محمد كاظم خضير
بعدما أعطى انطباعاً
أنه لم يستقر على رأي نهائي من مسألة حل البرلمان العراقي ، يبدو أن الرئيس
الوزراء مصطفى الكاظمي قد اقتنع بضرورة "التخلص" من غرفتي البرلمان في
انتخابات تشريعية مبكرة قبل نهاية العام القادم ، على أن تكون الحكومة قد انتهت من
صياغة قانون للانتخابات يترجم وعود من وعد الكاظمي في هذه المرحلة الانتقالية وهذه
الانتخابات تشكل فرصة لقوى سياسية غير تقليدية قد تهيمن على مقاعد البرلمان، بعضها
قادم من حركات طلابية أو من تيارات "علمانية" تشارك في التظاهرات بقوة.
وتبرز ورقة البرلمان
كإحدى المحطات الكبرى التي قد يعتمد عليها الكاظمي في "إرضاء" قطاع واسع
من "المتظاهرين "، الذين يشكلون في الغالب طليعة التظاهرات الشعبي
المتواصل من العام الماضي . وكان الكاظمي "متردداً" حيال مسألة
الانتخابات المبكرة ، الذي تنتهي ولايته الحالية عام قبل 2021، وهو أحد الهياكل
الدستورية الموروثة عن الفترة السياسية الماضية وأكثرها انتقاداً من قبل عموم
العراقيين .
ان خطوة الانتخابات
المبكرة وحل البرلمان قبل نهاية العام العام مع تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في
حدود حزيران 2021، تعني الذهاب نحو خريطة سياسية جديدة على أساس المتغيرات
الحزبية التي تشهدها البلاد.
زلزال في الخريطة
السياسية
أن "التظاهرات
الشعبية منذ بداياته أحدث زلزالاً في الخريطة السياسية الحزبية الداخلية، لأن
الهبة الشعبية تجاوزت كل الأطر التنظيمية والسياسية التقليدية". ويشير إلى أن
"الأحزاب التقليدية لم يكن أمامها أي حل أو أي قدرة على استيعاب حجم التحولات
المجتمعية المتسارعة منذ تشرين 2019. وإلى يومنا هذا، لم يتمكن أي من تلك الأحزاب
من التأقلم مع التظاهرات المطلبية. واللافت أنه بعد نحو سنة كاملة من المسيرات،
فإن الأحزاب في مجملها لم تقدم أي خريطة جديدة للخطاب أو الممارسة، بما يحتوي
مطالب الحراك أو يسايرها… من الطبيعي إذاً أن تظهر فعاليات حزبية جديدة وأيضاً
قيادات جديدة بما يتوافق والمشهد الجديد".
المفارقة أن الأحزاب
السياسية التي تعتبرها غالبية العراقيين جزءاً من "المشكلة"، وهي تلك
التي كانت دعامة خلف نظام الحكومات السابقة الفاسد سياسياً، تحاول من دون جدوى
العودة إلى الحياة السياسية، إما بإقرار تغييرات شكلية على القيادات أو حتى بإعلان
نية تغيير اسمها بالكامل بما ينهي الإرتباط بالمرحلة السالفة. لكن جهودها اصطدمت
بشكل صريح بنوايا مشتركة ومتفق عليها بين التظاهرات الشعبي والرئيس الوزراء ، الذي
لا يخفي "خصومته" إزاء حزمة من الأحزاب التي تشكلت قبل ثلاثة عقود.
أن البرلمان العراقي
المشكل من القوى السياسية غير قادرين على "رفع رأسيهما" قبالة العراقيين
لما شكلا من مظاهر "الفساد السياسي" خلال عهد الحكومات السابقة .
إن "مأساة
الأحزاب العراقيه التقليدية مزدوجة وعميقة، فهي لم تكتف بأن تكون شريكاً في فترة
حكم السابق ، بل تريد أن يكون لها دور في المرحلة المقبلة". كان الأصح أن
تختفي هذه الأحزاب من المشهد نهائياً، لأنها نقلت فساد منظومة الحكم إلى داخلها
وتحولت إلى مفرخة لزبائنية المبنية على عبادة الأشخاص وتغلغل المال الفاسد. أما
الأحزاب الإسلامية القريبة من تيار الأحزاب فشاركت في جميع منعرجات السلطة السابقة
وكانت شريكاً مستتراً. كما أنها لحقت بالتظاهرات أولاً ثم انسحبت منه، ثم عادت
لتغازله من جديد من دون قيم أو مبادئ".
الأخلاق السياسية
كانت تقتضي حل هذه الأحزاب لنفسها وليس محاولة العودة إلى المشهد بخطاب، أو قادة
جدد أو بأسماء جديدة، مع أنها كانت في صدارة شعارات التظاهرات الشعبي. ومحاولة
استمرارها في المشهد تتطلب قرارات جريئة من الرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ". فما
الذي يمكن الكاظمي فعله إذاً لتطهير الساحة السياسية؟.
أن رئيس الوزراء
مصطفى الكاظمي لا يريد تفجير خصومة مباشرة مع تلك الأحزاب في الفترة الراهنة، وهو
يفضل التخلص منها عبر انتخابات تشريعية ومحلية".
قوى جديدة
بشكل بطيء، لكنه
ملحوظ، تتجه قوى شبابية وطلابية نابعة من التظاهرات الشعبي إلى التشكل ضمن أحزاب
سياسية جديدة قد تتحول إلى الفاعل الأول في الانتخابات التشريعية المبكرة نهاية
العام. وهي في ذلك ليست وحدها. ذلك أن التيار العلماني يحقق تقدماً داخل الحراك
الشعبي، بما أنه التيار الوحيد المستميت داخل المسيرات الشعبية إلى جانب قوى تيار
التظاهرات تستعد بدورها لخلافة الأحزاب التقليدية .
أن معظم القوى
التقليدية والناشطين السياسيين "احتموا لأشهر بالتظاهرات الشعبي، وهم من
الذين لم يتمكنوا من التجذر من قبل داخل الشعب. وبالإضافة إلى السياسيين، احتمى
بالتظاهرات أيضاً كل من لم تكن لديهم في الماضي أدوار إيجابية أو فعلية في الأحزاب
لحكم ، بل كانوا قريبين منه أو على الأقل سلبيين".
0 تعليقات