آخر الأخبار

شهادتي حول ملابسات وفاة شقيقي (محمد منير)

 

 





 

 

حازم منير

 

 

 

- محمد منير لم يدخل السجن حتي يصاب بالكورونا في داخله

- أُشهد الله ان شقيقي أشاد بحسن المعاملة و الرعاية الصحية الفائقة و تلبية احتياجاته طوال فترة محبسه

 

منذ اللحظة الأولي التى تلقيت فيها خبر وفاة شقيقي المغفور له بإذن الله محمد منير ، و أنا أشعر بفخر بالغ من الموجات الهادرة المتلاحقة بالدعوة له بالرحمة و المغفرة ، والتي اجتاحت كل مواقع التواصل الاجتماعي ، بصورة لفتت أنظار القاص قبل الداني و من لا يعرف شقيقي قبل من يعرفه .

 

 

لم يخفف الألم عن قلبي ، سوي هذا الحالة من الحب و التضرع الى الله، التى اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ليكتبه الله من الشهداء بإذنه و يُدخله جناته ، و يتقبل توبته و يغفر له و يرحمه ، هذه الحالة التي لا يمكن إغفالها ، دون توجيه الشكر الى أصدقائه و زملائه و محبيه و مريديه علي مواقع التواصل ، حتى هؤلاء الذين لم يلتقوه و لم يعرفوه ، الا من روحه الساخرة و رؤيته الناقدة ، و خفة دمه ، و حدة نقده ، كلهم لهم الإجلال و التقدير ، سواء من كان من أنصاره ، أو الذين كانوا له معارضين ، كلهم من دون استثناء ، امتلاءات كلماتهم بالدموع ، و انطلقت حناجرهم بالدعاء ، لشقيقي الذي أتمني علي الله أن ألقاه قريبا ، و لا يطول فراقنا .

 

 

 

لكل هؤلاء و ليس غيرهم ، أتوجه بهذه الشهادة عن ملابسات وفاة شقيقي ، بعيدا عن التجريح و المزايدة و المتاجرة بوفاة فارس لا يحتاج الى كل هذه الأكاذيب لنضع على رأسه أكاليل الفخار و الاحترام ، و سأقدم لكم هنا وقائع كاملة لمسيرة الراحل من لحظة توقيفه و القبض عليه ، و حتي لحظة وفاته ، و هي الوقائع الشاهد عليها زملاء أفاضل ، تابعوا المسيرة من بدايتها الى نهايتها بكل تفاصيلها كلا في ما كان يختص به ، و هم نقيب الصحفيين الكاتب الصحفي ضياء رشوان ، و أعضاء مجلس النقابة الزملاء الأفاضل محمود كامل ، أيمن عبد المجيد ، محمد سعد عبد الحفيظ ، و نقيب الصحفيين السابق الكاتب الصحفي يحيي قلاش .

 

 

بعد ساعات محدودة من القبض علي شقيقي ، تحرك ركب أمني اقتاده الي نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه ، و ليصدر قرارا بحبسه احتياطيا لمدة 15 يوما على ذمة القضية رقم 535 لسنة 2020 .

 

 

من مقر نيابة امن الدولة بمدينة نصر انتقل شقيقي الراحل ، الي قسم شرطة في وسط محافظة الجيزة حيث قضي ليلته الأولي بحجز مخصص لكبار السن ، و بجهود من نقيب الصحفيين تم نقله الي مستشفي الهرم في اليوم التالي لإجراء الفحوصات الطبية المطلوبة ، نظرا لحالته الصحية و الإمراض الكثيرة التى يشكو منها .

 

 

ظل منير محتجزا بقسم الشرطة طوال فترة الحبس الاحتياطي الأولي ، و لم نشكو طوال هذه الفترة سواء بناته أو هيئة الدفاع عنه أو مني شخصيا ، من أي مضايقات أو منع من زيارته يوميا ( و أحيانا زيارتين او ثلاثة في اليوم ) و ادخال احتياجاته و متطلباته من الدواء و الطعام و الملابس و كل أدوات التعقيم ، و زيارته و الالتقاء معه ، و كل ذلك باحترام و حسن معاملة من كل مسئول بالقسم كبيرا كان او صغيرا ، حتي أننا تمكنا من إدخال مروحة له داخل الحجز لمواجهة موجة الحر المرتفعة .

 

 

خلال هذه الفترة ، كان شقيقي يشكو بعض المشكلات الصحية ، الناجمة عن مكان الاحتجاز ، خصوصا مع الأمراض التي كان يعاني منها ( و سيأتي ذكرها لاحقا ) و كانت تمثل لنا مشكلة حقيقية و خوفا من إلحاق أي أذي به ، لكن الوقت تجاوز هذه المشكلات و التي ساعد على تجاوزها حسن المعاملة و الاستجابة الطيبة من القائمين على مكان الاحتجاز .

 

 

قبل انتهاء فترة الحبس الاحتياطي الأولي ، تم استدعاء شقيقي مجددا الي حيث سلطات التحقيق ، الذين قرروا تجديد حبسه 15 يوما إضافيا ، و توجه شقيقي الي مستشفي الهرم حيث تم عمل مسح طبي له قبل ترحيله الي مستشفي ليمان طره ، حيث بدأت المرحلة الثانية من ملابسات وفاة شقيقي ، و التي بدأت في 1 يوليو و انتهت بإخلاء سبيله اليوم التالي 2 يوليو .

 

 

فور وصوله الي مستشفي ليمان طره ، خضع لفحوصات طبية ، استغرقت حسب ما أبلغني ساعة و نصف ، و قال أنها كانت على أفضل مستوي ، و أخبره الطبيب انه " يخشي " أنه مصاب " بجلطة في القلب - الأمر الذي يستلزم استكمال الفحوصات – حسب ما قال لى - . في حين ظل شقيقي في المستشفي مقيما مع مسجون أخر في حجرة واحدة، و لم يدخل الي السجن نهائيا .

 

 

في اليوم التالي مباشرة لوصوله الي المستشفي تلقيت اتصالا بإخلاء سبيل شقيقي ، و توجهت الي منطقة ليمان طرة ، حيث التقيته و غادرنا بعد انتهاء الإجراءات التى استغرقت قرابة ثلاث ساعات أو اقل قليلا .

 

 

و هنا لنا وقفة ...

 

أولا : لم تطأ قدم محمد منير السجن و لا عنبر النزلاء ، و قضي اليوم بليلته في مستشفي ليمان طره ، و كل من زار السجن نزيلا ، يعرف الفارق المكاني بين السجن حيث عنبر النزلاء و بين مبني المستشفي ، و رغم ان الاثنين يضمهما سور واحد للمنطقة كلها ، الا انه لا يوجد اي اختلاط بين المبنيين ، و شقيقي لم يمض سوي يوم بليلة في المستشفي.

 

ثانيا : مكثنا طوال فترة انتظار انتهاء الإجراءات ، داخل حجرة الضباط ، في حضورهم جميعا ، نتحدث و ندخن و نشرب الشاي و العصائر ، و لو كان شقيقي مصابا بكورونا وقتها ، و قرار إخلاء سبيله جاء بناء علي ذلك حتي و لو من دون إعلان ، ما جلس الضباط معنا قرابة ثلاث ساعات ، و هم يعلمون ان المرحوم مصاب بكورونا .

 

 

 

ثالثا : خلال دردشة بيني و بينه أثناء انتظار انتهاء الإجراءات ، تحدث منير عن حسن المعاملة من الجميع داخل منطقة طرة ، و بالمستشفي الذي أقام به ، و بالأطباء و الفحص الذي تعرض له ، حتى انه فاجئ الضباط بخفة دمه المعتادة ، حين استحسن الفول المدمس الذي تناوله في الصباح . و اصطحبته و أسرتي بعد ذلك الي منزله ، حيث اجري بعض الاتصالات خلال الطريق بالزميل الفاضل العزيز نقيب الصحفيين الكاتب الصحفي ضياء رشوان ، ليطمئنه على الأحوال ، و يخطره ببعض المشاكل الطبية التي تحتاج علاجا سريعا ، خصوصا الجلطة في القلب التي حذر منها طبيب مستشفي ليمان طرة ، و تعهد له النقيب باتخاذ الإجراءات المطلوبة فورا بعد راحة قصيرة في منزله الذي وصله عصر الخميس الثاني من يوليو .

 

 

و سأنقل هنا فقرة من شهادة الزميل الفاضل محمود كامل عضو مجلس النقابة ، عن أحداث يوم السبت الرابع من يوليو بعد خروج منير الى منزله بيومين " شعر الأستاذ محمد منير بأعراض مرضية يوم السبت ( .. ) عقب إخلاء سبيله وأطلق استغاثة عبر صفحته الشخصية، وبناء عليها تواصل معه النقيب الأستاذ ضياء رشوان والزميل أيمن عبدالمجيد رئيس لجنة الرعاية الاجتماعية الذي قام بإرسال خطاب تحويل حجز بمستشفى المعلمين لمنزل الأستاذ محمد منير، إلا أن النقيب ووفقا لاتصالي به يومها أكد أن الأستاذ محمد منير طلب نقله إلى مستشفى الشبراويشي، فقام النقيب بإرسال خطاب تحويل علاج بمستشفى الشبراويشي مع موظف من النقابة للأستاذ محمد منير في منزله، وبناء عليه ذهب إلى المستشفى وأجرى بعض الفحوصات حيث أكدت له الطبيبة وجود مشكلة بالقلب تستلزم علاجا لمدة أسبوع بالمنزل، وأن حجزه بالمستشفى يستلزم التأكد من عدم إصابته بفيروس كورونا وهو ما ليس متاحا بالمستشفى، وعاد بعدها الأستاذ محمد منير لمنزله." انتهي الاقتباس من الزميل الفاضل .

 

 

 

بعد 48 ساعة من الواقعة السابقة ، و تحديدا يوم الاثنين و في أعقاب الفيديو المفاجىء الذي بثه شقيقي عبر فيسبوك ، يستغيث فيه و يطلب مساعدته ، تحركت النقابة بكل ادواتها ، حيث استجاب مجلس الوزراء ، و استجابت وزيرة الصحة فورا ، و تم تحريك سيارة اسعاف لمنزل شقيقي ، و انتقل الى مستشفي ام المصريين ، لتوقيع كشف طبي عاجل ، انتهي كما تم ابلاغي الي تقرير عن احتمالات تصل الي 40% إصابته بفيروس كورونا ، و سرعان ما تم نقله الى مستشفي العجوزة ( العزل ) حيث تم احتجازه في غرفة خاصة ، و بعد فحوصات و متابعات طبية ، تم نقله الى الرعاية المركزة .

 

 

و منذ هذه اللحظة بدأت المرحلة الثالثة في ملابسات وفاة محمد منير :

من وقت إطلاق سراحه الخميس 2 يوليو تردد شقيقي على مركز للأشعة و مشفي للفحص ، ثم دخل يوم الاثنين 6 يوليو مستشفي العجوزة و حتي الاثنين 13 يوليو يوم الوفاة ، كان شقيقي في "العزل " ، و تم سحب هاتفه المحمول ، بسبب القواعد و الإجراءات الخاصة بغرف العناية المركزة ، و بطبيعة العلاج المطلوب ، حيث مارسنا ضغوطا عديدة نقيب الصحفيين و انا ، للسماح بإدخال الموبايل له ، و قوبلت كل محاولاتنا بالاعتذار ، لكن ذلك لم يمنع شقيقي من التواصل معي و مع بناته عبر هواتف البعض من الاطقم الطبية الذين تعاطفوا مع حالته ، و سمحوا له باتصالات سريعة لكنها محدودة ، و كان ينقل لى خلاله حالته ، و لم يضايقه سوي عدم وجود الهاتف المحمول معه .

و هنا واقعة مهمة، حيث نقل شقيقي لابنته ان واحد من الأطباء المعالجين فسر له حالته النفسية بانقطاعه عن العالم الخارجي و عدم التواصل مع الناس ، و حاولنا استخدام هذه الواقعة للضغط من اجل توفير هاتف و لو مؤقت لاتصال حتي و لو معي بإشراف مسئولين ، لكن طلبنا قوبل بالرفض لأسباب طبية ، و ليس لاسباب منعه من التواصل مع الناس و إبلاغهم بحقيقة أوضاعه المتردية ، كما يروج البعض من المرضي النفسيين أصحاب الخيالات المريضة ، لانه كان يتواصل فعليا مع بناته و معي شبه يومي .

 

 

 

علي مدار أسبوع ، كانت حالة منير الصحية مستقرة ، و ليس بشهادتي فقط ، و انما أيضا بشهادة نقيب الصحفيين ، الذي كان يتواصل يوميا مع السيد الدكتور مدير المستشفي ليتلقي منه تقرير شفهيا عن الحالة ، و احيانا مع مكتب السيدة الفاضلة وزيرة الصحة لمتابعة حالته من خلال تقارير الأطباء .

 

 

و اذكر هنا واقعة مهمة ، حين اتصل شقيقي ببناته و معي صباح يوم وفاته ، ثم اجري نقيب الصحفيين السابق الكاتب الصحفي يحيي قلاش اتصالا للتحدث مع منير ، و انتظر قليلا لحين انتهاء الأطباء من متابعتهم لشقيقي و أثناء الانتظار الذي لم يستغرق دقائق ، تلقي اتصالا يخبره بوفاته بدلا من إجراء الاتصال معه ، فقد كان قضاء الله اسبق من الجميع .

 

 

و طبقا لنص شهادة الوفاة الطبية ، فإن السبب المباشر للوفاة نتج عن :

 

 

أ) توقف عضلة القلب .

 

ب) انخفاض شديد في نسبة الأوكسجين بالدم .

 

 

ج) الإصابة بفيروس كورونا المستجد .

 

 

و الجدير بالإشارة هنا تقرير الطبيب الخاص المعالج لشقيقي محمد منير ، و الذي وصف حالته بأنه يعاني من:

 

ا) قصور في الشرايين التاجية

 

ب) قصور في وظائف عضلة القلب

 

ج)التهاب شعبي مزمن

 

د) ارتفاع في الكولستيرول و الدهون الثلاثية و سمنة مفرطة

*****

 

هذه شهادتي و هذا ما عايشته و شاهدته و تابعته ، و معي آخرون :

أولا : شقيقي لم يدخل سجن ليمان طره و يقضي به 15 يوما كما تتحدث بعض التقارير التى توصف بانها حقوقية او كما ذكرت بعض الصحف الأمريكية ، حتي يقول البعض كذبا ، انه أصيب بالكورونا داخل السجن ، ثم ليهلل هؤلاء بانتشار الكورونا في السجون و يطالبون بإطلاق سراح المساجين من أنصارهم لأسباب هم يعلمون قبل غيرهم انهم كاذبون ، فقد أقام شقيقي فترة الحبس ما بين قسم الشرطة و بين مستشفي ليمان طره ، و قضي اياما متنقلا لإجراء اشعات و فحوص علي القلب مختلطا بالعديد من البشر .

 

 

ثانيا : تمت الاستجابة لتوفير كل ما كان مطلوبا لحالة شقيقي الصحية ، من إجراء فحوص ، الي زيارات يومية ، و دخول كل احتياجاته له من أدوية و مستلزمات حياة يومية ، و لقائه بمحاميه و أسرته ، و عقب إخلاء سبيله استجابت السلطات المختصة فورا لطلبات نقابة الصحفيين بعلاجه ، حتي كان قضاء الله .

 

 

ثانيا : شقيقي منير تعرض لتوقيفه و القبض عليه لأسباب نختلف معها و بالتأكيد نتحفظ على تلك الإجراءات و نطالب بإلغائها لكننا نحترمها في الوقت ذاته كونها قانونية ، و لحين إلغائها نطالب بحقوق من يتم توقيفه ، و هو ما اشهد الله ان شقيقي حصل عليها كلها و هو ما أستوجب توجيه الشكر لكل من التزم بتنفيذ هذه الحقوق و أمر بتوفيرها .

 

شقيقي محمد منير بين يدي الله ، فادعوا له بالرحمة و المغفرة .

 

" فمن أظلم ممن افتري على الله كذبا ليُضل الناس بغير علم " صدق الله العظيم .

 

حازم منير

شقيق المغفور له بإذن الله

محمد منير


إرسال تعليق

0 تعليقات