عز الدين البغدادي
يعبر كثير من
العراقيين عما حصل يوم 14 من تموز 1958 بأنه ثورة، فيما يرفض آخرون ذلك ويرون بأن
ما حصل كان انقلابا عسكريا وحسب. ونفس الأمر ينطبق على ما حصل يوم 8 شباط، و17
تموز، ولهذا يطرح دائما هذا السؤال: ما هو الفرق بين الثورة والانقلاب؟
الثورة حراك جماهيري
مدني واسع، قد يكون سلميا وقد يكون مسلّحا، وهو يعبر عن إرادة الشعب ورغبته وطموحه
في تحقيق وضع أفضل.
أما الانقلاب فهو عمل
عسكري يقوم به عادة ضباط ناقمون على السلطة بهدف إسقاطها واستبدالها بسلطة أخرى. وأحيانا
يكون الانقلاب تحت سقف وضع قانوني معين مثل انقلاب بكر صدقي سنة 1936 وحركة مايس
سنة 1941، وبالتالي فإن توصيف ما حصل يوم 14 تموز صار واضحا. إلا أن هذا برأيي لا
يمثل كل الواقع، فالانقلابات ليست شيئا واحدا، فهناك انقلابات تحصل لمطامع شخصية
محضة، وهناك انقلابات تحصل لضرب حالة وطنية وشعبية كما في انقلاب الجنرال فضل الله
زاهدي ضد رئيس وزراء إيران الراحل مصدق سنة 1953 بدعم بريطاني.
لكن هناك أيضا أيضا
انقلابات وطنية تمثل إرادة الشعب، مثل انقلاب توماس سانكارا في بوركينا فاسو سنة 1983،
وانقلاب هوغو شافيز في فنويلا سنة 1992. وحقيقة فإن ما حصل يوم 14 تموز كان ممثلا
حقيقيا عن إرادة الشعب في أوله وآخره. أما في أوله فبسبب الأخطاء الكبيرة التي
حصلت في العهد الملكي والتي يمكن أن نتحدث عنها لاحقا، وأما في آخره فبسبب التفاعل
الكبير مع عبد الكريم قاسم عند وقوع الانقلاب عليه.
ما حصل في تموز برأيي
لم يكن مجرد انقلاب عسكري، بل كان ثورة لكونها عبرت عن إرادة الشعب، ولأنها خدمت
الشعب ولأنها حققت أمورا كثيرة في فترة قصيرة..
وسيأتي بإذن الله
حديث عن ذلك لاحقا.
0 تعليقات