آخر الأخبار

واقعة كربلاء بين الحقيقة والادعاء! (5)

 




 

 

علي الأصولي

 

 

كان الإمام الحسين لا يمر بأهل ماء - أي بموضع فيه ماء وناس - إلا اتبعوه ( بحسب رواية أبي مخنف ) حتى انتهى إلى( زبالة ) بضم الزاء - وهي منزل بين مكة والكوفة - فيها جامع وحصن لبني أسد وينسب الاسم لزبالة بنت مسعر أمرآة العمالقة ويوم زبالة من أيام العرب –

 

 

ما يهمنا هو في هذا المكان هو وصول كتاب للإمام الحسين (ع) ينعى فيه ابن عمه مسلم بن عقيل ، وهاني بن عروة وموت عبد الله بن يقطر اخو الإمام من الرضاعة - وهو أحد رسله إلى الكوفة - وقد قرأ الإمام نص الكتاب على من معه برواية الطبري. وقد أباح الإمام لمن معه بالانصراف لمن يرغب ذلك إذ قال ( وقد خذلتنا شيعتنا ) فمن أحب الانصراف منكم فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام ، وقد أخذ الشيخ المفيد رواية الطبري هذه وضمها في كتابه - الإرشاد –

 

وبعد أن احل الإمام للناس مغادرة الركب ( كما ذكر الطبري وابن الأثير وغيرها من المصادر الثانوية ) تفرق عنه الناس تفرقا - كونهم اتبعوا الإمام لطلب العافية وقد حسبوا ان الكوفة تم فتحها على يد السفراء والشيعة هناك - ولكن لوجود مشاكل وارتباك وغدر أحبطت المحاولة للتمهيد الحسيني،

 

وبعد أن تفرق الناس لم يبقى مع الإمام سوى من خرج معه من مكة ومن وطن نفسه على أسوء الاحتمالات بل ايقنها وهو الموت تحت ظلال السيوف،

 

هنا سوف أحاول أن أبين تاريخيا العدد لا أقول الحقيقي بل التقريبي الذي بقى مرتبطا ومرابطا مع الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام )



إذن تفرق القوم على ما نقل عند أرباب المؤرخين ، ويشهد ذلك التفرق أيضا ، الدينوري على ما جاء في كتابه - الأيام الطوال –

 

تعالوا لنستمع إلى ما ذكره المسعودي في - مروج الذهب - إذ قال بما نصه : فلما بلغ الإمام الحسين القادسية لقيه الحر بن يزيد التميمي ... فعدل إلى كربلاء ، وهو في المقدار خمسمائة فارس من اهل بيته وأصحابه ، ونحو مئة راجل ، انتهى.

 

هذا العدد ربما يكون صحيحا . ولكن لا نستطيع أن ندلل عليه بحال من الأحوال ، بصرف النظر عن كون المسعودي من المحققين ونحو ذلك. إذ أننا نحتاج إلى شواهد أخرى وقرائن لإثبات العدد على رواية المسعودي.

 

نعم: من الباحثين شكك في هذا العدد واحتمل ان يكون الرقم وقع عليه التصحيف من قبل النساخ - نساخ كتاب المسعودي –

 

ومنهم من حاول أن يشكك بالرواية بلحاظ ان المسعودي لم يذكر مصدرها ومن أين أتى بها ، هذا ملخص ما ذكر في هذا العدد على أننا سوف نبحث في جهة أخرى أما دعما أو نفيا لما ذكره المسعودي.

 



وبعد أن عرفنا أن أكثر عدد ذكر في التاريخ هو ما عن المسعودي كما أسلفنا ،

 

وقد أخذت جولة سريعة على أهم من ذكر العدد - عدد مع كان مع الحسين - باختلاف الأرقام وأن تقاربت في الجملة.

 

فقد ذكر ابن اعثم والخوارزمي وابن طلحة الشافعي والإربلي وابن الصباغ المالكي أنهم كانوا (82 ) شخصا ،

 

وابن قتيبة ذكر ما قريب ( 90 ) فقط بما فيهم الأطفال والنساء. وقد زاد ابن كثير على أقرانه كثيرا إذ ذكر أن العدد ( 300 ) شخص .

 

وأشهرها أن عددهم في عاشوراء كانوا قريب ( 72 ) وما ذكره ابن مخنف - رواية الضحاك بن عبد الله المشرقي كانوا ( 32 ) وغيرها من المرويات التي لا تكاد ان تنضبط.

 

مثلا ما ذكره اليعقوبي أنه قال: الأنصار وبني هاشم كانوا (62) أو ( 72 )

 

وكيف كان: أجد من الغرابة عدم التزام الإخوة برواية أبي مخنف في شأن العدد ، ولكنهم في نفس الوقت يروجون مقولته في حادثة معركة ألطف بما مضمونها ( قتالُ لم تر مثله عيني قط ) كإشارة إلى عديد الجيش وكونه بالآلاف!!!

 

تمسك جملة من المهتمين بالشأن الحسيني برواية عمار الدهني حول مسألة ( العدد ) فقد جاء عن أبي جعفر ( ع ) - الباقر - في رواية جاء فيها - حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر بن يزيد التميمي فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء ،،، فنزل وضرب ابنيته وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا ومئة راجل – انتهى.

 

وقد أخذ ابن نما الحلي بهذه العدد على اختلاف توقيتي، إذ أن الرواية اعلاه ذكرت توقيت النزول وهو اليوم الثاني من محرم وابن نما ذهب إلى أن هذا العدد هو في اليوم العاشر من محرم ، إذ ذكر في - اللهوف على قتلى الطفوف - ما نصه : وعبأ الإمام الحسين أصحابه، وكانوا خمسة وأربعين فارسا ومئة راجل –

 

بل أننا نجد أن ابن طاووس التزم نفس العدد وقد صرح بإسناد الرواية للإمام الباقر (ع)

 

وكيف كان: لا مصدر أمام ابن نما الحلي وابن طاووس إلا رواية عمار الدهني ولا يمكن الاعتماد على توقيتاتهم بلحاظ كون كتبهم متأخرة وليست من المصادر المتقدمة كما هو المعروف في مثل هذه الشؤونات،

 

وعلى ما يبدو لي بأن رواية الدهني قريبة إلى زمان ومكان رواية المسعودي!


إذن وبناء على نقل المرويات المتقدمة والمتأخرة ، لم تذكر أي رواية من اي مؤرخ ان عدد أصحاب الإمام الحسين (ع) بالألالف. بل أكثر عدد ممكن تصوره هو ما ذكره المسعودي المحقق الشهير في - مروج الذهب - الناص على ذكر ( 500 ) نفر ،

 

وهؤلاء هم أهل بيت الإمام والأنصار والأصحاب والأطفال والنساء والخدم ونحوهم ،

 

وعليه ، إما ان نضع اليد تحت النقولات أو الالتزام بالاستحسانات والذوقيات والمزاجيات، والمتلقي بالخيار والى الله تصير الأمور ،

هذا ما يمكن ذكره في هذه السلسلة الخاصة في عدد معسكر الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ودونك التاريخ فإما ان نتهمه بالتزوير ككل أو نأخذه ككل والمنصف من يتبع النمرقة الوسطى والحمد لله رب العالمين، انتهى.



واقعة كربلاء بين الحقيقة والإدعاء! (4)


 

إرسال تعليق

0 تعليقات