آخر الأخبار

الممر فى مواجهة الخط الأحمر






محمود جابر





مثل سقوط الإخوان فى مصر ضربة قاصمة للعديد من الدول، وللكثير من المشاريع، وبذلك فإن سقوط الإخوان فى مصر كان بمثابة إعلان حرب من جانب مصر على هذه الدول، وهذه المشاريع؛  سواء أدركت مصر أو لم تدرك ....



رعاية الإدارة الأمريكية للإسلام السياسي عن طريق محطات أوروبية ومراكز دراسات تقدم المشورة، وضغوط مستمرة هنا وهناك جعلت من الإخوان شريكا فى السلطة التشريعية فى مصر زمن مبارك، بعد أن تمكن الإخوان من السيطرة على النقابات بشكل كامل، قبل أن يحاول مبارك فرض أسلوب الشراكة بين الإخوان ورجال النظام فى عدد من النقابات منها على سبيل المثال لا الحصر: الصحفيين والمحامين والمهندسين والتجاريين واتحاد الأطباء، وقبلهم نادي أعضاء هيئة التدريس فى الجامعات المصرية ....



هذا وقد مثل حكم مبارك سنوات الحصاد التي بدأت فى عهد سلفه الرئيس السادات، ولما كانت الرعاية لهذا التنظيم تتخطى حدود الإقليم بل رعاية على مستوى القطب الأوحد فى العالم .. فقد أصبح الإخوان المسلمون قوى جاهزة للوصول إلى الحكم ليس فى مصر ولحدها، ولكن، فى العديد من الأقطار العربية، كالعراق التى سقطت فى يد الاحتلال الامريكى 2003، واليمن التى كان تشارك فيها حزب الإخوان مع حزب السلطة ( الإصلاح - المؤتمر) وفى الكويت أصبحت جمعية الإصلاح - الإرشاد سابقا- جزء من تحالف السلطة ورقم صعبا فى البرلمان الكويتي، وإذا وصلنا الى قطر التى احكم الإخوان قبضتهم عليها ومثلت مركزا لإدارة علميات الإخوان فى الإقليم وتمويلهم، والأمر نفسه فى لبنان، مرورا بتونس وحركة النهضة، أو الجزائر والمغرب، وحتى السودان التى قبض الإخوان قبضتهم على السلطة منذ تسليم سوار الذهب السلطة وحتى فيما بعد رحيل البشير ....



لم يستثنى من هذه المعادلة سوى السعودية التي تحاصر الإخوان خارج العمل السياسي - لعدم وجود عمل سياسيا فيها - وبقى الإخوان فيما دون ذلك، وكذلك الإمارات التى أخذت منهجا بعيدا عن الإخوان، إضافة لليبيا زمن القذافى ، رغم اختلاف دوافع ومرتكزات الثلاثة ...



شريان الإخوان الممتد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا فى كل الوطن العربي له ثلاث روابط قوية خارج المنطقة وهم :





- الرابط الغربي وهو الرابط المؤسس والداعم والحارس والمنظم لحركة الإخوان ...



- الرابط الإيراني باعتبار أن الإخوان شركاء فى التنظيم الحاكم لإيران وإيران ترى أن صعود الإخوان سوف يمهد لها الطريق لتوسيع رقعة نفوذها فى الإقليم العربي، لأسباب لا مكان لشرحها هنا.



- الرابط التركى : وهو صاحب مشروع العثمانية الجديدة والذى يرى فى جماعة الإخوان المسلمين انكشارية عسكرية اقتصادية تمهد له ان تكون تركيا وكيلا للغرب فى المنطقة العربية مما يعيد لها أمجاد الإمبراطورية العثمانية التى تحكم وتتحكم فى خيرات الشرق .



إذن جاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتتصادم شاءت أم أبت مع هذا المخطط وهذه القوى من حيث أرادت أو لم ترد ....



ومنذ اللحظة الأولى للثورة اخرج الجميع خناجره وأشهروا سيوفهم فى وجه مصر، ولم يجد النظام المؤقت فى مصر من داعم فى وجه هؤلاء إلا الشارع المصري والجيش المصري وقوتين عربيتين هما السعودية التي تبحث عن طوق نجاة من الإخوان المتغلغلين اجتماعيا ودينيا والإمارات العربية التى ذهبت الى دعم مصر انطلاقا رفضها للإخوان والتي تطمح ان تقوم بدور مستقبلى فى المنطقة يوازى الدور السعودي ولا تريد ان تترك السعودية وحدها ....

 



هذا بالإضافة ان الإدارة المصرية المؤقتة والجيش المصرى تمتع بقدر عالى من الحرفية فى ادارة صراعه مع كل هذه الأطراف حتى لا يفتح معارك فى كل جبهة ويصبح محاصر من كل الجبهات ....





اتفق الأطراف السابق ذكرهم أو روابط الإخوان الثلاثة على استنزاف النظام الجديد عبر ثلاثة معارك على التوالي :





- معركة الإنهاك الداخلى



- معركة سيناء



- معركة الحصار الخارجي :





المعركة الأولى كانت ذات ألوان متعددة ومعارك على كل الجبهات فمن معارك فئوية تطلب بتعديل الرواتب وزيادتها، وتثبيت العمالة المؤقتة، وكلهما يرهق ميزانية الدولة المنهكة. إضافة الى مظاهرات فى كل قرية وكل مدينة محاولة تشتيت جهود السلطة والشرطة حتى تدفع الإدارة الى الدفع بالجيش فى مواجهة المتظاهرين وإحداث فتنة بين الجيش والشعب .



الى معركة سحب السلع وتخزينها، وسحب المواد البترولية وتخزينها، الى معارك جمع العملات المحلية والأجنبية وتخزينها.



كل هذا كان يجرى مع انفجار حملة من الإرهاب والتفجير فى الشوارع والأماكن العامة والمواصلات، واستهداف أركان النظام كما حدث مع النائب العام، ووزير الداخلية وغيره، كل هذا يجرى مع حملة سوشيال ميدا قوية تدار بشكل لحظة مع بث الإشاعات التى يصعب ملاحقتها.....

المهم ان عملية الإنهاك فى الداخل كانت عملية متعددة ومتغيرة وعلى كل مرفق وكل مؤسسة وفى كل مكان .



كل ما سبق شىء واعتصامي رابعة والنهضة شيء أخر، فالأول كان يتمركز فى منطقة حيوية تبدأ من مدينة نصر من حدود جامعة الأزهر وارض المعارض والجندى المجهول بامتداد شارع النصر والشوارع المتفرعة حتى الجامعة العمالية فى الحي السابعة وضم هذا الاعتصام عشرات الآلاف وربما يزيد ... وقد كان هذا الاعتصام مؤمن بالسلاح والرجال ومؤهل للتمدد والتوسع والدخول فى معارك كما حدث فى معركة الحرس الجمهوري .



الاعتصام الثاني فى منطقة الجيزة فى مواجهة جامعة القاهرة وحديثة حيوانات الجيزة ويقطع شريان الحياة عن منطقة مهمة وقريب من مناطق بشرية يقيم فيها تجمعات إرهابية فى إمبابة وكرداسة وميت عقبة ...





- معركة سيناء :



أما فى سيناء التى شهدت اكبر معركة عنف منذ تحرير سيناء من العدو الصهيوني، فكانت عمليات استهداف الجيش والشرطة والمؤسسات والأفراد وشيوخ القبائل والطرق والممر الملاحي لقناة السويس مستفيدين من وفرت السلاح والمعلومات وتمركز هذه العناصر فى محاور إستراتيجية منذ زمن وهذا المعركة لم تكن بعيدة عن دعم الروابط الثلاثة الذين ذكرناهم فى أول المقال .





- معركة الخارج :





ارتكزت معركة الخارج على تصدير البيانات وتوثيق كل تصرفات السلطة أو الادعاء والكذب عليها وأنها سلطة انقلاب عسكرية تقهر الشعب وتقتل الإسلاميين وتحالف السلطة المنقلب عليها، وكلما كانت تهدأ الأمور فى محوري الداخل وسيناء كان محور الخارج يحاول إشعالها من اجل محاصرة السلطة الجديدة وإحراجها دوليا .....





معركة السلطة المؤقتة برئاسة الرئيس المؤقت عدلى منصور ومعه المجلس العسكري للقوات المسلحة لمن تكن معركة سهلة ولا ميسورة .... لمحاصرة هذه المعارك الثلاثة ....



بل وفتح ممر استراتيجي للخروج من هذا الحصار الى شرعنة النظام من خلال دستور جديد يحظى بمراقبة خارجية ودولية وإقليمية، وانتخابات برلمانية تعيد الحياة التشريعية المعطلة، واستكمال البناء المؤسسي المصري لتحويل النظام المؤقت الى نظام دستورى عبر انتخابات رئاسية وانتخابات برلمانية ذات مشاركة كثيفة ورضي شعبى كبير ، ومتابعة مراقبة لم تسجل اى مخالفات او هوى للسلطة الجديدة ....



ولكن رغم كل هذا فان المعارك الثلاثة بقيت على حالها، وكان الهدف منها ان يبقى النظام حتى بعد ان تسلم الحكم الرئيس السيسى خلفا للرئيس المؤقت عدلى منصور، وبعد ان أصبح فى مصر برلمان جديد ....

لكن الرهان كان وما يزال على بقاء هذا الإنهاك والحصار وتوسع اعتصامي رابعة والنهضة حتى تصبحا بؤرة يصعب على النظام تجاوزها، الا انه تجاوز ذلك كلها





عبر أدوات وآليات مكنته ان يفك احد حلقات المعركة ويصنع ممرا أخر للمواجهة معركة سيناء ومعركة الخارج وقد نجح عبر العديد من الإجراءات ان ينهى معركة سيناء ومعركة الخارج وينشأ تحالفات جديدة غيرت موازين القوى لمصر وقفزت مصر فى تصنيع الاقتصاد والجيش الى مستوى لم يسبق لها أن احتلته ....





لكن المعارك فى مواجهة مصر لم تنتهي، وبقى أمام مصر معركتين الأولى فى ليبيا والثانية فى إثيوبيا ....



فهل يستطيع النظام ان يحمى خطوطه الحمراء فى مواجهة ممر الأعداء الثلاثة الذين يواجهون مصر ...



سؤال للحلقة القادمة









 


إرسال تعليق

0 تعليقات