عمر حلمي الغول
النشاط السياسي والدبلوماسي
الفلسطيني والعربي والأمي الهادف لإحياء عملية التسوية السياسية ومواجهة صفقة
القرن الترامبية المشؤومة، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وحقوق ومصالح الشعب
العربي الفلسطيني العليا أمر في غاية الأهمية والضرورة، وخاصة في هذه المرحلة
الحرجة، التي تشهد تغولا إسرائيليا غير مسبوق يقوده رجل مهووس بكرسي الحكم، ويتكئ
على قوى اليمين الصهيوني الفاشي، وأيضا مدعوم من رجل أكثر هوسا وجنونا بالحكم
والشعوذة يقود الإمبراطورية الأميركية.
كما وتتجلى أهمية الفعل الدبلوماسي في محطة
نوعية من صيرورة البشرية، حيث يمر العالم في حالة من اللا توازن، والتفكك،
والأزمات البنيوية العميقة المتفشية في أصقاع الدنيا عموما، وبين الأقطاب الدولية
خصوصا. لا سيما وان التاريخ ينتظر نشوء وولادة نظام عالمي جديد في أعقاب المخاض
العاصف منذ عام 2008 حتى اللحظة، وهذا يفرض فرضا على قيادة منظمة التحرير إبقاء
القضية الفلسطينية، وعملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي حاضرة في
المشهد المحلي والعربي والإقليمي والدولي، وعدم السماح بانطفاء جذوتها.
وعليه فإن كل اجتماع
أو قمة ضيقة أو موسعة وعلى كل المستويات يخدم الغاية المذكورة آنفا. بيد أن الاجتماعات
والقمم ما لم ترتقِ لمستوى التطورات الجارفة والعاصفة في المنطقة والعالم، سيكون
مردودها ضعيفا، ومحدود النتائج. دون ان يعني ذلك عدم مباركة وتثمين هذا الجهد والنشاط أو ذاك.
أمس الثلاثاء الموافق
7 تموز / يوليو الحالي (2020) عقدت قمتان عبر الفيديو كونفرس بادرت بالدعوة للاجتماعين
العربي الأوروبي والعربي العربي المملكة الأردنية الهاشمية، وشارك في الاجتماع
الأول: كل من: أيمن الصفدي، وزير خارجية الأردن، وسامح شكري، وزير خارجية مصر،
ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا والأمين العام للجهاز الأوروبي لبحث مستجدات القضية
الفلسطينية. وأكدوا جميعا رفضهم سياسة الضم الإسرائيلية، لأنها تمثل انتهاكا صارخا
للقانون الدولي، وجددوا تمسكهم بخيار السلام الممكن والمقبول وخيار حل الدولتين
على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتوعدوا إسرائيل بإجراءات غير حميدة في حال أقدمت
على عملية الضم، لاعتقادهم، ان هكذا خطوة سيكون لها "عواقب خطيرة على أمن واستقرار
المنطقة، وستشكل عقبة كبيرة أمام جهود تحقيق سلام شامل وعادل".
وعقد الاجتماع العربي
الثاني أيضا أمس الثلاثاء عبر ذات الآلية، وحضره وزراء خارجية الأردن، الإمارات
العربية، السعودية، مصر، والمغرب وفلسطين.
وهذه الدول، هي أعضاء
الوفد الوزاري العربي المنبثق عن لجنة مبادرة السلام العربية. كما وشارك أيضا فيه
كل من وزراء خارجية تونس، العضو العربي في مجلس الأمن، وسلطنة عُمان، رئيس الدورة
العادية الحالية لمجلس الجامعة العربية، والكويت، العضو السابق في مجلس الأمن
بالإضافة للأمين العام للجامعة العربية، وأصدروا في نهاية الاجتماع بيانا سياسيا
يستجيب سياسيا مع محددات الموقف الوطني الفلسطيني والقمم العربية المتعاقبة،
وأكدوا على الثوابت الوطنية الفلسطينية، وتمسكوا بمبادرة السلام العربية كأساس
للحل مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران
عام 1967.
مما لا شك فيه، ان
مبادرة الشقيقة الأردن لعقد الاجتماعين أمس تعتبر مبادرة شجاعة ومسؤولة، وتضفي
الجدية على مواقفه تجاه ما يجري على الأرض الفلسطينية من جرائم حرب صهيونية تستهدف
فيما تستهدف المملكة الأردنية بشكل مباشر، وليس غير مباشر. كما ان مشاركة الدول
الأوروبية (فرنسا وألمانيا وممثل الإتحاد الأوروبي) ووزراء الخارجية العرب
المذكورين آنفا تعتبر خطوة إيجابية، وتحسب لهم ولدولهم.
لكن ليسمح لي المشاركون
في الاجتماعين اعتبار اجتماعيهما تقليديان، ولم يخرجا عن السقف السياسي والدبلوماسي
المعتاد، والذي لا يتجاوز ما هو مسموح به أميركيا وإسرائيليا.
مع ان الضرورة تحتم
على النظام الرسمي العربي، ودول الإتحاد الأوروبي الخروج من عنق الزجاجة الأميركية
الإسرائيلية، إن كانوا فعلا معنيين بتطبيق وتنفيذ مبادرة السلام العربية وفق
محدداتها الأساسية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني
الإسرائيلي. أي كان مطلوبا تضمين البيان والمواقف المعلنة في الاجتماعين وضع
النقاط على الحروف، ووضع أسس وقواعد لفرض العقوبات السياسية والدبلوماسية
والتجارية والأمنية على دولة الأبرتهايد الفاشية الإسرائيلية، والرفض المطلق
للصفقة المشؤومة، وإدانة كل لقاء تساوق معها في أميركا أو العالم العربي، والدعوة
الجدية لوقف فوري ومباشر لعمليات التطبيع المجانية مع دولة الاستعمار الإسرائيلية.
خاصة وان بعض الدولة المشاركة في الاجتماع الأخير متورطة مباشرة في التطبيع
المجاني، وتقديم الدعم المالي والمعنوي والسياسي لدولة فلسطين، وليس استجداء
إسرائيل الكف عن الضم وجرائم الحرب الأخرى.
مرة أخرى شكرا لكل من
ساهم وشارك في الاجتماعين. بيد ان المصداقية تفرض المكاشفة للأشقاء والأصدقاء، أن
كنتم تريدون حماية خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967،
عليكم فرض العقوبات فورا على حكومة نتنياهو، ووقف التطبيع مع إسرائيل بكل إشكاله،
دون ذلك ستبقى اجتماعاتكم على أهمية بياناتها، مجرد اجتماعات شكلية، لن تؤثر في
وقف الفجور والتغول النتنياهوي الترامبي.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
0 تعليقات