آخر الأخبار

فقه أصول المنهج (29)







 

 

علي الأصولي

 

 

 

قال في المتن:

 

الثمرة الرابعة : فيما لو وجد أمر واحد بشيئين كقوله: أغتسل للجمعة والجنابة. وعلمنا من الخارج بأن غسل الجمعة ليس بواجب، فهل يمكن أن نثبت وجوب غسل الجنابة بمثل هذا الأمر ام لا ؟

 

أما بناء على المسلك الأول، وهو الوضع، فلا يمكن لأن الوجوب والاستحباب مدلول لفظي. فأغتسل أما مستعملة في الوجوب أو الاستحباب أو في الجامع. أما استعمالها في الوجوب، فغير محتمل لأن غسل الجمعة ليس بواجب. وأما استعمالها في الاستحباب أو الجامع، فمعه لا تبقى دلالة على وجوب غسل الجنابة.

 

ولا يمكن أن يقال. باستعمالها في كلا المعنيين، لأنه من استعمال اللفظ في أكثر من معنى وهو محال.

 

وأما على مسلك النائيني فقوله: أغتسل: مستعمل في الطلب على نحو واحد في الغسلين معا.

 

والوجوب إنما هو بحكم العقل فيمكن الالتزام بأن غسل الجمعة ليس بواجب عقلا ، لأنه ورد الترخيص في تركه، بخلاف غسل الجنابة.

 

قال: وكذا على مسلك الإطلاق الذي قويناه. فإن الأمر ينحل إلى أمرين. وكل منها مقتضى إطلاقه أنه طلب لا رخصة في مخالفته.

 

وأحدهما ثبت تقييده من الخارج. والآخر لم يثبت تقييده. وليس هذا من الجمع بين المعنيين في الاستدلال. بل من باب التقييد في بعض الحصص. والإطلاق في بعضه. لأن التقيد ضرورة، والضرورات تقدر بقدرها. كما لو ورد : أكرم العالم وعلمنا باشتراط إكرام الفقيه بالعدالة. فتبقى الحصص الأخرى تحت الإطلاق. وهذا من باب الاقتصار في التقييد على القدر المتيقن.

 

 

أقول ( وفي هذه الثمرة ساق الشهيد محمد باقر الصدر المثال المشهور بينهم في تحديد ومعرفة تنقيح الوجوب بناء على المسالك الأصولية الثلاثة. وهو مثال - أغتسل للجمعة والجنابة - فيما لو ورد هذا النص وأراد الفقيه معرفة طبيعة الأمر الواحد - أغتسل - بشيئين - جمعة وجنابة - فإذا علمنا من الخارج بعدم وجوب غسل الجمعة. فهل يمكن إثبات الأمر على وجوب غسل الجنابة أم لا يمكن ذلك؟

 

بناء على مسلك الوضع الإمكان غير متصور. لأن كلا من الوجوب والاستحباب مداليل لفظية - فالأمر - بالاغتسال - أغتسل - أما كونه مستعملا في الحصة الوجوبية أو في الحصة الاستحبابية أو الجامع بينهما،

 

أن قلنا الأول - الوجوب - فهذا غير مرفوض. لأننا علمنا بإن غسل الجمعة مستحب وليس بواجب. وأن قلنا بالاستحباب أو الجامع. فهذا يعني عدم استفادة دلالة الوجوب لغسل الجنابة ومن المعلوم نحن نعرف بإن غسل الجنابة واجب !

 

ولا يمكن حل الإشكال على الوضع بعد القول بأن الاستعمال يمكن أن يكون لمعنيين.

 

فهذا القول مردود لاستحالته كما ثبت في محله.

 

وأما بناء على مسلك العقل النائيني. إذ يرى أن غسل الجمعة ليس واجب بحكم العقل لأنه مرخص في ترك أصل الغسل فيما لو أراد المكلف الترك. مع ان - أغتسل - هو طلب واحد على نحو التعلق بالغسلين معا. ومع معلومية الترخيص في الجمعة يثبت الوجوب في الجنابة.

 

وأما بناء على مسلك الإطلاق الذي قواه أستاذ الماتن فقد حاول أن يصور الموضوع كما يلي: انحلال الأمر إلى أمرين.

 

وكل منهما طلب ومقتضى الإطلاق فيه من الوضوح بمكان.

 

ولا رخصة في الترك في اي منهما. وأحدهما ثبت تقييده من الخارج بخلاف الآخر. وهذا ليس من الاستدلال باستعمال اللفظ بأكثر من معنيين. بل غايته تقييد بعض حصص الإطلاق كما في مثال - أكرم العالم أو الفقيه - فراجع المتن )

 

 

قال الماتن:

 

ويمكن الجواب على هذه الثمرة، بعدة وجوه:

 

الوجه الأول: إن مسلك الوضع لا يتعين على الوجوب بل قد يكون للجامع. فإن قلنا به في مادة الأمر. كان مستعملا على نحو واحد في كلا الأمرين في المثال، ويحتاج إلى كل منهما إلى قرينة خارجية. والمفروض قيام القرينة على الاستحباب في أحدهما. فلا يثبت وجوبه إلا بقرينة، بل هو إلى الاستحباب أقرب. لوجود ما يشبه وحدة السياق في المقام. وأن لم تكن منها حقيقة إلا أنها لعلها هنا أولى، لتعين استعمال الجامع في الحصة الاستحبابية.

 

الوجه الثاني: إننا لو قلنا بالوضع للوجوب خاصة، فأصالة الحقيقة تعينه للوجوب، وإلا كان مجازا . وقد خرج ما دل الدليل على استحبابه، وبقي الباقي مطبقا للأصل. وليس فيه إشكال، إلا سقوط حصة تحليلية من الأمر، ولا إشكال فيه عرفا.

 

 

الوجه الثالث: ظهر أنه يمكن أن نختار من الشقوق الثلاثة التي ذكرها : أنها مستعملة في الوجوب بالوضع، أما مادة أو هيئة. وبه يثبت وجوب غسل الجنابة. مع خروج غسل الجمعة بدليل خارجي. وأما استعماله في الاستحباب أو الجامع فهو مجاز على الفرض. كما لا نحتاج إلى استعماله في كلا المعنيين مستقلا ، ليلزم الاستعمال في أكثر من معنى.

وما بناء على مسلك حكم العقل، فالإشكال فيه مبنائي، وهو بطلان هذا المسلك.

 

أقول ( وهذه الوجوه هي جوابية على الثمرة التي ذكرها السيد باقر الصدر التي نبه على فيما لو ورد أو وجد أمر واحد بشيئين كما لو ورد - أغتسل للجنابة والجمعة - بعد مفروغية علم المكلف من الخارج بأن غسل الجمعة مستحب. فهل يمكن إثبات وجوب غسل الجنابة من هذا الأمر أم لا؟

 

وقد استبعد السيد باقر الصدر إمكانية فهم الوجوب لغسل الجنابة بناء على مسلك الوضع كما هو مبين في المتن فراجع.

 

ففي الوجه الأول: أنه بناء على مسلك الوضع فالوجوب غير واضح بل قد يكون لجامع الطلب. وإذا قلنا به بلحاظ المادة كان مستعملا - اي هذا الوجوب - على - الجنابة والجمعة - معا

وهنا نحتاج إلى قرينة خارجية لكل من غسل الجنابة وغسل الجمعة لمعرفة الوجوب من الاستحباب. والمفروض أن القرينة قائمة على استحباب الثاني - الجمعة - دون الاول - الجنابة –

 

الوجه الثاني: إننا لو قلنا بالوضع بالوجوب خاصة فأصالة الحقيقة هي من عينة الوجوب. وإلا كان مجازا. ومع خروج ما دل الدليل على استحباب الجمعة إذن الباقي بقي طبقا على الأصل وهو أصالة الحقيقة التي يفهم منها الوجوب بالتالي.

 

الوجه الثالث: ظهر وبناء على ما تم ذكره أن نختار شقا من الشقوق الثلاثة التي ذكرها السيد باقر الصدر. أنها مستعملة في الوجوب بالوضع أما مادة أو هيئة. وبه يثبت وجوب غسل الجنابة. مع خروج غسل الجمعة بدليل من الخارج.

 

وأما استعماله في الاستحباب أو الجامع فهو مجاز على الفرض ومعه فلا نحتاج إلى استعماله في كلا المعنيين على نحو مستقل تفاديا من الاستعمال في أكثر من معنى.

 

وأما بناء على مسلك المحقق النائيني وهو مسلك حكم العقل فالإشكال مبنائي إذ يرى بطلان مسلك الوضع.

 

المحقق النائيني: يرى ان صيغة الأمر لبست موضوعة للطلب، ولا غيره من المعاني المذكورة لها. بل غايتها - اي هذه الصيغة الأمرية - إنما هي موضوعة لإيقاع النسبة بين المبدأ والفاعل لدواعي: منها الطلب. ومنها التهديد. ومنها الامتحان. ومنها غير ذلك. وليست الصيغة من أول الأمر مستعملة في الطلب،

ولا المنشأ فيها مفهوم الطلب. إلى آخر ما أفاد النائيني - رحمه الله - إلى أن قال : لا إشكال في استفادة الوجوب منها، إنما الإشكال في طريق استفادة الوجوب منها.

 

وذكر طرق للاستفادة:

 

منها: دعوى وضعها لغة للوجوب وهذه الدعوى بظاهرها - كما ذكر - لا تستقيم، لما عرفت : أن الصيغة لها مادة وهيئة. والمادة موضوعة لمعناها الحدثي، ومفاد الهيئة معنى حرفي.

 

لكونها موضوعة لنسبة المادة إلى الفاعل بالنسبة الإيقاعية. فلا معنى لدعوى وضعها للوجوب.

 

ولا يرى المحقق النائيني غضاضة ودعوى أن أكثرية استعمالها في الاستحباب فيلزم أكثرية المجاز على الحقيقة. إذ لا محذور في البين ما دامت القرينة هي من تحدد وتعين المطلب. مع ان هذه الدعوى عنده فاسدة من أصل.

 

وتوضيح الفساد. يتوقف على بيان حقيقة الوجوب والاستحباب والمائز بينهما. ربما قيل بأن الوجوب عبارة عن الإذن في الفعل مع المنع من الترك والاستحباب عبارة عن الإذن في الفعل مع الرخصة في الترك ، فيكون مفاد كل من الوجوب والاستحباب مركبا من أمرين. وهذا التفسير عنده واضح الفساد لوضوح بساطة مفهوم الوجوب والاستحباب ولذا عدل عن ذلك المتآمرون وجعلوا المائز بين الوجوب والاستحباب هو الشدة والضعف بلحاظ كون الوجوب والاستحباب حقيقة واحدة مقولة بالتشكيك. فالوجوب عبارة عن الطلب الشديد والاستحباب عبارة عن الطلب الضعيف.

 

 

ومع أن المحقق النائيني. لم يتفاعل مع ما ذهب إليه من تأخر في موضوعة المائز بين الوجوب والاستحباب والمقولة التشكيكية. بدعوى أن الطلب لا يقبل الضعف والشدة. بلحاظ كونه طلبا بغاية المحبوبية ومعه فهو على نهج واحد لا تشكيك فيه. لأننا ننظر الي ذلك عرفا لا للغة. ومثل له كالعطشان الذي يرغب بشرب الماء. فطلب الماء بذاته واحد عرفا وللخوف من الهلاك لا ينظر الطالب لهذا الماء كونه باردا أو فاترا فالحركة نحو الطلب واحدة بالتالي..

 

إلى أن قال : وعلى ذلك فقس طلب الآمر ، فإنه لا يختلف بعث الآمر حسب اختلافات ملاكات البعث. بل إنه في كلا المقامين يقول - أفعل - ويبعث المأمور نحو الطلب. ويقول مولويا - أغتسل للجمعة - كما يقول - أغتسل للجنابة –

 

ومن هنا تمسك المحقق بكون الوجوب حكما عقليا. لا أمر شرعي ينشأه الآمر. حتى يكون ذلك مفاد الصيغة ومدلولها اللفظي. ومعنى كونه وجوبا عقليا. هو أن العبد لابد أن ينبعث عن بعث المولى. إلا أن يرد منه ترخيص بعد أن كان المولى قد أعمل ما كان من وظيفته واظهر وبعث وقال مولويا - أفعل –

 

وليس وظيفة المولى أكثر من ذلك.

 

وهنا تصل النوبة لحكم العقل من لزوم الانبعاث. أي انبعاث العبد عن بعث المولى. وهذا هو معنى الوجوب عند المحقق وفقا لمسلكه.

 

وعلى ضوء ما أفاده المحقق النائيني.

 

قال: وبما ذكرنا يندفع ما أشكل:

من أنه كيف يعقل استعمال الصيغة في الأعم من الوجوب والاستحباب، كما ورد في عدة من الأخبار ذكر جملة من الواجبات والمستحبات بصيغة واحدة كقوله - أغتسل للجمعة والجنابة والتوبة - وغير ذلك. إذ لو كان الوجوب معناه شدة الطلب والاستحباب خلافه. لكان الإشكال في محله. بداهة أنه لا يعقل أن يوجد الطلب بلا حد خاص - شدة أو ضعفا - أو قل - لا كلي بلا حد –

 

وأما بناء على مسلكه: فلا معنى للإشكال في معنى الوجوب. بلحاظ ان الطلب لا ينقسم إلى قسمين. بل هو عبارة عن بعث فحسب. والبعث غير مقول بالتشكيك والصيغة في جميع المقامات واحدة بلحاظ الإيقاع - إيقاع النسبة بداعي البعث والتحريك - غايته في بعض المقامات قام الدليل على عدم اللزوم - اي للزوم الانبعاث عن ذلك البعث - وفي بعض المقامات لم يقم،

 

وكيف كان: يرى المحقق النائيني أن الوجوب لا يستفاد من نفس الصيغة وضعا أو انصرافا. بل يستفاد منها بضميمة حكم العقل.

 

بتقريب آخر: الوجوب ليس معناه لغة إلا الثبوت. ومنه قولهم الواجب بالذات والواجب بالغير . ومعنى كونه واجبا بالذات. هو أن ثبوته يكون لنفسه. ولمكان اقتضاء ذاته لا لعلة خارجية تقتضي الثبوت. ومعنى كونه واجبا بالغير . هو ثبوت علة وجوده. اي ان علة وجوده قد تمت وثبتت. هذا في الواجبات التكوينية. وقس عليها الواجبات التشريعية. فإن معنى كون الشيء واجبا شرعا هو ثبوت علة وجوده في عالم التشريع. وليس علة وجوده إلا البعث. فالبعث يقتضي الوجود لو خلي وطبعه. ولم يقم عليه دليل على أن البعث لم يكن للترغيب الذي هو معنى الاستحباب، وليكن هذا معنى قولهم : - إطلاق الصيغة يقتضي الوجوب - انتهى كلام الميرزا النائيني بتصريف مني،

 

وفي قبال ما أورده صاحب مسلك العقل المحقق النائيني.

 

حاول أصحاب مسلك الوضع الدفاع عن مبناهم.

 

بما حاصله: نحن نرى أن ما ذكره المحقق فيه من الضعف ما فيه. ويمكن التفص من الإشكالات التي أثارها المحقق. ببركة التبادر إلى الذهن العرفي المحاوري. الكاشف عن المدلول الوضعي لصيغة - أفعل - هو حكاية إنتساب الإرادة الآمرية لطبيعة من الطبائع وتعلقها بها. فهي مما ينشأ بها النسبة الطلبية المظهرة لإنتساب الإرادة الآمرية إلى المادة التي تتلبس بها الصيغة. فلم توضع الصيغة لأي معنى سوى هذا ،

 

لمحل عدم تبادر غيره منها. وما قيل في استعمالاتها في موارد - التهديد والسخرية - ليست من الاستعمال الحقيقي. بل هو محض إستعمال تجوزي. بالتالي هي لم توضع لإيقاع مطلق النسبة - نسبة الطلب - بين الفاعل والمبدأ ، بل لحصة مخصوصة فقط . وهي النسبة الطلبية.

 

ومن الغرابة ما ذكره النائيني لنفسه بالقول: أن الصيغة لم تستعمل في الطلب. وأن كان إيقاع النسبة بداعي الطلب. بينما في نفس الوقت يدعي أن إيقاع النسبة بداعي الإمتحان يمكن أن يقال عنها أنه طلب؟

فلا معنى لانسلاخ عنوان الطلب عما هو حقيقة فيه. ويعطيه لما لا يصدق عليه إلا بنحو المسامحة.

 

وكيف كان: أن في الأوامر الحقيقية فإن الصيغة حيث كانت من مبرزات تعلق الإرادة الآمرية بمادة ما ، وبالمبرز الصالح للإبراز ، فهي محققات وموجدات الطلب الاصطلاحي ولكن بالمعنى النسبي الربطي.

 

إذن: في الأوامر الحقيقية تكون الصيغة مستعملة في النسبة الطلبية لا غير . وإنكار استعمالها في الطلب مكابرة بينة ومجازفة مردودة ردية.

كما أن الأوامر الإمتحانية لا تختلف صيغتها عن صيغة الأوامر الحقيقية. فهي تحكي عن تعلق ما. للإرادة الآمرية. غاية ما في الأمر مصب الأوامر الإمتحانية يختلف عن مصب الأوامر الحقيقية. فقول - أتني بماء - على نحو الأمر الإمتحاني لا يباين قول - أغتسل - فإن الأمر الإمتحاني وأن لم يكن منصبا للإرادة الآمرية. إلا أن الصيغة حاكية عن إرادة آمرية. غايتها ليس مصبها المتعلق وبما هو هو .

إذن: لا اختلاف في الأمرين الحقيقي الجدي والامتحاني نعم طلب الأمر الجدي اظهر بكثير من الأمر الإمتحاني.

 

وكذا لا معنى وإنكار قابلية الطلب لمقولة التشكيك - شدة وضعفا - إذ أن الطلب ليس شيئا قائما في النفس دون الإرادة أو مباينا لها حتى يصار للإنكار.

 

إذ أن الطلب عين الإرادة بلحاظ المظهرية والمبرزية الصالحة للإظهار والإبراز . ومن المعلوم أن المظهر والمبرز - بالكسر - يتلون بلون المظهر والمبرز - بالفتح –

 

وعليه : لا إرادة في صقع النفس تحدث جزافا. لضرورة احتياجها لقادح وهو لحاظ أتصاف الفعل بالمصلحة والصلاح يختلفة قوة وضعفا تبعا لملاكه والأمر سهل .

 

ويمكن تمثيل ذلك بما حاصله: أن طلب الماء لتفادي الهلاك اوكد من طلب خصوص البارد منه . وهذا ما نلاحظة بالوجدان.

 

 

 

 فقه أصول المنهج (28)

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات