رسالة النيل:
يشيع هراء بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي بلد الحرية والديموقراطية،
وبأن حرية الرأي مصونةً فيها...
وفي ذلك قدرٌ من الصحة ما دام الأمر يتعلق بحرية التعبير عن الهسهس الذي لا
يؤثر على استقرار النظام السياسي من قريب أو بعيد، حرية الجنون أو أي حرية فردية
مثل حرية اللباس أو الطعام أو الشراب أو الشتيمة.
أما حين يتعلق الأمر بمفصل سياسي حساس، مثل حرب فيتنام، فإن النظام
الأمريكي يصبح الأسرع في ممارسة حرية الاغتيال، خاصة حين يصبح للناشط السياسي وزنٌ
وتأثيرٌ لا يستطيع النظام الأمريكي أن يحتملهما.
وقد أدى ذلك لتصفية عشرات النشطاء المركزيين في حركة الحقوق المدنية وحركة
مناهضة حرب فيتنام في الستينيات والسبعينيات في "ظروف غامضة" (حادث سير،
مشكلة طبية، إشكال مع حرامي أو قاطع طريق)، أما حين يحتد التناقض مع النظام
الأمريكي، فإن التصفية المباشرة من قبل الأجهزة الأمنية، على مسمع ومرأى العالم،
تصبح هي القاعدة لا الشواذ، وقد كانت تلك قصة الناشط الأمريكي فرد هامبتون.
كان فرد هامبتون رئيس فرع ولاية إلينوي في حزب "الفهود السود"،
ونائب رئيس الحزب على مستوى الولايات المتحدة. وكان ذلك الحزب يعبر عن مزيج من
حركة حقوق الأفارقة الأمريكيين والنزعة الماوية في نهاية الستينيات.
كان هامبتون ناشطاً في الشارع اشتهر بقدارته التنظيمية، وقدراته الجبهوية.
وقد بلغت تقارير الـFBI عنه أكثر
من 4000 صفحة حسب مواقع مختلفة على الإنترنت. وفي عام 1968 كان على وشك أن يحقق
اندماجاً بين حزب الفهود السود في مدينة تشيكاغو وإحدى المجموعات المحلية التي كان
يمكن أن تضيف آلاف الأعضاء للحزب. وفي نهاية عام 1969 سافر لكاليفورنيا حيث التقى
بقيادة الحزب وعرض عليه موقع أمين السر والناطق الرسمي باسمه. قررت وكالة المباحث
الفيدرالية FBI أن هامبتون أخطر مما يجب، وقررت تصفيته. وفي أمسية 3/12/1969 كان
فرد هامبتون قد انهى تدريس جلسة تثقيف سياسي وعاد إلى مكتب الحزب مع مجموعة من
رفاقه في أحد شوارع مدينة تشيكاغو الأمريكية.
وكان المخبر ويليام أونيل في الحزب قد جهز عشاءً للرفاق العائدين وضع فيه
مخدراً لهم لكي لا يصحوا عندما تأتي الغارة.
تناول الرفاق العشاء حوالي منتصف
الليل.
وفي الساعة الرابعة صباحاً جاءت الغارة. قتل الحارس فوراً. أما هامبتون،
فلم يستطع أن يستيقظ، وأصيب في كتفه مخدراً. "ها هو فرد هامبتون"، كما
قال احد التقارير، "هل هو ميت؟ احضره خارجاً". "إنه بالكاد حي".
ويرد آخر: "سوف يعيش".
سمعت طلقتان، تبين من التشريح فيما
بعد أنهما اطلقتا على رأسه من مسافة فريبة. ثم قال أحد الضباط: "إنه ميتٌ
وجيدٌ الآن"!
ملاحظة: حضر جنازته في 4/12/1969 خمسة آلاف شخص فقط...
0 تعليقات