عز الدين البغدادي
في الفصل الثالث من كتاب بيت العنكبوت ناقشت موضوع "تحديد الصحبة"،
وقد ذكرت في نهاية الفصل موضوعا غريبا وطريفا عن أشخاص ادعوا الصحبة ولا يمكن قبول
دعواهم لاستحالة تصديقها، لأنهم عاشوا إلى زمن متأخر جدا، وادعى عدد منهم أن النبي
(ص) دعا له بطول العمر حتى يعطي تفسيرا لقبول صحبته مع الفارق الزمني الكبير، فمن
هؤلاء:
قيس بن تميم الطائي الكيلاني:
حدث سنة 517 هـ بمدينة كيلان عن
النبي (ص) وسمع منه جماعة أكثر من أربعين حديثاً، منها: "من شمَّ الورد
الأحمر ولم يصلّ عليَّ فقد جفاني"، قال: وخدمت عليا بعد مقتل عثمان فكنت صاحب
ركابه فرمحتني بغلتُه فسال الدم على رأسي فمسح رأسي وهو يقول: مدَّ الله يا أشج في
عمرك مداً.
جعفر بن نسطور:
قال ابن حجر: أحد الكذابين الذين
ادعوا الصحبة بعد النبي بمئتين من السنين، ادعى أن النبي (ص) دعا له بطول العمر،
وعاش ثلاثمائة وأربعين سنة.
وقد روى جعفر: كنت مع رسول الله (ص) في غزوة تبوك، فسقط سوطه فناولته فقال:
مدَّ الله في عمرك، قال: فعاش ثلاثمائة وأربعين سنة.
معمر بن شريك:
كان يدعي أن عمره أربعمائة سنة ويقــول: صافحني رسول الله (ص) ودعا لي فقال:
عمرك الله يا معمر، ثلاث مرات.
جبير بن الحارث:
وقد روى ابن حجر عن الأمير عبد الكريم بن نصر، قال: كنت مع الإمام الناصر
في بعض متنزهاته للصيد، فلقينا في أرض قفر بعضَ العرب، فاستقبلنا مشايخهم وقالـوا:
يا أمير المؤمنين، عندنا تحفة، وهي إننا كلنا أبناء رجلٍ، وهو حيٌّ يرزق، وقـد
أدرك النبي (ص) وحضر معه الخندق، واسمه جبير بن الحارث. فمشوا إليه، وإذا هــو فـي
عمود الخيمة معلّق مثل هيئة الطفل. فكشف عن وجهه وتقرب إلى أذنه، وقال: يا أبتاه،
ففتح عينيه، وقال: هذا الخليفة جاء يزورك فحدِّثهم، فقال: حضرت مع النبي (ص) الخندق،
فقال لي: احفر يا جبير جبرك الله ومتّع بك، فقلت: أوصني يا رسول الله، قال: عليك
بالقواقل "قل يا أيهـا الكافرون وقل هو الله أحد والمعوذتين". قال: فصافحه
الخليفة وصافحناه وذلك في جمادى الأولى وذلك في سنة 573.
عثمان بن الخطاب أبو عمرو البلوي:
ظهر في بغداد، وحدّث بعد
الثلاثمائة، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: الحكمة
ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.
قال السمعاني: .. كان يروي عن علي بن أبي طالب (رض) وعاش دهرا طويلا،
والعلماء من أهل النقل لا يثبتون قوله ولا يحتجون بحديثه، وقيل إنه قدم بغداد بعد
الثلاثمائة وحدث بالبواطيل عن علي بن أبي طالب (رض).
رتن الهندي:
قال الذهبي: وما أدراك ما رتن؟ شيخ دجال ظهر بعد الستمائة، وادعى الصحبة،
والصحابة لا يكذبون، وهذا اجتراء على الله ورسوله، وقد قيل: إنه مات سنة 632 هـ ،
وقيل بعدها. ومع كونه كذابا، فقد كذبوا عليه جملة كبيرة من أسمج الكذب والمحال (اي
المستحيل). ومما روى رتن: كنت في زفاف فاطمة على عليٍّ في جماعة من الصحابة، وكان
ثمَّت مـن يغني فطارت قلوبنا ورقصنا، فلما كان الغد سألنا رسول الله (ص) عن
ليلتنا، فأخبرناه فلم ينكر علينا ودعا لنا وقال: اخشوشنوا وامشوا حفاةً تروا الله
جهرة.
سرباتك:
وهو ملك الهند في بلد قنوج، زعم أن النبي (ص) أنفذ إليه حذيفة وأسامة
وصهيباً وغيرهم، يدعونهم إلى الإسلام، فأجاب وأسلم وقبّل كتابه، قال الذهبي: هذا
كذب واضح، وزعم أنه زار النبي (ص) مرتين بمكة وبالمدينة مرة.
مكلبة بن ملَكان الخوارزمي:
قال الذهبي: مكلبة بن ملكان الخوارزمي،
من زعم أنه صحابي فإنما افترى، وإنما هو شيء لا وجود له. وقال ابن حجر: شخص كذاب
أو لا وجود له، زعم أن له صحبة. وقال: وقد روي عنه: غزوت مع النبي (ص) أربعا
وعشرين غزوة فخرج عليه الكفار مرة فقتلناهم مقتلةً عظيمةً وهزمناهم، فذكر حديثا
طويلا ركيكا فيه: وأخرجت يدي من صدره عليه السلام وقد نارت بنوره. وقد روى مكلبة: كنت
شيخا فارسيا فلما أن سمع الناسُ أنكروني فأدخلوني على أمير خراسان واجتمع عليَّ
خلق والناس بين مصدِّق وغير ذلك فأخرجت يميني وقد تنورت من نور النبي (ص) فصدقوني.
0 تعليقات