آخر الأخبار

دروس واقعية عن معنى الحرية





 

عبدالملك سام

 

هناك في الجنوب جربوا معنى ( التحرير ) على أيدي جنود الاحتلال الإماراتي والسعودي ومرتزقتهم ، فظهرت الاغتيالات والتفجيرات وحوادث الاغتصاب ، ومازاد الأمر مرارة هو أن هذا كله كان يتم بينما المرتزق المحلي يلعب دور "القواد" الذي يعطي المعلومات ويقوم بحماية المجرم والتغطية على الجريمة ! ثم تتالت الظواهر الغريبة التي لا تمت للتحرير بصلة ؛ فظهر الفساد بشكل أكبر ، وتلاه السرقة والنهب والفقر وانعدام الخدمات ، ثم زادت التباينات والاختلافات ، وتعددت المآسي حتى صار من الصعب اكتشاف من المسؤول وأين الطريق ؟! وهذا كله ما كان ( ..... ) يبشرنا ويروج له من تحرر على الطريقة السعودية الإماراتية !!

 

في تعز ، قلب الإمارة "الإسلامية" الداعشية ، نموذج آخر وإن تشابهت بعض الآثار ؛ بداية من ملاحقة سكان المدينة القادمين من مناطق أخرى ونهب ممتلكاتهم ، ثم خيبة هؤلاء وعدم قبولهم في الجنوب الذي من اجله خاصموا كل أهل الشمال ، ثم خيبة أخرى تمثلت بالنزاع الذي نشب بين السعودية وقطر وأمتد أثره حتى وصل للأدوات المحلية ، ثم نزاع آخر بين السعودية والأمارات على مناطق النفوذ وكلا يبول في حارة ليثبت ملكيته عليها ، ثم اختلاف اللصوص فيما بينهم حتى وصل الأمر لتكفير بعضهم بعضا ، ومع أدعاء كل طرف بأنه هو من يمثل الإسلام ظهرت حقيقة كل طرف بحسب قدرته على السيطرة على أعصابه ، وأخيرا تجلت أخلاق الجميع بشكل جعل مجرمي الخارج يخجلون أمام ما يشاهدونه في تعز ! هذا ما كان ( .... ) يروج له من تحرير على الطريقة السعودية الإماراتية !!

 

في مأرب كان الوضع مختلفا ، فالكل مشغول بعد النقود سواء تلك التي كانت تأتي من بيع النفط والغاز ، او تلك التي كانت تأتي من بيع الذمم والولاءات للخارج .. المهم ان الجميع كانوا مشغولين بطريقة جني المال وإيجاد طريقة لتهريبه واستثماره في دبي واسطنبول ، فلا صوت يعلو فوق صوت الحزب . مأرب صارت أقرب للشر الخالص الذي منه يتم تصدير باقي الشرور لبقية المحافظات ، وإليها كانت تأتي الطلبات من كل المحافظات ، ومنها كانت ترسل الأسلحة والمؤامرات والتوجيهات إلى كل المحافظات ؛ فالمحافظة القريبة من الحدود كانت مرتعا للخبراء الأمريكيين الصهاينة والذين كانوا يجلسون فيها جنبا إلى جنب مع داعش والقاعدة لإكمال المخطط الذي يستهدف اليمن بأكمله ..

 

هذا هو ما كان ( .... ) يبشرنا به ، ولم يفيد معه وقتها لا كلام ولا أرقام ولا حتى ما شاهده بعينه في تلك المحافظات ! ومؤخرا عاد إلى صنعاء لينعم ببعض الأمان والراحة ، وكما قال لنا فأنه قد تعب ؛ فلا شيء أصعب عليه مما عاناه من صراع داخلي تمثل بنار الحقد التي كانت تشتعل في صدره على "الحوثيين" ، وبين ما يشاهده من حقائق ماثلة من ذل وفساد وعنصرية وتشرذم وخراب كان ينتشر برعاية سعودية إماراتية ، ولكنه في لحظة رأى أن هؤلاء الذين كان يكرههم هم الرجال حقا ، وحقده أتى نتيجة تعبئة خاطئة ومستمرة من قبل من أتى لاحتلال بلاده ومرتزقته .. الحقيقة التي طالما فر منها ولكنه لم يجد بدا من الإقرار بها في الأخير ، فالنموذج الحقيقي للحرية موجود هنا في صنعاء والمحافظات الحرة حقا ، إما تلك المحافظات القابعة تحت وطأة الاحتلال فهي تنتظر التحرير بفارغ الصبر بعد ان تعلمت الدرس .


إرسال تعليق

0 تعليقات