عز الدين البغدادي
من المعروف أنه كان
هناك الكثير من أواصر المحبّة والمصاهرة بين آل البيت والصحابة، وهذا أمر معروف
كتب فيه شيء غير قليل، وإن حاول البعض التشكيك فيه أو التقليل من دلالته.
ولا أريد هنا أن
أتحدّث في ذلك، فقد كتب فيه وكتب، لكن سأقف عند رواية مشهورة تنسب للإمام جعفر
الصادق، وهي قوله "ولدني أبو بكرٍ مرتين"، وهذه عبارة شهيرة تنسب إليه،
وذلك لأنّ أمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد
الرحمن بن بكر. فكلاهما يرجعان إلى أبي بكر.
وهذه الدعوى هناك من
رفضها وردّها، وهناك من قبلها. أما من ردّها ورفضها فقال بأنها لم ترد في أي مصدر
شيعي إلا كتاب "كشف الغمة في معرفة الأئمة" للاربلي وقد نقلها من كتب
العامة، فلا عبرة بها لا سيما مع ما قيل من ضعف سند رواتها.
كما إنّ القرمانــي
ذكـــر أنّ أم الإمام الصادق (ع) هـــي أم فـروة بنت القاسم بن محمّـد بن أبي سمرة.
لكن هذا كلام لا يمكن
أن يؤخذ به؛ إذ لم يرد في كتب التاريخ والرجال من يحمل اسم القاسم بن محمد بن أبي
سمرة، وبالتالي فيحتمل جدا جدا أن ما ذكر مع شذوذه هو من خطأ النسّاخ.
وأما ما قيل من أنه
هذا الخبر لم يرد في مصدر شيعي فغير صحيح، فقد ذكر الكليني في باب "مولد أبي
عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام" ما نصه: .... ولد أبوعبدالله (عليه السلام)
سنة ثلاث وثمانين ....... وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء
بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.
كما ذكر ذلك الشيخ
المفيد، قال: وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
وقال ابن شهر أشوب
وهو يتحدّث عن الإمام محمد الباقر (ع): أولاده سبعة: جعفر الامام وكان يكنى به،
وعبدالله الافطح من أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
كما ذكر ذلك الشهيد
شمس الدين العاملي: وأمّه أم فروة ابنة القاسم الفقيه بن محمد النجيب بن أبي بكر.
وقال الفضل بن الحسن
الطبرسي: في ذكر أولاده عليه السلام: ..... وهم سبعة: أبو عبدالله جعفر بن محمد
الصادق عليهما السلام ـ وكان يكنى به ـ وعبدالله بن محمد، واُمّهما اُمّ فروة بنت
القاسم بن محمد بن أبي بكر.
وقال أحمد بن علي
الطبرسي: أبو عبد الله جعفر الامام عليه السلام وكان يكنى به، وعبد الله أمهما ام
فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر.
وقال حسين بن عبد
الوهاب: وكانت أم الصادق (ع) أم فروة بنت القاسم محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة
وكان أبوها القاسم من ثقات أصحاب علي بن الحسين زين العابدين (ع)، وكانت أم فروة
من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء زمانها.
ونقل الشيخ محمد مهدي
المازندراني عن كتاب منتخب التواريخ : قال الباقر لزوجته أمّ فروة بنت القاسم بن
محمّد بن أبي بكر أمّ الصادق (عليه السلام) وكانت من أتقى نساء زمانها.......
وقال الشيخ سلمان بن
عبدالله آل عصفور: أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق، أمه أم فروة بنت القاسم بن
محمد بن أبي بكر.
كما نص على ذلك
النسابة المعروف ابن عنبة الحسيني فقال: وأمه أم فروة بنت القاسم الفقيه ابن محمد
بن أبى بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر، ولهــذا كان الصادق (ع) يقول:
"ولدنى أبو بكر مرتين"، ويقال له: عمود الشرف.
وبالتالي لا وجه
لإنكار الخبر ومضمونه ولو بهذا المقدار، لا سيما وان الامام الصادق (ع) لا يمكن أن
يكون نسبه من جهة أمه مجهولا، فمن نفى الخبر لم يذكر نسبه من جهة الأم واكتفى
بالنفي، اللهم الا من تمسك بما ذكره القرماني وهو ضعيف جدا جدا. ومع ذلك فليس
بالضرورة أن يكون الإمام في وارد الفخر كما يصور البعض، بل ربّما أراد أن يقول
بأنّ هناك من أواصر القربى ما لا يتصوّرها كثير من الناس ممن يعتقد أن هناك قطيعة
تامة بين آل البيت والخلفاء.
0 تعليقات