وثائق التاريخية، من
أرشيف الحكومة البريطانية، صادرة عن السفارة البريطانية فى مصر إبان الفترة بين 1952
و1954، تكشف الوثائق كواليس العلاقة بين الإخوان ومجلس قيادة الثورة فى تلك
الآونة، وهى العلاقة التى بدأت ودية ثم انقلبت إلى النقيض، إلى حد محاولة الإخوان -وفقاً
للوثائق- التخطيط لانقلاب عسكرى ضد عبدالناصر يقوده محمد نجيب، وبعد أن فشل هذا
المخطط تم تنفيذ محاولة الاغتيال الشهيرة بحادث «المنشية» عام 1954.
وتكشف إحدى الوثائق
التى تحمل أرقاما مسلسلة، تبدأ من E1016/6 إلى 25/ E1016،
والمؤرشفة فى سجلات الحكومة البريطانية، أن سيد قطب «تواصل مع بعض الشيوعيين فى
مصر لتشكيل جبهة تجمعهم مع الإخوان تساند محمد نجيب الذى حاولوا دعمه فى مواجهة
عبدالناصر» وقتما كانت شعبية «ناصر» رئيس الحكومة فى تنامٍ مستمر. ونحن ننشر
الوثائق كما هى، حتى ينكشف أمام القارئ الستار عن فترة حساسة من تاريخ مصر الحديث،
تعثرت فيها «الإخوان» وانتهت بإعدام عدد من قياداتها بتهم مختلفة منها محاولة
اغتيال «عبدالناصر» فى الإسكندرية.
بدأت العلاقة بين جماعة الإخوان ومجلس قيادة الثورة
بداية وديّة هادئة، وتمثلت فى قرار أصدره المجلس بإعادة التحقيق فى مصرع الشيخ حسن
البنا، مؤسس الجماعة، وتم إلقاء القبض على المتهمين بقتل «البنا» لمحاكمتهم أمام
محكمة جنايات القاهرة. هذا ما تشير إليه الوثيقة الأولى التى تحمل الرقم المسلسل E1016/6 والتى تؤكد أن المجلس الذى تولى زمام الأمور بعد يوليو 1952، أصدر
قراراً بالعفو الشامل عن 934 من المعتقلين السياسيين وأغلبهم معتقلو الإخوان لكنه
استثنى الشيوعيين من قرار العفو. وحسب الوثيقة ذاتها، فقد قامت السلطات المصرية
بمحو ملفات لدى وزارة الداخلية تدين أعضاء بالجماعة، وفى المقابل تم تقديم إبراهيم
عبدالهادى باشا، أحد خصوم الجماعة فى نظام الملك فاروق، للمحاكمة بتهمة تعذيب
الإخوان فى عامى 1948 و1949.
وتكشف وثيقة ثانية تحمل الرقم المسلسل 7/1016 أن
الإخوان ضغطت على مجلس قيادة الثورة قبل يناير 1953، من أجل حلّ كافة الأحزاب
السياسية، وكان تحريض الإخوان للمجلس فى ذلك الوقت سبباً فى إصدار مجلس قيادة
الثورة قراراً بحل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها، حسب الوثيقة الثانية التى
أرسلت فى 16 يناير 1953 وتحمل رقم e، فيما استثنيت جماعة الإخوان التى كانت تقدم
نفسها كجمعية دينية لا يعمل أعضاؤها بالسياسة.
سارع الإخوان بإرسال
وفد منهم لمكتب عبدالناصر، رئيس الحكومة حينئذ، فى نفس يوم صدور قرار حل الأحزاب
السياسية، وحمل الوفد الإخوانى حسب الوثيقة الثالثة الموجودة فى أرشيف الخارجية
البريطانية، بياناً لـ«عبدالناصر» أكد فيه أنه «لم يبق من مؤيد للثورة إلا جماعة
الإخوان، ولهذا يجب أن يكونوا فى وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم»، وطالبوه فى
البيان بألا يصدر أى قانون إلا بعد عرضه على مكتب الإرشاد، للتصديق على القرارات
بوصف الجماعة الحليف المتبقى للمجلس.
والمطلب الثانى «ألا يصدر أى قرار إلا بعد أن
يقره الإرشاد». فيما تلخص رد «عبدالناصر» على الوفد، حسب نفس الوثيقة المذكورة، فى
أن «الثورة ليست فى أزمة، كما تتصور الجماعة» ورفض الرجل مطالبهم مشدداً على أن «قادة
الثورة على استعداد لمناقشة كل العناصر المهمة مع الجماعة ولكنهم لن يقبلوا بالوصاية»،
حسب الوثيقة.
رفض «عبدالناصر» لمطالب
الإخوان كان بمثابة نقطة تحول فى موقف الجماعة من الثورة وحكومتها، حيث دأب حسن
الهضيبى، مرشد الجماعة آنذاك، على إبداء تصريحات للإعلام فى داخل وخارج مصر يهاجم
فيها حكومة عبدالناصر.
كما رصدت السفارة البريطانية، حسب الوثيقة
الصادرة عن أحد مكاتبها، أن «الإخوان» «أمرت قواعدها التحتية بالظهور فى المناسبات
التى يحضرها وينظمها رجال الثورة بمظهر الخصم».
واستكمالاً للوثيقة
السابقة كان هناك خطاب ملحق يشير إلى إعلان مجلس الثورة عن تكوين كيان حزبى جديد
وهو «هيئة التحرير»، يستهدف إعادة دمج كافة المؤيدين لـ«حركة 52» تحت مظلته.
ونقلاً عن مسئولين
بالحكومة آنذاك، فإن الهيئة تهدف لـ«دعم الحكومة فى خوض معركة ضد الاحتلال
البريطانى الذى تمركزت قواته عند قناة السويس، وسد الفراغ السياسى الذى خلفه قرار
حل الأحزاب».
وذكرت الوثيقة أيضاً أن «الهضيبى»، مرشد
الجماعة، لم يعارض فى تلك الفترة تأسيس هيئة التحرير «تأييداً لحركة الجيش داخل
الدولة، لكنه قال إن كل المؤيدين للثورة يجب أن يلتحقوا بجماعة الإخوان، مثلما
ينبغى على أعضاء الجماعة الاندماج فى هيئة التحرير». وبعد تصريح المرشد العام
للجماعة بأيام، استقبله «ناصر» فى منزله بمنشية البكرى بمصر الجديدة، فى محاولة
منه لاحتواء الإخوان داخل المنظومة السياسية، لكنه فوجئ بأن الهضيبى اشترط عدة
بنود قبل الاندماج فى هيئة التحرير.
ومن تلك الشروط: «أن
يصدر مجلس قيادة الثورة مراسيم بقوة القانون تفرض على المصريات ارتداء الحجاب، وأن
يتم إقفال دور السينما والمسرح، وأن يتم منع الأغانى وتعميم الأناشيد الدينية، حتى
داخل الأفراح، مع منع السيدات من العمل فى المصالح الحكومية والخاصة، وإزالة كل
التماثيل القديمة والحديثة من القاهرة».
الشروط التى أثارت
استغراب عبدالناصر قوبلت برفضه، وكل هذه الوثائق تؤكدها أيضاً الدكتورة صفاء
خليفة، باحثة بمكتبة الإسكندرية، والتى سافرت عام 2009 لإجراء بحث فى الأرشيف
البريطانى عن الإخوان خلال ثورة 23 يوليو 1952. ووفقاً للوثيقة الرابعة التى حملت
رقم E1016/9 من الوثائق العشرين التى حصلت عليها «الوطن»، دوّن عبدالناصر بخط
يده أسفل ورقة المطالب التى تقدم بها المرشد العام جملة «لن نسمح بتحويل الشعب
المصرى إلى شعب يعيش حياة بدائية فى أدغال أفريقيا»، واستنكر عبدالناصر، حسب
الوثيقة ذاتها، من المرشد العام إقدامه على تقديم مثل هذه المطالب، وقال «لماذا
بايعتم الملك فاروق خليفة للمسلمين ولم تطالبوه بهذه المطالب عندما كانت هذه
الأشياء مباحة بشكل مطلق؟
ولماذا كنتم تقولون قبل قيام الثورة (إن الأمر
لولى الأمر)».
بعد فشل هذا اللقاء
حاول الإخوان صياغة أفكار جديدة حول شكل النظام السياسى الذى يجب أن تحدده الثورة،
حيث كتب سيد قطب مقالاً فى جريدة «الأخبار» بتاريخ 8 أغسطس 1953، وجاء المقال فى
صيغة رسالة تقدم فيها هو الآخر بعدة مطالب إلى اللواء محمد نجيب، رئيس مجلس قيادة
الثورة، منها «البدء فى كتابة دستور دائم قائم على القرآن يحمى البلاد من فساد
الصحافة والأحزاب السياسية.
الوثيقة التالية تحمل الرقم المسلسل E1016/10، وهى تقرير صادر عن مكتب الأبحاث الأفريقية بالسفارة البريطانية
فى مصر، مرسل إلى رئيس الوزراء البريطانى نيفيل تشامبرلين، يؤكد أن الهضيبى «وافق
على اقتراح تقسيم جماعة الإخوان إلى قسمين، الأول سياسى يخضع لقانون الأحزاب
السياسية، ويرأسه الهضيبى لمدة عامين، والآخر دينى واجتماعى يرأسه الهضيبى مدى
الحياة».
وكما تقول الوثيقة
فقد استطاع عبدالناصر النيل من الجماعة بسبب خطوتها تلك، التى وصفها التقرير بأنها
«غير محسوبة»، حيث صار بمقدور السلطات تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة السابق صدوره
بحل الأحزاب السياسية على جماعة الإخوان بوصفها «حزب سياسى يخضع لقانون الأحزاب
ويرأسه الهضيبى لعامين» فأصدر مجلس قيادة الثورة قراراً فى 14 يناير 1954، يقضى
بحل الجماعة بعد أزمة طويلة سادت العلاقة بين ثورة 23 يوليو 1952 والإخوان.
الوثيقة (E1016/10) نفسها تشير إلى بيان صدر عن السفارة يعدد التبعات التى ستترتب
على قرار حل الجماعة، وانعكاساته على العلاقة بين مجلس قيادة الثورة والجماعة
المنحلة، وخلاصة هذا البيان أن «المجلس عندما قرر حل الأحزاب لم يُطبق القرار على
الإخوان للإبقاء عليهم كحليف قوى، فى محاولة منه لتسخير الجماعة لما لها من نفوذ
دينى فى الشارع».
الوثيقة السادسة من
السجلات البريطانية التى ننشرها، تؤكد أنه «تم قمع الإخوان بعد قرار حل جماعتهم
وترتب على ذلك محاولات إخوانية لتوطيد علاقاتهم مع أشخاص من داخل الجيش والشرطة
لاختراقهما»، وتذكر الوثيقة أن ليس ثمة دليل حتى وقت إعداد تلك التقارير على مدى
نجاح الجماعة فى ذلك المخطط، لكن ثمة شواهد تجمعها الوثيقة حول محاولات الإخوان
الإطاحة بنظام الثورة، ومنها عثور الشرطة على كميات من الذخيرة والأسلحة فى منزل
حسن العشماوى، القيادى الإخوانى البارز، وأن الإخوان بررت حيازة ذلك السلاح
لاستخدامه فى المقاومة ضد الإنجليز فى منطقة القناة.
ووفقا للوثائق البريطانية، فإن الهضيبى دعا فى
خطاب وجهه للحكومة، إلى رفع القانون العسكرى، والعودة إلى ديمقراطية برلمانية، كما
كان الوضع قبل يوليو 1952، وكذلك إنهاء مراقبة الصحف، «لكن الحكومة واجهت الجماعة
وأفرادها أمنيا بعنف بعد ذلك، ومنعتهم من التجمع داخل المساجد والزوايا» تقول
الوثيقة (E1016/11).
وثيقة أخرى حملت الرقم المسلسل 13/1016 E،
ضمن الوثائق التى حصلت عليها «الوطن»، تذكر فيها السفارة البريطانية فى مصر لمجلس
الوزراء البريطانى أحوال الإخوان فى مصر خلال الشهر الأول من عام 1954 بتاريخ 15
يناير 1954، حيث جاء فيها أن زكريا محيى الدين وزير الداخلية ذكر أنه «تم إلقاء
القبض على 450 من الإخوان المسلمين وما زالت التحقيقات مستمرة وسوف يطلق سراح من
ليس له علاقة بالأمر»، وأضاف فى البرقية أن «البلاد هادئة، ولكن الحكومة لن ترحم
من يحاول أن يتجاوز حدود القانون».
فيما تذكر الوثيقة الثامنة أن «الحكومة المصرية
ألقت باللوم على الإخوان فى التحريض على المصادمات بين متظاهرين فى مارس 1954
وقوات الشرطة، على خلفية الاعتراض على الدستور الجديد، واختفى الهضيبى عن المشهد
آنذاك». كما تشير الوثيقة إلى أن «الصحافة أعلنت أن بعض أعضاء الإخوان الذين
يسافرون كثيراً للخارج مدانون، حسب الحكومة فى قضايا خيانة، وقد تم سحب الجنسية
المصرية منهم، كما بذل «ناصر» شخصياً جهوداً نشطة لإقناع قادة الإخوان بإزاحة
الهضيبى عن موقعه، وهو ما انعكس سلباً على علاقة بعض أعضاء الجماعة بمرشدهم العام».
وتقول الوثيقة
التاسعة التى كانت عبارة عن برقية أرسلها رالف ستيفنسون، سفير بريطانيا لدى مصر
آنذاك، ضمت مضمون مرسوم صدر عن مجلس الثورة بحرمان بعض الأشخاص من الجنسية المصرية
لاتهامهم بالخيانة، وذلك فى 23 سبتمبر 1954، وهم «محمود أبوالفتح، عبدالحكيم
عابدين، سعيد محمد رمضان، سكرتير عام مؤتمر القدس الإسلامى، وسعد الدين الوايلى،
سكرتير سابق للهضيبى، ومحمد نجيب جويفال، أحد المتهمين بمحاولة اغتيال محمد جودة
المتحدث السابق باسم مجلس النواب، وكامل إسماعيل، العضو فى الإخوان، وخمسة أفراد
آخرين فى دمشق». أما الوثيقة العاشرة فصدرت فى 17 سبتمبر 1954 وتشير إلى الأحداث
المتوالية التى «بدأت بجرح 4 أشخاص وإلقاء القبض على 7 آخرين فى شجار نشب بين
أعضاء من جماعة الإخوان وآخرين أثناء صلاة الجمعة فى مسجد بطنطا يوم 10 سبتمبر 1954،
وبدأ الخلاف عندما وصف الإمام مجلس قيادة الثورة بـ«الزنادقة».
صحافة يوم 13 سبتمبر،
وفقاً للوثيقة ذاتها، ذكرت أن الشيخ الباقورى، وزير الأوقاف فى ذلك التوقيت، أفتى
فى 12 سبتمبر أنه من الآن فصاعدا لا بد من توحيد خطب الجمعة على أن تكتبها الوزارة
ثم تُوَزّع على أئمة المساجد لقراءتها. وأقرت الوثيقة بتوزيع كتيبات تهاجم النظام
المصرى الحالى، ووفقاً للوثائق فإن اجتماعات الإخوان فى دمشق اقترحت تحديد قادة
الحركة، ومن ضمنهم الهضيبى وأخذهم كلاجئين فى سوريا.
وتنقل الوثيقة عن
جريدة «الأخبار» أن برقيات كانت قد وصلت إلى عبدالناصر من بعض أعضاء الجماعة شجبوا
فيها سياسة المرشد الأعلى وأبدوا تأييدهم للنظام. وتذكر الوثيقة «قبل خبر البرقيات
التى تلقاها عبدالناصر بيومين انتشرت شائعات عن اختفاء الهضيبى خاصة مع تغيبه عن
حضور الاجتماع العام للجماعة فى 9 سبتمبر لكن الحكومة المصرية أصدرت بياناً ينفى
عزم الحكومة اعتقال المرشد الأعلى للإخوان».
كما تكشف الوثائق
البريطانية أيضاً أن الإخوان عقدوا اجتماعا مساء 23 سبتمبر 1954 واستمر حتى صباح 24
سبتمبر، وتغيب عن الاجتماع الهضيبى المرشد الأعلى للإخوان للمرة الثانية، لكن
الوثيقة لم تفصح عن تفاصيل ونتائج الاجتماع.
أما الوثيقة الحادية عشرة التى كانت متعلقة
بردود فعل الإخوان تجاه المحادثات المصرية - البريطانية بشأن الجلاء، وأعلنت
الاتفاقية على أساس بنود المعاهدة الجديدة فذكرت أن الهضيبى «انتقد المعاهدة فوراً
بحجة كرمها الشديد تجاه الإنجليز»، واصفا المعاهدة بأنها «تهدد سيادة مصر»، فيما
اعتبرها قادة آخرون من الإخوان أنها أفضل بكثير من التى أُعلن عنها فى وقت سابق. إلا
أن الجهاز السرى ومسئولين آخرين رأوا المعاهدة خيانة لمصر، وصمم الجهاز السرى من
جانبه على اتخاذ رد فعل مناسب، بحسب الوثيقة البريطانية التالية التى ناقشت ردود
فعل الإخوان فى 19 أكتوبر 1954.
الوثيقة الثانية عشرة
مرسلة إلى مجلس الوزراء البريطانى من السفير البريطانى فى القاهرة، بتاريخ 15
يناير 1954، وأفادت النقطة الخامسة بـ«معارضة الإخوان للمستشار البريطانى أثناء
المحادثات البريطانية فى أبريل 1953»، وذكرت الوثيقة نصاً: «لقد أثرت المحادثات
على المفوض البريطانى بالنسبة لقناة السويس، وكان رأى الإخوان هو أن عودة القوات
البريطانية إلى القاعدة لا بد أن تحدده لجنة بريطانية مصرية مشتركة أو تترك
المسألة للأمم المتحدة لتقرر هل يوجد تهديد بالحرب أم لا، وتبع ذلك عدد من
اللقاءات حيث تم لقاء المستشار البريطانى مع المرشد الأعلى للإخوان المسلمين لبحث
الأمر».
الوثيقة الثالثة عشرة كانت خطاباً رسمياً من
السفير البريطانى رالف ستيفنسون عن نشاطات الإخوان فى مصر من 23 يوليو 1952 إلى 14
يناير 1954، وفى الصفحة الثالثة من البرقية وجدنا ما يفيد «اعتراض حسن الهضيبى
وبعض مؤيديه على ما أطلقوا عليه التسوية المصرية البريطانية بشأن قناة السويس،
وكان للهضيبى مطالب أخرى تتعلق بتسوية مختلفة المعالم تماما عن تلك التى توصل لها
مجلس قيادة الثورة، بالإصرار على تحويل قناة السويس لهيئة مصرية دون بقاء أى قواعد
بريطانية».
وتذكر الوثيقة الرابعة عشرة أن الأحداث
المتتالية فى مصر دفعت الإخوان لعقد اجتماع فى 20 أكتوبر 1954 اتخذت فيه عدة
قرارات منها «إعفاء مكتب الإرشاد الحالى من وظائفه، واعتبار حسن الهضيبى المرشد
الأعلى فى إجازة، وإلغاء كافة القرارات السابقة الخاصة بترحيل وتعطيل الأعضاء، وحل
الفروع أثناء الثلاث سنوات السابقة واعتبار أى قرارات مزعومة من قبل الجمعية
التأسيسية غير شرعية».
وحملت هذه الوثيقة رقم 221 saving وأقرت «إنشاء مكتب مؤقت للإخوان لإدارة أحوال الجماعة واجتماع
الجمعية التأسيسية لاتخاذ قرار نهائى يؤكد شئون الإخوان على أساس سليم». وحسب هذه
الوثيقة، فإن أغلبية الأعضاء (73 من مجموع 140 عضوا من أعضاء الجمعية التأسيسية) وافقت
على القرارات وسلمت بيانها النهائى لمكتب المرشد الأعلى للإخوان بواسطة البهى
الخولى، أحد قيادات الجماعة، على أن يكون تشكيل مكتب الإرشاد الجديد كالتالى:
«خميس حميدة، نائب
المرشد الأعلى، وعضوية كل من عبدالله عبدالستار، والبهى الخولى، ومحمد حلمى نور
الدين، وأحمد شريف، وعبدالرحمن البنا، وفتحى النوار، ومختار عبدالعليم، ومحمد الحضرى».
وكان تشكيل مكتب الإرشاد فى تلك الفترة يضم «محمد خميس حميدة وعبدالرحمن البنا،
وعبدالمعز عبدالستار» أعضاء فعليين فى مكتب الإرشاد، أما محمود عبدالعليم فقد كان
عضواً من قبل انتخابات أكتوبر 1953، وظل كل من حميدة وعبدالرحمن البنا فى تعاون
لفترة طويلة مع مجلس قيادة الثورة.
وسبّب أنصار الهضيبى
قلقا فى القيادة العامة للإخوان. وتطورت الأوضاع بالسلب إلى حدود قصوى، حيث حوكم
عدد كبير من أعضاء الجماعة، وتذكر الوثيقة الرابعة عشرة من تلك التى بأيدينا
تفاصيل إحدى محاكمات الإخوان فى 13 ديسمبر 1954، وحُكم على 38 عضواً من الإخوان
مصدَق عليها من مجلس قيادة الثورة، من بينهم 5 أعضاء حوكموا بالإعدام شنقاً، وكان
على رأسهم (عبدالله الريس، محمد مهدى عاكف، محمد صلاح الدين عبدالمعطى)، وأربعة
أعضاء بالأشغال الشاقة المؤبدة، و18 عضوا بالسجن عشر سنوات مع الشغل والنفاذ.
وكانت ردة فعل الإخوان
أكثر عنفاً، حيث حاولوا اغتيال عبدالناصر، رئيس الجمهورية آنذاك، وتكشف الوثيقة
الخامسة عشرة عن محاولة الاغتيال فى 26 أكتوبر 1954، «وفى مؤتمر شعبى فى ميدان
المنشية بالإسكندرية احتفل عبدالناصر مع جماهير الشعب بمناسبة توقيع اتفاقية
الجلاء، وحينما وصل إلى قوله: «أنا لا أستطيع أن أعبر عن شكرى لله إذ أحتفل معكم
اليوم فى هذا الميدان نفسه يا أبناء الإسكندرية، يا من كافحتم وكافح آباؤكم
وأجدادكم، واستشهد إخوان لكم فى الماضى، أحتفل معكم اليوم بعيد الجلاء، بعيد
الحرية، عيد العزة والكرامة.. هنا أُطلقت عليه 8 رصاصات، لكن المحاولة أخطأت هدفها
حيث مرت أول رصاصة، من تحت إبط عبدالناصر، واخترقت الجاكيت العسكرى الواسع الذى
كان يرتديه، واصطدمت بقلم حبر فى جيبه ونجا منها بمعجزة، بينما مرت الرصاصة
الثانية بجواره من بين كتفى جمال سالم وعبدالحكيم عامر، واستقرت فى رأس الميرغنى حمزة
زعيم «الطائفة الختمية» بالسودان، وأحد ضيوف الحفل ليلقى مصرعه فى الحال».
ووفق ما جاء فى
الوثيقة، فإن «جمال ظل واقفاً أمام الميكروفون مطالباً الجماهير بالتزام أماكنهم» وكما
نقلت الإذاعة هذه اللحظة فقد مضى عبدالناصر قائلاً «حياتى فداء لكم، دمى فداء
لمصر، أيها الرجال الأحرار، أتكلم إليكم بعون الله بعد أن حاول المغرضون أن يعتدوا
علىَّ، إن حياة جمال عبدالناصر ملك لكم، إنه لو قتل فستظل الثورة لأن كل فرد منها
هو جمال عبدالناصر».
«وجاء رد فعل هذه
المؤامرة على عكس ما أراد مدبروها فقد التف الشعب حول عبدالناصر أكثر فأكثر، وفى
اليوم التالى أشعلت الجماهير النيران فى المركز العام للإخوان وانهالت التهانى
بالنجاة وكُتبت المقالات تستنكر حادث الاغتيال» هكذا تقول الوثيقة. وثيقة أخرى
عبارة عن برقية من رالف ستيفنسون عن الإخوان فى مصر عام 1954.
وذكرت النقطة الخامسة
فى البرقية: «تزايد عنف مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين، لتؤكد أن التعايش السلمى
مع النظام لم يعد ممكناً ويجب أن يأخذوا كافة المعايير القوية والممكنة لتحقيق
أهدافهم، تلك المعايير تتضمن اغتيال جمال عبدالناصر نفسه، وقد أقر بالفعل أربعة
أفراد من الإخوان محاولتهم اغتيال «عبدالناصر»، وهذه كانت أول مرة يهدد فيها
الإخوان بالدماء».
أما الوثيقتان
السابعة عشرة والثامنة عشرة فقد تناولتا «محاكمات الإخوان واعترافات محمود
عبداللطيف، الذى حاول اغتيال ناصر»، وأوضحت أنه «فى 1 نوفمبر 1954 جرت وقائع أول
جلسات محاكمة للإخوان المتهمين فى محاولة اغتيال ناصر فى المنشية، وعلى الفور تم
تشكيل «محكمة الشعب» برئاسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائم مقام أنور
السادات والبكباشى حسين الشافعى لمحاكمة هؤلاء بتهمة خيانة الدولة والثورة».
وتباينت اعترافات المتهمين حول مدى تورط الهضيبى
ذاته فى التدبير والتحريض على اغتيال رئيس الجمهورية، وهو ما ذكرته الوثيقة.
وبعد ذلك تذكر
الوثيقة أنه «تم إلقاء القبض على محمود عبداللطيف ومن خلال استجوابه اعترف بتلقيه
أوامر بتنفيذ الاغتيال من محام يقود خلية سرية يدعى هنداوى دويدار ويعمل فى مكتب
عبدالقادر عودة المحامى وعضو مكتب الإرشاد بالإخوان بناء على أوامر تلقاها من
الجهاز السرى الرئيسى للإخوان قبل توقيع اتفاقية الجلاء انحدرت من المرشد العام
للإخوان».
وكشفت الوثيقة
معلومات خطيرة حول مؤامرة كانت تحيكها جماعة الإخوان لتنفيذ انقلاب ضد الثورة، كما
كشف عن أسماء أخرى لأعضاء آخرين فى التنظيم السرى للجماعة. وفى 9 نوفمبر 1954،
نشرت جريدة «الأهرام» اعترافات كل من محمود عبداللطيف وهنداوى دويدار بارتكاب
محاولة الاغتيال، ولكنهما طلبا العفو والسماح من الحكومة، لأنه قد تم تضليلهما
وخداعهما من قبل التنظيم السرى.
كما نقلت الوثيقة
اعتراف يوسف طلعت بأنه المسئول عن تفجير كوبرى أبوسلطان فى منطقة قناة السويس،
كمحاولة لإحباط الاتفاق المصرى - البريطانى فى 27 يوليو.
كما كشف كل من هنداوى
دويدار، والمحامى إبراهيم الطيب عن وجود اتصالات بين الجنرال محمد نجيب، والهضيبى،
بعد أن قرر الإخوان استخدام نجيب لتهدئة الشعب عقب محاولات وخطط الاغتيال التى تمت.
ولقد أنكر الهضيبى معرفته بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر، وقال إن يوسف طلعت قام
بزيارته فى مكان اختبائه بالإسكندرية قبل يومين من تلك المحاولة وأنكر أى نقاش دار
حول تلك المؤامرة أو أنه أعطى أوامره بالقيام بها، سواء لإبراهيم الطيب أو لهنداوى
دويدار وأن كليهما كاذب بشأن هذه الادعاءات بتحريضهما على اغتيال جمال عبدالناصر.
أشارت الوثيقة
التاسعة عشرة، وقبل الأخيرة، إلى «تحذيرات جمال عبدالناصر للإخوان فى منتصف عام 1953،
وذلك لإيقاف عمليات التدريب والتسليح التى يقومون بها، بالإضافة لمحاولة الجماعة
تكوين خلايا سرية داخل البوليس والقوات المسلحة، إلا أنهم لم يستجيبوا لتلك
التحذيرات». وعندما بدأت وقائع محاكمة حسن الهضيبى، فى 22 نوفمبر 1954، تم تقديم
دليل مهم وحيوى تذكره الوثيقة ذاتها (E1016/24) من قبل لواء شرطة سابق يدعى حسين أحمد
حمودة «وهو أحد أفراد المجموعة الأولى من تنظيم الضباط الأحرار، والذى تم فصله
لمحاولته تكوين خلايا إخوانية داخل التنظيم العسكرى، واعترف أنه قام بمقابلة
الهضيبى وآخرين من ضمنهم يوسف طلعت، ولواء شرطة صلاح شادى وأن الهضيبى خطط لاغتيال
عبدالناصر، ولكنهم أدركوا أنه من الصعب تنفيذها حينها. كما نصح طلعت بالانتظار حتى
يصبحوا قادرين على التنفيذ، غير أنه قد تم إحباط خطتهم بالقبض على حسين حمودة فى 18
يناير 1954» وأما ما هو أخطر فجاء فى الوثيقة ذاتها المسلسلة بالرمز (E1016/24)، حيث ذكرت أن «سيد قطب، المفكر المنضم حديثاً للإخوان لعب دور
الوسيط بين الإخوان والمجموعات الشيوعية لتقريبهم من الجماعة، وذلك بخلاف أن
الهضيبى أخبره أنه بمجرد عودته من سوريا فى أغسطس 1954، فإن اللواء محمد نجيب سوف
يقود جزءا من الجيش للتخلص من مجلس قيادة الثورة ونقل السلطة إلى المدنيين من خلال
حركة داخل الجيش».
تقول الوثيقة المؤرشفة تحت رمز (E1016/24) «وفى 23 نوفمبر قدم يوسف طلعت قبل المحاكمة دليلا عن خطة تهدف
لإجبار رئاسة مجلس الثورة على التنحى عن الحكم من خلال تنكر 40 من الإرهابيين فى
زى بوليس حربى لاغتيال رئيس الوزراء جمال عبدالناصر». وتضيف الوثيقة أن «طلعت أكد
أن الهضيبى لم يأمره إطلاقاً بحل التنظيم السرى، وأن المرشد العام عارض أى فكرة
لها علاقة بالاغتيال أو المظاهرات المسلحة، وأنه كان يريد مظاهرات سلمية تطالب
بالحريات، وأنه لم يحدث من قبل وقام بتنفيذ أى خطط دون معرفة المرشد العام».
وبناء على الدليل الذى قدمه أحمد حسين حمودة فى
الوثيقة نفسها من أن ثمة خطة دبرها المرشد العام شخصياً، وفق الوثيقة، منذ يناير
عام 1954، فإن الهضيبى «طالب أولاً بتنفيذ خطته التى تقضى باغتيال ناصر لكنه تراجع
عندما اقتنع بفكرة يوسف طلعت بأن التنظيم السرى ليس قوياً بالقدر الكافى للقيام
بذلك، خصوصاً بعدما ناقش الفكرة مع سيد قطب فى أغسطس عام 1954 وهى خطة للإطاحة
بمجلس قيادة الثورة والإمساك بزمام السلطة بالتعاون مع اللواء محمد نجيب، ولكن من
خلال مظاهرات سلمية، بحيث يتحول التنظيم السرى للإخوان إلى منظمة تحريرية تطالب
بالحريات». وخفف اعتراف يوسف طلعت الحكم الواقع على المرشد العام حسن الهضيبى
بالتحريض على قتل جمال عبدالناصر من الإعدام إلى السجن أشغالا شاقة مؤبدة. إلا أن
أبرز الأحكام كانت الإعدام بحق سبعة من قيادات الجماعة؛ هم: محمود عبداللطيف، يوسف
طلعت، إبراهيم الطيب، هنداوى دويدار، محمد فرغلى، عبدالقادر عودة، والمرشد العام
الهضيبى الذى تخففت عقوبته للأشغال المؤبدة.
الوثيقة الأخيرة جاءت
بعد وقت قصير تقرأ المشهد فى مصر وتحمل الرمز الأرشيفى (E1016/25)،
حيث ذكرت «ولقد أدى استكمال هذه المحاكمات أيضاً إلى توطيد موقف مجلس قيادة الثورة
فى الشارع، حتى مع احتمالات تكرار محاولات الاغتيال التى تضم قائمتها أسماء كثيرة
من النظام، حيث نجح مجلس قيادة الثورة فى إحداث خلل كبير داخل صفوف الإخوان كقوة
سياسية كانت منظمة، وتم تدعيم ذلك الموقف باعترافات المتهمين وما تم ضبطه من
الأسلحة والذخيرة». وتختم الوثيقة الأخيرة بالقول «استفاد النظام من تلك المحاكمات
للدفاع أمام الرأى العام عن المعاهدة المصرية - البريطانية وغض الطرف عن
الانتقادات التى وجهت إليها». ورغم أن الاتصال بين الإخوان واللواء محمد نجيب لا
يعنى بالضرورة أن نجيب كان على دراية بمؤامرة الاغتيال، إلا أن الفرصة كانت سانحة
لمجلس قيادة الثورة لإزاحة محمد نجيب من السلطة على أن يبدو ذلك خدمة للصالح العام
للدولة، وهو ما ألمحت إليه الوثيقة.
كل هذه الوثائق
تؤكدها أيضاً بعثة بحثية من مكتبة الإسكندرية ضمت عدداً من البحثيين، منهم الدكتورة
صفاء خليفة، التى ذهبت لإعداد بحث بعنوان «قراءة فى الوثائق البريطانية.. الإخوان
والثورة»، وكانت هذه البعثة كلفت عام 2009، وانتقلت إلى بريطانية وأعدت بحثها لكنه
لم ينشر حتى الآن. وذكر فريق البحث فى بعض المعلومات الرئيسية حول الأرشيف
البريطانى وما يحتويه من مواد بحثية، والذى لعب دوراً أساسياً فى تدوين التاريخ،
موضحين أن الأرشيف يتكون من الكثير من الوحدات الأرشيفية المتكاملة، موضحين أن
الدول الأوروبية دأبت الدول على نشر مجموعات من الوثائق الرسمية استخرجتها من
محفوظات وزارات الخارجية والحرب والمستعمرات والبحرية، وتتعلق ببعض المشكلات أو
الأزمات السياسية، التى كان لهذه الدول الأوروبية اتصال بها.
واعتبر الفريق البحثى
أن سجلات الوثائق البريطانية المحفوظة الآن بالأرشيف القومى البريطانى وحدة
أرشيفية متكاملة، حيث يمتلك كل من الأرشيف القومى للحكومة البريطانية وويلز والمملكة
المتحدة وثائق يزيد عمرها على 1000 عام. وذكرت أن جميع الوثائق التى حصل عليها
الفريق كتبها المندوبون الساميون البريطانيون فى مصر، مشيرين إلى أن بريطانيا كانت
طرفاً فى صراع مع مصر امتد منذ الاحتلال البريطانى فى الربع الأخير من القرن
التاسع عشر، واشتد مع تصاعد الحركة الوطنية المصرية بعد الحرب العالمية الأولى
التى قادت إلى ثورة 1919، وما نتج عنها من استقلال اسمى لمصر فى عام 1922، ولكن
ذلك لم يمنع من استمرار هذا الصراع حول تمكين الحكم الدستورى وتحقيق الجلاء. وبعد
قيام ثورة يوليو 1952 أصبح هذا الصراع أشد ضراوة، ووصل إلى ذروته فى مؤامرة
العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، ولقد جعل هذا الصراع المستمر بين مصر وبريطانيا
الوثائق البريطانية ذات قيمة كبيرة.
وأضاف الفريق البحثى
أن الوثائق تضع تفسيرات كثيرة تتعلق بالطرف الثانى من الصراع، من حيث المعلومات
التى لديه عن الموقف الذى يدور حوله الصراع وتحليله لها، والتحالفات والتحركات
والوسائل التى يستخدمها لتحقيق أهدافه، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو
إعلامية ودعائية. وذكر الفريق أنه بعد انتهاء رحلة من داخل قاعات الأرشيف
البريطانى بلندن - عام 2009، استغرقت الدراسة والتحليل والمناقشة فى هذا الموضوع
عدة سنوات، حاول خلالها الفريق البحثى من خلالها الربط بين الدراسة النظرية
والدراسة التطبيقية فى عدة موضوعات تاريخية موثقة. وفى نهاية مقدمة البحث، قال
الفريق البحثى إن لبريطانيا دوراً بارزاً فى توثيق ودراسة تاريخ جماعة الإخوان
المسلمين قبل وبعد ثورة يوليو 1952، وتعد فترة حكم جمال عبدالناصر من الفترات
الثرية بالتفاصيل والأحداث التاريخية الفارقة فى تاريخ مصر، ونستطيع من خلال
العديد من الوثائق البريطانية أن نكشف الكثير من الأسرار والحقائق التاريخية.
وتشير الوثائق
البريطانية بداية إلى أن الإخوان المسلمين لم يلعبوا أى أدوار فى تنفيذ خطة ثورة 23
يوليو 1952، فلم يكن لدى الإخوان علم بخطة قيام الثورة (التى كتبت بيد جمال
عبدالناصر) وتم نشرها فيما بعد فى يناير 1954، ولا شك أن عدداً من الضباط الأحرار
كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان قبل الثورة، ومنهم جمال عبدالناصر، وأنور السادات،
وكمال الدين حسين، وعبدالحكيم عامر، وفى صبيحة قيام ثورة يوليو 1952، أرسل الجيش
دعوة إلى الهضيبى -المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- الذى كان وقتها
بالإسكندرية لإلقاء كلمة تؤيد تحرك الجيش الذى أيده الشعب، ولكنه لم يعد إلى
القاهرة، وظل صامتاً حتى يوم طرد الملك فاروق من مصر فى 26 يوليو 1952.
وينص القانون
البريطانى على الإفراج عن الوثائق البريطانية بعد مرور خمسين عاماً، وقد عُدل هذا
القانون عام 1967 فيسمح بإعلان الوثائق بعد 30 عاماً فقط، باعتبار أن فترة
الثلاثين عاماً كافية لتجعل هذه الوثائق مجرد صفحات من التاريخ اختفى أبطالها
بالموت أو بالابتعاد عن مسرح الأحداث، ولم يعد للوثائق من الفاعلية، بحيث تؤثر فى
مجرى الأمور فى بريطانيا أو فى غيرها من الدول.
0 تعليقات