محمود جابر
تمثل ليبيا خزانا من النفط
والغاز على رقعة جغرافية تزيد عن مساحة الدول الأوربية الأكبر مساحة وهى فرنسا وأوكرانيا
واسبانيا والسويد، وتملك ليبيا ثروة بترولية وغاز طبيعي هائل، ولا يزيد عدد سكانها
عن 6 ملايين نسمة .
هذه الثروة الهائلة تتواجد
على جغرافيا لا يوجد فيها حكومة مركزية بل صراع على السلطة منذ أن أطاح الناتو
بالنظام القائم... ومن وقتها فالنظام السياسي مقسم ما بين شرق ليبيا بالجيش
والبرلمان، وحكومة غير كاملة السيادة ولكنها متحالفة مع الناتو وشركائه من
الجماعات الإرهابية وعلى رأسهم الإخوان المسلمين .
ليبيا تمثل طوق نجاة للناتو
من الانعتاق من روسيا التى تعتمد عليها أوروبا فى توريد الغاز عن طريق تركيا .
الولايات المتحدة زعيمة حلف
الناتو تريد ان توسع نشاطها الجيواستراتيجى على حساب فرنسا فى افريقيا من خلال
الافريكوم، وفرنسا تخشى من النفوذ الامريكى المتزايد فى افريقيا ومدخل هذا الصراع
ليبيا.
تركيا تعانى من صراع داخلى
مكتوم ومحموم، وانهيار اقتصادى بفعل حروبها فى الإقليم ونزعتها التوسعية، وتريد
البحث عن مصدر متزايد من النفوذ والثروة ينقذ السلطة الحاكمة من ساعة الحساب التى
توشك ان تقترب، وفى الوقت نفسه تركيا موطىء قدم لحلف الناتو التى هى عضو فيها
ويعتمد عليها الحلف كقاعدة جنوبية فى تحقيق أهدافه الأمنية والإستراتيجية .
تركيا تريد ان تتوسع وتستولى
على ثروات ليبيا وتصبح وكيلا للناتو فى ليبيا وتوسع من نفوذها ونفوذ الناتو وعلى
رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ياتى على حساب فرنسا التى لا تريد لا للأتراك
ولا للأمريكان التجاوز على نفوذها ...
اصطفت تركيا منذ البداية مع
حكومة غرب ليبيا بزعامة السراج وتحالف الإخوان، وخلفها الناتو وأمريكا، وبالتالي
كانت فرنسا فى الواجهة الاخرى مع الجيش الليبى والبرلمان المنتخب بزعامة عقيلة صالح،
وهى بهذا تقف فى نفس المربع المصرى الذى يحافظ على أمنه القومى من خلال الحفاظ على
ما تبقى من ليبيا ودعم الجيش الليبي بزعامة خليفة حفتر والمدعوم من برلمان ليبيا
المنتخب.
فى نفس المربع تقف روسيا
التى تريد الحفاظ على وجودها فى جنوب المتوسط وتبنى قاعدة مثلث من ليبيا ومصر
وسوريا فى مواجهة حلف الناتو الولايات المتحدة الأمريكية تحافظ به على نفوذها
الجيواستراتيجى والاقتصادي، وبالتالى فالمربع الروسى يتمركز فى نفس المربع الذى
تقف فيه كلا من مصر وفرنسا، بالإضافة الى سوريا الحليف الروسي الرئيسي فى المنطقة
والذى يشترك مع مصر فى عداءه من السلوك التوسعى التركى .
وبجانب مصر تقف كلا من
العربية السعودية والإمارات والبحرين .
وقبل ان نرسم إطارا عاما
للتحالف لابد ان نستعرض السلوك التركى فى السيطرة واحتلال ليبيا والمتمثل فى إرسال
ما يزيد عن 20 الف مرتزق من سوريا الى ليبيا، بالإضافة الى بعض من ضباط الجيش
الليبى وبناء قاعدة الوطية وقاعدة بحرية كل هذا لمحاولة عمل تمدد من الغرب الى
الشرق للسيطرة على البترول الليبى .
وجود الإرهابيين حتما سوف
يؤثر على الامن فى مصر، وخاصة ان النظام المصرى الحالى كان رأس حربة فى اقتلاع الإسلام
السياسي من الحكم، وما تزال معارك مصر مع جماعات الإرهاب فى سيناء؛ وعليه فإن
النظام المصرى لن يتهاون فى حماية امن ليبيا من المرتزقة والإرهابيين وهى حماية لأمن
مصر .
وعليه فقد تعهد الرئيس المصرى
بحماية الشرق الليبى ومنطقة الهلال النفطى الذى هو جزء لا يتجزأ من امن مصر والذى
يبدأ من سرت والجفرة .
وتأكد الموقف المصرى بطلب من
البرلمان الليبى المنتخب بطلب الحماية من مصر .
اذا الموقف أصبح مصر مطالبة
بحماية امنها الاستراتيجى والقومى، وحماية امن ليبيا الدولة المجاورة، فى مواجهة
احتلال تركى يريد ان يتمدد فى كل الجغرافيا الليبية ومن هنا فإن الصدام حتمى ...
فماذا لو وقع الصدام ؟
الصدام ان وقع فلن تكون مصر
فى مواجهة تركيا ....
بل ستكون مصر وفرنسا وروسيا
واليونان وسوريا والسعودية والبحرين والإمارات وقبرص ...
فى مواجهة تركيا ومعها ما
تبقى من حلف الناتو وعلى راسهم الولايات المتحدة الأمريكية ....
ومن هنا يمكن ان تلعب الصين
دورا مهما فى الصراع وتدخل فى تصفية حسابات حان وقت تصفيتها مع الولايات المتحدة الأمريكية
...
وهذا ان حدث فلن يكون المعركة
مجرد صدام بين دولتين مصر وتركيا وفقط بل نيران المعركة سوف تمتد فى كل الإقليم من
سوريا والعراق الى مصر وليبيا... مرورا بأوروبا روسيا وحلف الناتو ...
هل من مخرج لهذه الحرب ؟
نعم هناك مخرج وحيد، ويتمثل
هذا المخرج فى نزع الشرعية عن السراج وحكومته غير كاملة الشرعية أصلا، واعتبار
الممثل الحقيقى لليبيا هو برلمانها المنتخب والمتمثل فى عقيلة صالح ...
ووقتها لا يكون لتركيا شأن
فى التدخل فى ليبيا، وتسقط الحجج التركية لهذا التدخل، ولكن حتى يحين هذا الموعد
فعلى العالم كله وعلى رأسه الاتحاد الاوروبى ان يواصل الليل بالنهار لتقريب وجهات
النظر بين الطامحين فى ثروات ليبيا من أمريكا وأوروبا وبين روسيا لتهدأ الأمور
والاتفاق على مخرج مناسب للجميع وقتها يمكن ان تنتهى الأزمة دون خسائر ويخرج
الجميع رابحا، ولكن البديل المقابل هو حرب عالمية ثالثة ...
0 تعليقات