آخر الأخبار

كوشنير يقلب الحقائق

 




 

 

عمر حلمي الغول

 

 

إستمرارا لمواصلة قراءة مواقف وتداعيات التطبيع الخياني مع إسرائيل الإستعمارية، رأيت من الواجب الرد على ما صرح به مستشار الرئيس الأميركي، وصهره، جارد كوشنير لقناة (سي بي اس) الأميركية أمس الأثنين الموافق 17/8/2020، حيث هاجم القيادة الفلسطينية، كونها دافعت عن قرارها وثوابتها الوطنية المعروفة للقاصي والداني في كل المعمورة، والمنسجمة مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، ووصفها ب"السيئة والإرهابية." وقال المبتدأ في علم التاريخ والسياسة إن "الشعب الفلسطيني رهينة لقيادة سيئة، وقيادة إرهابية في غزة." ولا اعرف ان كان هذا المستشار يعلم او لا يعلم، ان قيادة الشعب العربي الفلسطيني الشرعية، هي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، وليست موجودة في غزة، وإن كانت ومازالت غزة جزءً اصيلا من الشعب وجغرافية الدولة الفلسطينية. لإن قيادة حركة حماس، ليست حتى الآن جزءً من القيادة الشرعية، وهو ادرى او يفترض ان يكون اخبروه بالكيفية التي جاءت بها للمشهد الفلسطيني، ومن سوقها، ومن يرعاها حتى الآن، وبأوامر من البيت الأبيض والبنتاغون والCIA، ويتم تمويلها من دولة قطر بتعليمات واضحة من الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو، والتصعيد الجاري بمحاذاة الغلاف الحدودي، هو تصعيد مفتعل ومحسوب، وتضليلي. ام انه أراد من خلال الزج بإسم حركة حماس، التلويح غير المباشر لقيادة منظمة التحرير، بأن البديل جاهز، وهو موجود في غزة، وبالتالي سعى لتلميع فرع جماعة الإخوان المسلمين في غزة إستعدادا لما سيتم لاحقا باستهداف رأس الشرعية!

 

مع ذلك، فإن القيادة الشرعية تعمل جاهدة من اجل ردم الهوة داخل الصف الفلسطيني، وترميم الجسور، وإعادة الإعتبار للوحدة الوطنية مع حركتي حماس والجهاد، لتعزيز وحدة الصف الفلسطيني، والتأكيد على ان الشعب الفلسطيني موحدا خلف قيادته الشرعية برئاسة الرئيس ابو مازن، إلآ اذا واصلت حركة حماس خيارها الإنقلابي، ووضعت الذرائع الواهية في طريق الوحدة، ودست العصي في دواليب عربة المصالحة.

 

 

ويواصل صهر ترامب الساذج التغني بما تحقق من إختراق في الجبهة العربية الرسمية بالإعلان الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي يوم الخميس الماضي (13 آب/ أغسطس)، لإعتقاده انه حقق لسيد البيت الأبيض "إنجازا" غير مسبوق عشية الإنتخابات الرئاسية، حيث وصف في مقابلته التطبيع الإماراتي المجاني والخياني ب"الإنجاز التاريخي"، واضاف أن ما جرى يعتبر أول إتفاقية سلام توقع منذ 26 عاما في الشرق الأوسط. وتجاهل الصهيوني كوشنير، ان العلاقات التطبيعية المجانية بين الإمارات ودولة الإستعمار الإسرائيلية سابقة على ولاية حماه، والتنسيق قائم بين الدولتين على اكثر من مستوى وصعيد، وكانت تتم عملية إنضاجها على نار هادئة إسوة بدول خليجية أخرى اقامت علاقات تجارية وأمنية وفتحت مكاتب رسمية لدولة إسرائيل الخارجة على القانون منذ مؤتمر مدريد عام 1991 وبعد التوقيع على إتفاقية اوسلو 1993 واتفاقية وادي عربة 1994. وبالتالي ما يدعيه انجازا، لا يتعدى لحظة الإعلان الرسمية بين قيادة دولة الإمارات ودولة الإستعمار الإسرائيلية.

 

 

إذا الحديث عن جهد الثلاثة اعوام ونصف، التي يدعي زوج إيفانكا، انه بذلها لبلوغ ما تم الإعلان عنه في الثالث عشر من اغسطس 2020 ليس سوى كذبة كبيرة. فالنظام الإماراتي وخاصة مع تربع ولي العهد، محمد بن زايد على رأس الحكم، بعدما إعتقل اخوه الحاكم الفعلي، خليفة بن زايد بإدعاء المرض، كان مستعدا منذ زمن لهذة الخطوة. ولكنه كان ينتظر اللحظة المناسبة، فجاءت عملية تفجير مرفأ بيروت الإجرامية ليدخل من خلال غبارها ودخانها متاهة الخيانة الرسمية.

 

 

وعليه فإن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي المجاني، والخطير، هو خطوة مهددة للسلام، عرض ويعرض النظام الرسمي العربي بشاكلته الراهنة للدفن حيا، وموته المعلن، وهي لحظة فارقة في التاريخ العربي الحديث، ستكون حسبما اعتقد، نهاية مرحلة من تاريخ العرب المعاصر، وإندثار المنظومة العربية الرسمية، التي ولدت ونشأت بعد الحرب العالمية الثانية 1945، وبالضرورة ستأذن لإنبثاق مرحلة جديدة تعيد الإعتبار للأمة العربية. وبالتالي كل الحكام العرب المنخرطون في متاهة التطبيع المجاني من فوق او تحت الطاولة ستتم محاكمتهم امواتا او احياءً أمام محاكم شعوبهم الأبية والأصيلة. وستعيد الشعوب العربية ونخبها الوطنية والقومية الديمقراطية الإعتبار للأمة العربية ومشروعها القومي النهضوي، وستحرر فلسطين من عار الصهيونية التاريخي، وستبني السلام العادل والمشروع بما يستجيب لمصالح وحقوق شعوب الأمة.

إرسال تعليق

0 تعليقات