عز الدين البغدادي
أي عبادة عندما تفقد
جانب الوعي فإنها تتحول الى حالة جامدة غير مؤثرة، وربما تنقلب آثارها بشكل سلبي،
ومن أبرز تلك العبادات عبادة الحج. فكثير من الناس لا سيما الأغنياء مغرمون بالحج،
تجد احدهم قد ذهب الحج والعمرة مرات كثيرة جدا، وعندهم من الفقراء الكثيرون ممّن
لا يجدون ما يسدّون به حاجتَهُم، ويمكن هنا أن ننظر إلى نموذجين راقيين في الوعي:
كان الإمام محمد بن
عليّ الباقر يقول: لأن أعولَ أهلَ بيت من المسلمين وأشبع جوعتهم وأكسو عُريَهُم
وأكفّ وجوههم عن الناس؛ أحبّ إليَّ من أن أحجّ حجّة وحجّةً وحجّة حتى انتهى إلى
عشرة، مثلها ثم قال: ومثلها حتى انتهى إلى سبعين.
ومن عجائب القصص ما
روي عن عبدالله بن المبارك، وكان خرج مرة إلى الحج فاجتاز مع رفة له بعض البلاد
فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابُه أمامه وتخلّف هو وراءهم.
فإذا به يرى فتاة قد خرجت من دارٍ قريبة منها، نظرت هنا وهناك فلما لم تر أحدا
أخذت ذلك الطائر الميت، ثم لفّته ثم أسرعت به إلى الدار.
فلما رآها نادى بها،
توقفت وسأله عن أمرها وعن سبب أخذها الدجاجة الميتة فقالت:
أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وليس
لنا قوتٌ إلا ما يُلقى على هذه المزبلة!
وقد حلّت لنا المَيتة
منذ أيام، وكان أبونا له مالٌ، فظلم وأخذ ماله وقتل.
التفت إلى وكيله وسأله: كم معك من النفقة؟
قال: ألف دينار، قال:
عدّ منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو وأعطِها الباقي، فهذا أفضلُ من حجّنا في هذا
العام ثم رجع.
نعم، قال لهم: ارجعوا،
سألوه: لماذا؟
ماذا تقول؟ قال لهم: ارجعوا
فقد بلغنا الحج.
اعرف شخصا ثريا له
يذهب الى الحج والعمرة والزيارات وما الى ذلك وينفق على ذلك الأموال، وعنده إخوان
ضعيفا الحال فقيران، وهو لا يساعدهما في شيء.
من كانت لهم نية للحج
أو العمرة ولم يتح لهم ذلك، أتمنى لو أنهم صرفوا جزء من أموالهم للفقراء والمرضى
أو غيرهم من أهل الحاجات، سيجد الله عندهم كما في الحديث القدسي "أنا عند
المنكسرة قلوبهم".
(يصادف اليوم ذكرى
وفاة الإمام الباقر ع)
0 تعليقات