عز الدين البغداي
المرتكز في أذهاننا
وفي مفاهيمنا الدينية أنّ غير المؤمن يؤاخذ على عدم إيمانه، ويحاسب على ذلك
ويعاقب، ويدل على ذلك الآيات القرآنية مثل: ( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في
العذاب والضلال البعيد) وقال تعالى: ( إن الذين لا يؤمنون بالله لا يهديهم ولهم
عذاب أليم )، حيث رتبت عقوبة على عدم الإيمان.
إلا أن اعتقد أن الله
تعالى لا يحاسب الإنسان على عدم الإيمان، كما أن هذا الفهم للآيات الشريفة فيه نظر
من جهتين:
الأول: أن طبيعة الإيمان
تأبى ذلك، لأن الإيمان هو تصديق واعتقاد وهو كما قلنا يتحقق بتحقق أسبابه، فلا
يمكن أن يتوجه خطاب تكليفي بتحقق التصديق، لأنه ليس أمرا اختياريا. أي لا يمكن في
مثل هذه مسائل الإيمان أن تقول: يجب أن تؤمن بكذا وكذا، لأن الإيمان لا يفرض جاهزا
قهرا، ولا يأتي من خارج فرضا، بل لا بدّ من تحقّق مقتضيه قبل ذلك.
والثاني: هو أن الذم
في الآيات الشريفة في الواقع ليس لعدم الإيمان، بل للجحود وهو أن تنكر شيئا وأنت
تعرف أنه حق، فهناك من يظهر له وجه الحقّ، إلا أنّه يرفض ويعاند إما إلفةً لأمرٍ
يجد صعوبةً في تركه، وإما حفاظا على مصالح لا يريد أن يخسرها، فهذا كما قال عز وجل:
( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) ، أما
من لم يصل حدّ القناعة فلا يمكن أن يذمّ لأجل ذلك.
وقد قال تعالى: ( وَلَوْ
شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس
حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ )، قال الزمخشري: أي لو شاء لقسرهم على الإيمان ولكنه
لم يفعل، وبنى الأمر على الاختيار ( قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي ) قد تميّز
الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة.
والدلائل الواضحة هي
الحجة، فمن أنكرها رغم وضوحها فهو جاحد مستحق للعذاب، أما مع عدم تحقق الاعتقاد
فلا يتصور معنى المؤاخذة.
الأدلة على الإيمان
كثيرة وواضحة، ولا يحتاج الإنسان سوى ان يكون صادقا مع نفسه وعندها سيرى الله في
كل شيء ومع كل شيء، وعلينا أيضا ان لا نقف عائقا بين الله وبين عبده.
0 تعليقات