محمود جابر
حكمت الإمبراطورية الرومانية أجزاء كبيرة من العالم وخاصة حوض البحر الأبيض المتوسط كاملا من الشام إلى اسبانيا والمغرب العربي على طول السواحل الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط، وتعتبر هذه الإمبراطورية التي أصبحت الرومانية الشرقية أو البيزنطية هى المعلم الأكبر والملهم للإمبراطورية البريطانية – التي لا تغيب عنها الشمس – فالأولى حكمت مساحة جغرافية شاسعة يسكنها عدد من السكان متنوع الاعتقاد الوثني قبل المسيحية، وعاصرت ميلاد المسيح والمسيحية، وحاربتها، ثم استوعبتها كقوى دافعه لقوة الإمبراطورية وأصبح الإمبراطور الروماني هو ممثل الكنيسة واستطاع ان يعيد صياغة محددات عقائدية من خلال المجامع الكنسية وفقا لمصالحه، وهذه الإمبراطورية عاصرة ميلاد الإسلام وجرى بينهما حرب فى تبوك ومؤتة وفتح الشام ومصر وشمال إفريقيا وظلت قائمة حتى نهاية الحروب الصليبية .
واتبعت الرومانية البيزنطية عددا من التكتيكات الكبرى فى مواجهة الإسلام منها إعلان الحرب عليه، فلما عجزت عن المواجهة المباشرة حاربت الإسلام من الداخل من خلال جماعات ( المسلمين غير المسلمين) الذين مثلوا طابورا خامسا فى الإسلام لم ينتهى يوما من الأيام، حتى استطاعت بريطانيا العظمى التقاط هذا الخيط وهذه الجماعات حتى تتمكن من حكم جغرافيا متعددة الأعراق والديانات فى بلدان كثيرة من وسط آسيا وجنوب العالم فى استراليا وحتى أطراف إفريقيا وأمريكا .
ولكن ما يهمنا فى هذا كله بالنسبة للإمبراطورية البريطانية كيف كان سلوكها فى مواجهة المسلمين، ودراسة أهم مشروع لها فى العالم الاسلامى وهو الإخوان المسلمين هذا التنظيم الذى رغم كل ما كتب عنه فما يزال يعانى من غموض بالغ على مستوى التنظير والتكوين والعمل والارتباط وأهمها الانبعاث أو الميلاد .
الحديث عن جماعة الإخوان وظروف نشأتها والهدف منها محل الكثير من التأويلات، إلا أن معظم الكتب والتنظيرات خرجت مؤخرًا بعد سقوط الجماعة فى مصر وعدد من الدول العربية، وقبل 36 عامًا صدر كتاب يحمل عنوان «رهينة فى قبضة الخمينى» للكاتب روبرت دريفس، والذى يسرد آلاف التفاصيل الدقيقة لتوضيح دور المخابرات البريطانية فى نشأة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، فضلاً عن العلاقات بين أجهزة المخابرات الدولية وعدد من الرموز والشخصيات البارزة فى العالم الإسلامي فى الدول ذات الأغلبية السنية أو الشيعية على السواء.
الفصل الخامس من الكتاب يحمل عنوان " الإخوان المسلمون- مكيدة بريطانيا"...
يفتتح الكاتب الفصل بـ "ليس لدينا أى مانع من الصعود إلى القمر، أو بناء المنشآت النووية"، هكذا قال الخمينى فى مؤلفه ( الكتاب الحكومة الإسلامية)، ولكن علينا مهمة لابد ان ننجزها: إنها خدمة الإسلام وإبلاغ أصوله الربانية للعالمين جميعا، أملا فى ان يدرك جميع ملوك ورؤساء دول العالم الإسلامي فى النهاية إن القضية التى ندافع عنها قضية عادلة، وعلى أساس تلك الحقيقة المجردة يدينون لنا بالخضوع والإذعان، وما من شك فى أننا ليس لدينا اى رغبة فى سلب ما فى أيديهم من مهام، بل إننا سوف نسمح لهم بالإمساك بالسلطة ما داموا يلتزمون السمع والطاعة لنا ويستحقون الثقة التى منحناهم إياها". الخميني الحكومة الإسلامية ...
يروى الكتاب الدور الذى بذلته إدارة كارتر فى التواطؤ مع البريطانيين لتنصيب قائد الثورة الإيرانية الخمينى حاكمًا، ويدين عدد من القيادات على أعلى مستوى داخل الولايات المتحدة ممن قدموا العون والتأييد لآيات الله «المستذئبين وكيانهم السري الإخوان المسلمين»، وكيف اعتمدت بريطانيا على دعم الطوائف والجماعات الدينية فى الشرق الأوسط للتأكيد فى محاولة للتصدي لأية أفكار استنارية وعلمية، محاولة تصدير الفكر الأصولى دائمًا الذى يرفض الحداثة والعلم ويتمثل بكل ما لا يتماشى مع العصر الحديث، ويشرح الكتاب دور عدد من الشخصيات الدينية البارزة فى خدمة الماسونية العالمية فى تنفيذ خطتها فى المنطقة وتحقيق بعض الأهداف التى ربما نشهد جزء كبير منها الآن فى سوريا والعراق وليبيا وغيرها من البلدان العربية.
وبالرجوع للمقولة التى افتتح بها الكاتب الفصل والمقتبسة من الخمينى « أننا ليس لدينا أى رغبة فى سلب ما فى أيديهم» هو تأكيد لولائه للجماعة لا للإسلام كما زعم .
ويؤرخ الكتاب فكرة الاعتماد على جماعة الإخوان المسلمين ودعمها من قبل الجهات التى أرادت انتشارهم لتنفيذ ما يريدون، مدللًا على ذلك بأنه ما كان ممكنًا للجماعة التواجد حتى اليوم لـولا حقيقـة مفادهـا أن مستشـرقى جامعـات أكسـفورد وكامبريدج البريطانية قاموا بتتبع العناصر الأكثر تخلفًا فى الثقافة الإسلامية وتدوين ملاحظـات عنـها وغرسـها بعناية، ومن ثم جاءت جماعة الإخوان نتيجة التنظيم الصبور من جانب عملاء لنـدن فى العـالم الإسـلامى، مـن أمثال ت.ى. لورنس الشهير (لورنس العرب)، وويلفريـد سـكاوين بلانـت، وإ. ج. بـراون، وهـارى سـان جون فيلبى، وأرنولد تونيبى، وبرتراند راسل.
ويشير الكاتب إلى أنه عبر التاريخ تم الدفع بالرموز الرجعيين وتلميعهم لمناهضة أية طفرة علمية عقلانية حقيقية فى بلاد العرب، مشيرًا إلى أن أكبر مؤيدى مبادئ مناهضة العلم، والصوفية، وإنكار المبادئ الفلسفية الوجودية، كان من أمثـال العشارى فى القرن التاسع (أبو الحسن على بن إسماعيل العشارى، مؤسس ما يعرف بالمدرسة العشارية الأصـولية فى الإسـلام)، وأبى حامد الغزالى فى القرن الحادى عشر، واتهمهم بأنهم كانوا عملاء لطبقة القبائل الوثنية فى الإمبراطورية الرومانية وتحالف التجار ( المسلمون غير المسلمين) والذى كان يمثلهم أسرة أبو سفيان، والذين حاولوا إفساد الدين من الداخل، بعد ان عجزوا عن هدمه من الخارج. وكان عدو النبى محمد والإسلام القبائل الوثنية الجاهلة التى ظلت متنكرة ومدفونة فى البيئة الإسلامية وهى من وفرت الجذور التاريخية لنبت الإخوان المسلمين .
كان التحالف الخفى لعشائر شبه الجزيرة العربية الجاهلية قائما رعاة هذا التيار من كبار نخبة تجار مكة الخاضعين للأسرة السفيانية وغيرهم، ورغم اعتناقهم للإسلام رسميا لم يعتقدوا عقيدة القرآن، ومن ثم كانوا ( المسلمين غير المسلمين) وقد حافظوا سرا على تحالف ضد الإسلام مع الكهنة البيزنطيين، ومسئووليهم فى مصر والشام، وعشيرة مانشيان فى بلاد فارس.
وفى فترة الخلافة الإسلامية الكبيرة كان هؤلاء العلماء أمثال العشارى وأبو حامد الغزالى يعملون بأجر لصالح الطبقة الأرسـتقراطية المشار إليها، وأنهم سعوا لتفكيك التوجه العقلانى الناشئ، الذى بدا واضـحًا بدرجـة كـبيرة فى أعمال عباقرة العلوم الإنسانية مثل الفارابى وابن سينا وحسن بن الصباح، وأنه كان الهدف الدائم هو إقناع العالم الإسلامى بأن ثقافته التخلف واللا عقلانية.
ثم يدلل الكاتب فى العلاقة ما بين مرجعية « العشارى والغزالى فى التأصيل للأصولية ومد الرجعية والتخلف لتدمير كافة النظريات العقلانية، قائلاً إن البريطانيين قد درسوا أعمال الغزالى لاستخدامه فى التأسيس طائفة التخلف التى تحولت فيما بعد إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ويشير الكتاب، إلى أنه ما بين القرنين الحادى عشر والرابع عشر انتشر كتابات الغزالى بشكل كبير، وتسبب فى انهيار الحركة الإنسانية الإسلامية والنهضوية، والتى كانت بمثابة انهيار الحضارة الإسلامية.
يربط الكاتب ما بين عدد من الحركات والتحركات فى دول مختلفة ليصل عبرها إلى التدليل على أصولية حركة جماعة الإخوان المسلمين، وكيف كان جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وحسن البنا عملاء لدى الحركة الماسونية العالمية، بحسب قول الكاتب.
ويوضح الكاتب، كيف استغلت بريطانيا الحركات الصوفية كأداة توغل استعمارية إلى الشرق الأوسط، حيث أسسـت الأرستقراطية البريطانية، التى بدأت فى القرن السابع عشر، تنشئ لنفسها عددًا مـن مراكـز المخـابرات السياسـية فى العالم الإسلامي، وفى ظل التوسع التدريجى للإمبراطوريـة البريطانيـة عـن طريـق شـركة إيسـت إنـديا وشـركة ليفانت.
إكسفورد والأفغانى
تم تأسيس حركة اكسفورد فى العشرينات من القرن التاسع عشر على يد النخبة البريطانية التى تعمل فى إطار الإصلاح الدينى برعاية، وتحظى بتنظيم جامعة أكسفورد والكنيسـة الإنجيليـة والكليـة الملكيـة فى جامعة لندن، وأدت هذه الحركة إلى استحداث نوع جديد من البعثات التبشيرية، تتمثل مهمته فى نشر الإنجيل الفاسد لحركة أكسفورد فى أجزاء أخرى من العالم، وكانت مظلة هذه الحركة المذهب الاسكتلندى من الماسونية الحرة.
تم تكليف بعثات حركة أكسفورد ببناء فروع تابعة للمذهب الاسكتلندى فى كل أنحاء الإمبراطوريـة إلا أنها رأت أن منطقة الشرق الأوسط من الأفضل فيها عدم رد المسلمين عن دينهم وإنما استخدامهم بحيث يصبحون يتوافقون فى النهج مع أهدافهم وبذلك يكون تأثيرهم أقوى وقد استقروا على الصوفية بحيث إنها متوافقة مع المذهب، وكان أفراد العائلة المالكة هم رعاة المذهب وممولى التحركات والحركات الصوفية لتنفيذ مشروع الطوائف البريطانى، من أمثال هؤلاء بنجامين دزرائيلى ولورد بالميرستون ولورد شافتسبيرى، وإدوارد بالوير-لايتون.
ويتابع الكتاب أن أول مشروع كان لتلك الحركة فى القرن التاسع عشر كانت الحركة البهائية التى بدأت كطائفة راديكالية تؤمن بالمسيح أو المهدى المنتظر فى بلاد فارس، والتى أفرخت جمال الدين الأفغانى فيما بعد تمددها وانتشارها فى بلاد أسيا حتى اصبح محفلها الرئيسى فى مدينة حيفا بفلسطين المحتلة، الكاتب أشار إلى عدة تقرير تفيد بأنه الافغانى ولد فى مكـان مـا فى آسـيا الوسـطى، فى كـابول، أفغانستان، وأنه ولد يهوديـًا، إلا أنه سرعان ما ترقى أخويات الصوفية العديدة التى غطت ذلك الجزء من آسيا، ثم أصبح حاملًا للواء الأساسي للحركة الأصـولية الـتى عانقـت الصوفيين والبهائيين والماسونيين الأحرار طوال أربعين عامًا.
وبحسب الكاتب، بدأت العلاقة بعد ذلك بين الأفغاني والمـرزا محمـد البـاقر، أحـد الشـركاء الأفغان فى الطائفة البهائية الفارسية، والذى وصف بأنـه «شيعي نـاجح ومحمدي ودرويش ومسيحي وملحد ويهودي» والذى استكمل رحلاته بوضع تفاصيل نظام ديني خـاص بـه أطلق عليه اسم «المسيحية الإسلامية».
بدأت مسيرة الأفغاني فى ١٨٧٠،عندما تقلد منصب فى مجلس التعليم فى اسطنبول، ورئيس وزراء أفغانسـتان عـام ١٨٦٦ وحافظ على علاقات وثيقة مع الطائفة البهائية، والماسونيين البريطانيين وبعض الصوفيين المقيمين فى الهند. وفى عام ١٨٦٩،ذهب إلى الهنـد، ومـن هنـاك سـافر إلى اسـطنبول.
وبعد فترة وجيزة، تم نفيه من تركيا لوعظه بمبادئ اعتبرها العلماء معادية للإسلام وذهب الأفغاني، الـذى أجـبر علـى مغـادرة اسـطنبول إلى القـاهرة.
ومع بدايته فى القاهرة عام ١٨٧١، لم يكن الأفغاني فى رعاية أى شخص سـوى رئـيس الـوزراء مصـطفى رياض باشا، الذى قابله فى اسطنبول، والذى حرص على أن يحظى براتـب نقـدى كـبير وأن يمـنحه منصـبًا فى جامعة الأزهر، وتم توجيه التعليمات له بأن يعمل فى هدوء.
التزم الأفغاني طوال سبع سنوات بالأصولية الإسلامية فى تعاليمه العامة، وكان يزيـد سـرًا مـن عـدد أتباع طائفته. وفى عام ١٨٧٨، ترك الأفغاني الأزهر وانتقل إلى الحي اليهودي فى القاهرة، حيث بـدأ التنظـيم السياسي العلني، وأعلن الأفغاني تأسيس الجمعية الماسونية العربية بمسـاعدة ريـاض باشـا وسـفارة لنـدن فى القـاهرة، وأعـاد الأفغانى تنظيم جماعتى «المذهب الاسكتلندى» و«المعاقل الشرقية الكبرى» للماسونيين الأحرار فى القاهرة.
وبدأ يجمع حوله شبكة من الأفراد من العديد من الدول الإسلامية، وبخاصة سوريا وتركيا وبلاد فارس، ويشير الكاتب إلى أن محمد عبده كان حواريه المخلص الذى أكمل المسيرة بوضع أسس لجماعة الإخوان المسلمين.
يشير الكاتب إلى مرحلة جديدة فى نشأة الإخوان المسلمين فى ليبيا على يد محمد بن على السنوسى الخطابي الإدريسي الحسنى هو مؤسس النظام السنوسي للإخوان عام ١٨٢٩ عندما أسس جمعية سرية من الباطنية الصوفية الكبرى وكان شعار الحركة «الوحدة الإسلامية»، وانتشرت تدريجيًا فى تونس وطرابلس وبرقة وأصبحت فيما بعد تعرف بـ «أخوية السنوسى» وأصبح لها أتباع بنحو 5 ملايين فى مصر وتونس وليبيا، ثم يتابع إنه عقب الحرب العالمية الأولى، تم اعتبار أخوية السنوسي رسميًـا أحـد أصـول المكتـب العربي البريطاني فى القاهرة، وأنه تم إرسال عميل جـرئ مـن عمـلاء المخـابرات البريطانيـة إلى طـرابلس للمسـاعدة فى تنظـيم العمـل السياسي للحركة، وكان اسم هذا العميل عبدالرحمن عزام الذي كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية.
حسن البنا
يتابع الكاتب فى فصل آخر تحت عنوان (الإخوان المسلمون- المقر فى مصر)، العلاقة التى نشأت بين الأفغانى ومحمد عبده وكيف صار الأخير على ذات درب الأفغاني فى تنفيذ الحركة الماسونية والعمالة لصالح بريطانيا، وعقب رحيل الأفغاني القسرى، تم ترشيح محمد عبده علـى نحـو غـير متوقـع رئيسًاـ لتحريـر مجلـة الجريـدة الرسمية، وهى الجريدة الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية والخاضعة للسيطرة البريطانية، مشيرًا إلى أنه لولا وجود محمد عبده فى الحركة السرية للأفغاني ما كان قد رشح لهذا المنصب، والذى وصل فيما بعد إلى منصب رئيس اللجنة الإدارية بالجامع الأزهر فى 1892 والذى أشار الكاتب إلى أنه تمكن من تمكين رجال الحركة السرية فى أماكن قيادية فى الشئون المصرية والإسلامية، وعمل على العمل ضمن الحركة السرية التى كانت النواة لجماعة الإخوان المسلمين، حيث يربط بين الأفغانى ومحمد عبده والبنا الذى تتلمذ على يد تلميذ محمد عبد وهو رشيد رضا، ويشير إلى أنه كان أحد أعضاء الحركة السرية حيث إنه كان رئـيس جمعيـة أُطلـق عليهـا «جمعيـة السـلوك القـويم»، ثم انتقـل إلى «جمعية منع المحرمات».
وفى بداية حياته، تعرف البنا على الدوائر الصوفية للإخـوان الحصـافية، وظـل عضـوًا بهذ الجمعية السرية لأكثر من عشرين عامًا، وبحلول عام ١٩٢٢ تم قبوله كعضـو كامـل الصـلاحيات فى الطائفـة الحصافية، وبعد وصوله إلى قيادة حزب المنار وتأسيس الجماعة عام 1928 موله البريطانيون فى بناء أول مسجد للإخوان المسلمين فى الإسماعيلية 1930، وفى عام ١٩٤١ تم تسجيل أول حالة تعاون بين الإخوان وأحد كبـار ضـباط المخـابرات البريطانيـة، ج.هيورث دان، فى سفارة لندن فى القاهرة، وكانت هذه البداية بين المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان المسلمين الوليدة.
ويتابع الكاتب سرد الأحداث فيما بعد ثورة 23 يوليو 1952، وتحديدًا فى فبراير وأبريل عام ١٩٥٣، حيث عقد المرشد العام حسن الهضيبى سلسلة من اجتماعات سـرية مـع تريفـور إيفـانز فى السـفارة البريطانية بالقاهرة حيث أخبر البريطانيين أنه قد يتحالف معهم لمنح بريطانيا العظمى حقوقًا دائمة فى قاعدة قناة السويس بعـد الانسـحاب الرسمـى للقـوات البريطانيـة المتمركـزة هنـاك.
يعود الكاتب للربط بين النظام الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين فى إشارة لإجابة الرئيس الإيراني أبو الحسن بنى صدر، فى إحدى اللقاءات عند سؤاله عن التنازع الحدودى عام ١٩٨٠ بين إيران ودولة العراق العلمانية حيث أجاب أنه «ليس ثمة حدود بين الدول الإسلامية»، ويشير الكتاب إلى أن نقل مكتب الاستخبارات البريطانية العربى القديم من القاهرة إلى لندن جاء بعد ضمان الولاء الكامل للجماعة وأنه يطلق عليه حاليًا اسـم المركز العربي البريطاني، ومجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني (CAABU،(ومحطته الفرعية المعطلة حاليـًا فى لبنان، مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية (MECAS ) فى قرية شملان.
منظمات ومؤسسات
وبحسب ما رصد الكاتب فإن هناك عددًا من المؤسسات مولتها حركة اكسفورد والمذهب الاسكتلندى من الماسونية الحرة، منها مركز الشرق الأوسط الذى أنشئ عام 1944، وضم المعهد المستعربين البريطـانيين والصـهاينة والعـرب المناصـرين لبريطانيا، وكان من بين أعضائه المؤسسين رئيس وزراء إسرائيل السابق، أبا إيبان، أحد الأعضاء المؤسسـين.
وكان نقل مقر الإخوان المسلمين إلى لندن وجنيـف بسويسرا عام ١٩٥٥ - عندما دفعهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للرحيل من مصر-، فإن الإخـوان كـانوا يخرجـون بعلاقـة اسـتمرت لفتـرة طويلة إلى حيز العلن بشكل كامل يؤكد كافة العلاقات الخفية التى تمت مع القيادات السابقة
ويخوض الكتاب سرد بعض التفاصيل المتعلقة بإمبراطورية الإخوان المالية فى العالم العربى وفى السعودية وإيران وغيرها، وكيف أن بريطانيا أصبحت شريكًا لهذه الجماعة فى كافة الدول وتؤثر بشكل كبير فى العملية الاقتصادية لهذه الدول التى ما زالت تسعى إلى العمل على إظهار طوائف جديدة وجماعات عرقية جديدة فى سوريا والعراق وغيرها من اجل استمرار مسلسل التقسيم فى المنطقة معتمدة على هذه الفكرة وهؤلاء الشخصيات المؤسسين قديما وحديثا .
0 تعليقات