يرد اسم المرجع الأعلى آية الله العظمي علي السيستاني في 728 وثيقة من
مراسلات وزارة الخارجية الأمريكية التي سربها موقع ويكليكس.
وهو أمر مفهوم لان السيستاني كان ولازال اللاعب الأول والمهيمن في الحياة
السياسية العراقية منذ عام 2003 وحتى اليوم.
أدناه الترجمة الكاملة لوثيقة مؤرخة في آذار 2008 حيث بعث السفير الأمريكي
في العراق حينها رايان كروكر برقية لمقر وزارة الخارجية الأمريكية حول زيارة ممثل الأمم
المتحدة ستيفان دي ميستورا للنجف ولقائه بالمراجع بما فيهم السيستاني.
شكرا جزيلا للأستاذ فاضل الكفائي الذي ترجم هذه الوثيقة المهمة كما كتب
تعليقا عليها.
----------------------------------------------------------------------------------
تعليق فاضل الكفائي
تغطي البرقية زيارة رئيس يونامي وهي بعثة الأمم المتحدة في العراق (يطلق
عليه أيضا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة) إلى النجف ولقائه المرجع الأعلى
السيستاني فضلا عن شخصيات دينية وسياسية أخرى.
يصادف تاريخ البرقية ذات يوم انطلاق عمليات (صولة الفرسان) العسكرية في 25
آذار 2008 ضد الجناح العسكري للتيار الصدري في البصرة ومناطق أخرى، لكن البرقية
غير معنية بهذا الحدث.
تأتي البرقية في فترة انحسار الحرب الأهلية الطائفية مع انكفاء التنظيمات
السنية المسلحة، وبقاء جيش المهدي باعتباره المجموعة المسلحة الأكثر قوة وتنظيما
إزاء الأجهزة الحكومية الأمنية.
طالما عوّلت مرجعية النجف على الأمم المتحدة من أجل دعم شرعية العملية
السياسية. ويبدو أن إقرار وتطبيق قانون الانتخابات الجديد حينها الذي أنتج مجلس
مفوضين تتقاسمه الأحزاب السياسية النافذة، قد أزعج المرجع السيستاني، حيث تكون
مجلس المفوضين المنصرف الذي أدار انتخابات 2005 من أعضاء لا ينتمي أكثرهم للأحزاب
المهيمنة.
في أعقاب انتخاب أول حكومة دستورية
أواخر 2005، أعلن آية الله العظمى أنه لن يتدخل في السياسة إلا في الأزمات الكبرى.
لكن زعيم الحوزة كان يتدخل أحيانا (كما
في هذه الحالة) لصيانة العملية السياسية، حيث يعتبر الراعي الأول لها.
يبدو أن المرجع الأعلى كان يعول
على الانتخابات كوسيلة لاستدامة شرعية العملية السياسية. لكن الحال انتهى بفقدان
قطاعات شعبية واسعة لثقتها في الانتخابات، واغلق المرجع بابه بوجه الزعماء
السياسيين.
منذ ذلك الحين لم تصارح المرجعية جمهورها بخلفيات التأييد Endorsement الذي أسبغته
على القائمة الشيعية عام 2005 أو العملية الدستورية والذين كان لهما أعمق الأثر
على ما آلت إليه الأمور.
تؤشر البرقية أيضا إلى نفوذ نجل المرجع الأعلى محمد رضا السيستاني على
مجريات الأحداث السياسية، ولا جديد هنا فيما يخص دور أبناء المراجع وأصهارهم، وهي
ظاهرة تزايدت مع تطور المرجعية كمؤسسة كرستها تطورات فقهية وسياسية واجتماعية مثل
انتصار التيار الفقهي الأصولي على الإخباري، ترسيخ مبدأ التقليد، ومقاومة الحوزة
لمحاولات مأسستها. الجديد هنا هو مدى هذا النفوذ الذي يعتبر استثنائيا لأنه كان
يستمد من دور المرجع السيستاني نفسه في الحياة السياسية منذ 2003.
يقول دي مستورا أن المرجع الأعلى اعتقد أن الدستور كفيل بحل مسألتي كركوك
وقانون النفط. هذه تفصيلة تستحق التوقف، خصوصا فيما يتعلق بكركوك. كانت المادة 140
من الدستور الخاصة بكركوك عبارة عن خارطة طريق لضم كركوك الى إقليم كردستان في ظل
ضعف الحكومة المركزية الناشئة وتشرذم الجبهة السياسية العربية في بغداد وتوثب
تركيا وإيران وكان من شأن هذه الفقرة تفجير حرب إثنية لو مضت الى نهايتها. اذا صدق
دي مستورا، فالأمر لا يعدو احتمالان؛ ان الاستشارات التي أعطيت للمرجع قبل تأييده (غير
المباشر) للدستور كانت غير كفوءة، أو ان المحيطين بزعيم الحوزة أخفوا عليه ما
اشتملت عليه مسودة الدستور من فجوات قانونية وألغام سياسية. على أية حال، بحلول
عام 2008 كان واضحا عجز الدستور عن حل مسألة كركوك، وهو ما بدا واضحا في رأي محمد
رضا السيستاني الذي نقله دي مستورا في انه لا ينبغي إجراء الاستفتاء على كركوك عام
2008 وكذا اعتقاده انه لن يجري في المستقبل المنظور.
فيما يخص ملاحظات دي مستورا عن لقائه المرجع الحكيم، يؤكد رجل الدين على
أهمية فتح السفارات العربية في العراق، وهو يعكس جزئيا رغبة في موازنة الدور
الإيراني المتصاعد حينها، حيث توجست حوزة النجف بعد 2003 من إنفراد نظام ولاية
الفقيه في إيران بالدولة والمجتمع العراقيين، وما لذلك من عواقب على مركزية حوزة
النجف في العالم الشيعي.
يتبع
0 تعليقات