عز الدين البغدادي
هذا المقاتل اليمني يقاتل على عكاز وهو برجل واحدة، انه شجاع بلا شك، وشجاعته خارقة أسطورية. لكن ما هي النتيجة؟ وماذا تحقق لليمن غير الخراب بسبب الأيدلوجيات الفاشلة؟ هل الشجاعة تنحصر في أن تقاتل كما كانت القبائل القديمة تعتقد حيث لا حرمة للحياة ولا قيمة للبناء؟ ألم تكن تجارب الأمم والشعوب، ومضي كل هذه العقود والقرون كافية لأن تكون لنا رؤية أكثر منطقية.
قبل أيام انتحر شابان جميلان رائعان في غزة بسبب انسداد الفقر والأفق وسوء الإدارة المحلية، وبعدها انتحر شخصان في لبنان لنفس السبب، قبلها انتحرت امرأة في الاحواز في إيران لنفس السبب. أما العراق فمصيبة لا تشبهها أي مصيبة، وكارثة لم تمر على أمة، وبلاء لم يقع حتى في زمان التتار.
أنا مع المقاومة، لكن المقاومة العلمية، المقاومة التي تنطلق من الشعب وتعبر عن آماله، وليست المقاومة التي تتحول إلى أداة بيد قوى أجنبية.
المقاومة التي تهدف الى بناء دولة وليست تلك التي لا تعيش الا على حطام الدولة، المقاومة التي تمتلك رؤية سياسية وليس مجرد شعارات تبريرية انتهازية مرحلية، المقاومة لا تحول الشعب الى قطيع من البشر لا يفكر كل واحد فيهم إلا بشيء واحد وهو كيف يملأ بطنه.
قبل 17 سنة التقيت بشخصية سياسية معروفة بحكم رابطة عائلية، كان قد رجع توا من كندا حيث كان يعيش بعد ان قضى سنوات في إيران ولبنان وسوريا، اخبرني يومها أن الجهة الفلانية التي تقاوم الاحتلال في لبنان وكلنا كنا ننظر إليها نظر إعجاب تعيش مشكلة الترف الذي يشيع عند قادتها كثقافة وكسلوك، لم يشكل الأمر صدمة لي لأني كنت اعرف كيف تمضي الأمور في المؤسسات الدينية وهذه الأحزاب تحمل كل أمراض تلك المؤسسات مع زيادة. إلا أنه قال لي بأن هذه الجهة يوما ما ستنتهي بهذا السبب؛ وليس بسبب آخر‼ وهذا ما كان مفاجئا لي.
ليس كافيا أن تنتصر عسكريا، فأكبر نصر لا يعوضه خسارتك لقاعدتك الجماهيرية، بل سيكون بداية لغرور يمنع من رؤية الحقيقة وسماع صوت الشعب.
من يريد أن يستعمل شعبه كرهينة واهم، ومن يعتقد أن القوة يمكن أن تحسم كل شيء فهو واهم، ومن يعتقد أن سلاحه سيبقى الى ظهور الإمام المهدي فهو واهم، في شباط 1963 أسس البعثيون الحرس القومي وكان يقولون بأن رسالتهم خالدة وأنهم قدر الأمة وأنهم وأنهم وأنهم، إلا أنهم سلموا سلاحهم بشكل مهين بعد 9 أشهر فقط لأن قاعدتهم الشعبية كانت صفرا.
المقاومة التي يقودها لصوص ليست مقاومة، بل مجرد عصابات وحسب. واللص الذي يحمل سلاحا ويهتف ضد امريكا لا يمكن ان يصدق لأنه يمكن ان يدخل في تفاهم معها اذا كان يحقق أهدافه، السبب ببساطة لأنه لص بالأصل مقاومة بالعرض.
المقاومة ليست بندقية، بل مشروع، مشروع علم واقتصاد وبناء إنسان. واهم من ذلك مشروع قانون وعدل، ومن لا يدرك ذلك سيتلاشي وينتهي، ومن يعتقد أن السلاح سيحسم له النصر فسوف يفشل ولو كان يملك صواريخ نووية، انه فهم خاطئ انتقده القرآن الكريم حيث قال تعالى: ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون. فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحيوة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ).
0 تعليقات