصادي خلال سنوات الحرب.
ففي كلمة سيادته الثانية على مدرج جامعة دمشق بعد بدء الأحداث في 10/1/2012،
قال سيادته: "إن جزءاً كبيراً من الحرب النفسية الآن الموجهة لسورية انتقل
إلى الموضوع الاقتصادي عندما فشلوا في الموضوع الطائفي والموضوع الوطني وفي كل
القضايا ذات الجانب السياسي".
وقد خاطب سيادته المواطن السوري في الكلمة ذاتها، مذكراً إياه أن سورية
طورت صناعة القمح في الثمانينيات، في أصعب الظروف المالية، قائلاً: "لا تسمح
للخوف أن يدخل قلبك نتيجة الحرب الإعلامية التي تحصل تجاهك، فسورية مرت بظروفٍ
أصعب بكثير، حتى أمنياً كانت الظروف أصعب بكثير، وتفوقنا عليها وانتصرنا".
ثمة بُعد في مواجهة الحرب النفسية والإعلامية الهادفة لتدمير الاقتصاد
والليرة يقوم على تدعيم الثقة بالاقتصاد، ولكن الرد الحقيقي يكون بزيادة الإنتاج،
فذلك وحده ما يمكن أن يخفض الأسعار ويقوي القوة الشرائية لليرة السورية، ويعزز
الثقة، وقد قال سيادته على مدرج جامعة دمشق في 10/1/2012: "علينا أن نركز على
مستوى الإنتاج في سورية، ونحن قادرون، حتى في هذه الأزمة، أن نزيد من هذا الإنتاج،
ويجب أن نعرف أن لدينا نقاط قوة كبيرة"، مشيراً إلى صعوبة محاصرة سورية، لأن
ذلك يعني محاصرة منطقة بأكملها، وإلى توفر الموارد محلياً لزيادة الإنتاج، وإلى
علاقات سورية مع الدول المختلفة. وهذا لا يعني "بأنه لن يكون هناك خسائر من
الحصار، ومن الظروف السياسية والأمنية، ولكن نستطيع أن نحقق إنجازات تخفف من
الأضرار"، كما أشار سيادته.
د. إبراهيم علوش، من فصل "الاقتصاد السوري: حربٌ على جبهات متعددة"
في كتاب "خطاب سنوات الحرب/ القائد القومي بشار الأسد".
0 تعليقات