آخر الأخبار

مؤشر الانتخابات يرتفع

 





 

عمر حلمي الغول

 

 

تقديرات خبراء الأزمات السياسية والاقتصادية والحزبية الإسرائيليون باتت ترجح لجوء نتنياهو لخيار الانتخابات في نوفمبر القادم. وهذا الاستنتاج لم يأتِ من فراغ أو إسقاطا رغبويا، إنما يعود لأسباب ذاتية وموضوعية إسرائيلية، ومنها أولا المماطلة في عدم الاتفاق مع الحزب الشريك في الائتلاف الحاكم "مناعة إسرائيل" (مجازا مازالوا يطلقون عليه حزب "ازرق ابيض") على زمن الموازنة العامة، هل ستكون وفق الاتفاق المبرم بينهما لسنتين، أم لسنة حسب رغبة نتنياهو وزمرته في الليكود بهدف وضع العصي في دواليب الاتفاق؟

 

 

 وفي حال استمر الشلل نتاج عدم الاتفاق حتى 25 آب/ أغسطس القادم (2020)، فإن الكنيست بشكل طبيعي وفق المدة الزمنية الممنوحة لهما لإقرار الموازنة تصبح منحلة؛ ثانيا خشية رئيس الحكومة الفاسد من إجراءات محاكمته، التي أقرتها المحكمة، وطالبت بضرورة تكثيف أيام المحاكمة له بقضايا الفساد الثلاث:

 

 

 الرشوة وسوء الأمانة والاحتيال، بحيث تصبح 3 أيام في الأسبوع مع بداية العام، وهو ما يعني عدم تمكن بيبي من إدارة شؤون العمل الحكومي، لأنه سيستنزف بفعل المثول المباشر أمام المحكمة، مما يلزمه بالتخلي عن موقعه طوعا وفق الاتفاق المبرم مع الشريك رئيس الوزراء البديل، الذي لا يثق به في الائتلاف لتولي رئاسة الحكومة، مما يفقده القدرة على الإمساك بزمام الأمور في الحكم، ولهذا ونتاج عدم اطمئنانه لما ستؤول إليه الأمور، يميل لدفع الأمور نحو الانتخابات؛ ثالثا رغم تراجع مكانته ومكانة حزبه في استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أشارت إلى هبوط المنحنى من 40 مقعدا مع تشكل الحكومة أو أكثر قليلا منحدرا إلى 30 مقعدا، غير انه يدرك، انه مازال الممسك بزمام الأمور في أوساط كتلة اليمين، وتراجعه، لايعني تراجع كتلة اليمين المتطرف واليمين الديني الصهيوني، وما يفقده من اليد اليمنى يحصل عليه باليد اليسرى، لإدراكه عدم وجود منافس قوي لتولي رئاسة الحكومة بعد ان خصى أقرانه في الليكود، ولاعتقاده الجازم ان زعيم "يمينا" بينت حتى لو حصل على 15 مقعدا، فلن يعطيه الإمكانية لتشكل الحكومة، وسيبقى محتاجا للحاوي؛ رابعا ازدياد مساحة وعدد الرافضين لبقائه في الحكم، وهذا ما يلاحظ من خلال المظاهرات شبه اليومية التي تجري في طول وعرض إسرائيل وخاصة في شارع بلفور، صحيح إنها مازالت مظاهرات محدودة العدد، لكنها قد تتصاعد مع اشتداد الأزمات الاقتصادية والصحية والسياسية، وبالتالي يفضل التوجه لصناديق الانتخابات كأحد المخارج الواقعية من المأزق القائم؛ خامسا ارتفاع نسبة البطالة في إسرائيل، حيث تشير التقديرات إلى ان نسبة البطالة في إرتفاع مستمر، وطالت حتى الآن ما يقارب المليون ومئتي ألف عاطل عن العمل، وتصل النسبة إلى ما يزيد عن ال15%، ما يزيد على خمسهم لا يحصل على مساعدات نهائيا، وهذا أدى بالضرورة لانخفاض القدرة الشرائية في أوساط المجتمع الإسرائيلي عموما والطبقات والشرائح الاجتماعية والطبقية الصغيرة والمتوسطة خصوصا.

 

 

كما ان الإضرابات آخذة في التصاعد، إضراب الممرضون، وإضراب العاملون الاجتماعيون، صحيح جرى تقطيب جروحها، لكن الأمر لا يتوقف عند ما تم، لأنه مفتوح على الأفق الواسع، خاصة وان نسبة الدين العام ازدادت إلى 75% من الناتج العام. سادسا أزمة الكورونا تسير في خط بياني تصاعدي، حيث كانت التقديرات في ايار الماضي أن تتراجع، بيد ان الموجة الثانية تصاعدت بشكل ملفت، وفق إحصائيات وتقديرات الجهات الحكومية ذات الاختصاص، وهو ما يهدد بمضاعفة الأزمات الاقتصادية والصحية.

 

 

النتيجة المنطقية من وجهة نظر نتنياهو وللحفاظ على مكانته وموقعه يكون التوجه للانتخابات الرابعة في نوفمبر القادم، والإتيان بحليف جديد يركن إليه، هو الخيار الأمثل، والأقل تكلفة بالنسبة له ولمستقبله السياسي، وبحيث يستبق الانتخابات بالاندفاع نحو تنفيذ عملية الضم للأغوار الفلسطينية، وبذلك يضاعف من رصيده في أوساط الشارع اليميني والحريديمي الصهيوني، ويكون بذلك تخلص من حليف غير مؤتمن، بات عبءً عليه، وهو ما يسمى "ازرق ابيض"، الذي يثقل عليه همومه، ويضعه بشكل مستمر في دوامة التوتر.

 

 

مع ذلك حصلت الانتخابات (وانا من الأشخاص المقتنعين بانها قادمة قريبا) او لم تحصل، فإن ذلك بالضرورة يؤشر لعمق الأزمة، غير ان عدم حصولها لا يعني أن الدولة الإسرائيلية خرجت من أزماتها العميقة، وباتت في بر الأمان. العكس صحيح فمستقبل إسرائيل كله على صفيح ساخن، والمستقبل غير البعيد بالضرورة يحمل الجواب.


إرسال تعليق

0 تعليقات