آخر الأخبار

متى يعي الأكراد الدرس؟



 

عز الدين البغدادي

 

 

الحراك الكردي في شمال العراق كلّف العراق (عربا وأكرادا) الكثير الكثير من التضحيات بالأرواح والأموال، ودفع العراق للتنازل عن أجزاء من أرضه.. خسر الشعب الكردي الكثير من أبنائه وشبابه في حركات كان يقودها زعماء قبليون لهم مصالحهم الإقطاعية الخاصة..

 

 

 

من الناحية السياسية لا يوجد أي أمل للأكراد بالحصول على حقوق قومية في تركيا أو إيران أو سوريا، فضلا عن أن يكون لهم كيان خاص بهم بأي نحو كان. والبلد الوحيد الذي حصلوا فيه على امتيازات كبيرة هو العراق، لا سيما منذ 1970 وما بعدها.. وأما بعد 2003 فقد حصل الأكراد على وضع لم يكن لأحدٍ في أي مكان أو زمان أن يحلم به، فرغم أن النظام هو فدرالي إلا أن واقع الحال أنهم تحولوا الى حالة تشبه حالة دولة مستقلة تأخذ ميزانيتها من دولة أخرى.. حصل الأكراد على امتيازات لا يمكن لأي بلد أن يحصل عليه سواء من حصة الإقليم أو من الميزانية المركزية أو من أعداد الفضائيين الضخمة في دوائر الإقليم فضلا عن طرق ملتوية اخرى لا تعد ولا تحصى. تحولت الأحزاب الى إمبراطوريات مالية ضخمة، وصارت هي التي تحدد مسار العمل السياسي في بغداد بعد ان عرفت كيف تدير الصراع السني الشيعي لصالحها.

 

 

بأي حال ولا نريد أن نتحدث عما حصل في احتلال داعش للموصل وغيرها، ولا في استفتاء الانفصال وما تلاه من أحداث. إلا أن واقع الحال أثبت بأن تجربة شمال العراق بايجابياتها عندما تقاس بالوسط والجنوب كانت تجربة هشة جدا، فالوضع الاقتصادي صعب جدا وحكومة الاقليم لم تنجح ببناء اقتصاد ناجح، مع كل هذه الإمكانيات هناك عجز عن توفير رواتب للموظفين. البشمركة يقفون الآن في موقف ضعف أمام حركة حزب العمال الكردستاني التي احتلت قضاء سنجار بأكمله بنواحيها سنوني وخانصور، مع ناحية القحطانية التابعة لقضاء البعاج. فهي لا تستطيع أن تطرد العمال الكردستاني ولا تستطيع أن تقف بوجه الأتراك، وهناك عجز عن حماية الإقليم رغم عشرات الآلاف من قوات البيشمركة، وكالعادة يطالب الإقليم المركز بالتدخل.

 

 

أضف الى ذلك فإن المفاوضات التي أجريت في بغداد بين المركز وأربيل فشلت فشلا ذريعا حيث تصر حكومة الكاظمي على أن تسلم حكومة الإقليم كل المنافذ مع كل واردات الإقليم من النفط.

 

 

العصر الذهبي لحكومة الإقليم انتهى، وأتمنى أن يعي أخواننا الأكراد أنّ عراقا قويا يأخذون فيه حقوقهم كاملة كمواطنين محترمين خير لهم من سيطر الأسر السياسية الفاسدة التي بلغت ثرواتها المليارات دون أن تتمكن من إنشاء بنى تحتية أو اقتصادية ناجحة. فلا يمكن إطلاقا ان تتوفر لهم فرصة كما توفرت لهم في العراق، ولم يحسنوا استغلالها بشكل صحيح لبناء تجربة ناجحة بسبب العقلية العشائرية المستبدة التي لم ولن تبني..

 

 

 

فشل قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق مع كل هذه الظروف المساعدة التي لن تتكرر يثبت أن هذا الحلم في حكم المستحيل وأن على أبناء شعبنا الكردي أن يتركوا العيش في أحلام لا تنتج لهم الا الدمار حتى يمكن ان يعيشوا مع أخوتهم في الوطن بظروف محترمة وإنسانية.


إرسال تعليق

0 تعليقات