علي الأصولي
إن أفضل المناهج التحقيقية في فهم الأحداث التاريخية. هو منهج فصل
المصادر بين المرويات أو النقولات التاريخية. القديمة منها والمتأخرة. وعدم جعل
النقولات التاريخية بسلة واحدة. وهذا بعد الفصل بين نقولات القرن العاشر وبين نقولات
القرن الرابع الهجري.وهذا ما نبه عليه بعض الباحثين منهم علي الفرج. غير أننا
ناقشنا بعض الثغرات التي تركها ولم يجب عنها وبالتالي هذا المختار خطوة متقدمة عما
تبناه الفرج.
ما يعنينا أنه لا يمكن الاعتماد مثلا على تفردات كتب القرن العاشر
بدون إسناد معصومي وقرائن وشواهد متقدمة من التاريخ ومصادره الأولى في القرن
الرابع مثلا.
ولو وجدنا نقلا تاريخيا على نحو التطابق بين مصدر القرن العاشر
والقرن الرابع فلا مناص والأخذ بهذا النقل أو النقولات وأما لو وجد تطابق ما. إلى
حد بعيد ولكن فيه تفصيلات متأخرة لا يمكن المجازفة والتزامها ما لم تعزز بالشواهد
المعصومية. وهذا ما بيناه في مقالاتي التاريخية حيث الاعتماد على المصادر الأم
أولا وبالذات. وقللنا من الاعتماد على المصادر المتأخرة ما لم تتوافق نقولاتها
والمصادر إلام..
نعم: إذا سرنا وفق هذه المنهجية فسوف نجد أنفسنا أمام تاريخ غريب
عما هو المعهود منبريا.
شرط التحقيق وضوح المنهج،
لا تحقيق إلا بعد مختار منهجية علمية موضوعية واضحة المعالم، وأما
الدخول للعمق التاريخي بلا منهجية أو بمناهج متداخلة أو بمنهجية منقطعة. فسوف لا
تكون النتائج البحثية إلا المزيد من الفوضى وعدم الوضوح.
والحاصل الخروج بتاريخ هجين لا يعرف له رأسا من قدم كما هو الحاصل
هذه الأيام مع انعدام الضوابط العلمية.
فتجده صارخا صادحا وكون التاريخ كل التاريخ كتب بأيد غير أمينة.
وبعدها تجده متبنيا لمجموعة من الوقائع الغريبة العجيبة.
والغريب أن هذه الوقائع منتخبة إما من التاريخ ومصادره التي صدع
بها رؤوسنا وكون أقلام كتابها غير منصفة وتخضع لسياسات البلاط السلطاني. أو له
مصادر لا نعرفها هل هي وحيانية أو مغيبة عن البشرية اكتشفها هو وغابت عن الآخرين!
ومن فجائع الاستنتاجات. مثلا أن تكتشف بأن الإمام الحسين(ع) كان
ملكا على العراق وعاصمته كربلاء والأمور طيبة لولا التحالف الدولي بين حكومة الشام
والدولة الرومانية البيزنطية ونحو ذلك. وجدوا بأن مشروعهم يصطدم مع وجود دولة
الحسين(ع) في العراق. فقرروا الإطاحة به،
نعم: هذه الفجيعة التي استنتجت من كلام منسوب ليزيد مفاده سوف
أحارب العراق بمعركة شديدة (١)
والتقاط كلمة بشعر لسنان بن انس وحاصل مطلعها - أملأ ركابي فضة أو
ذهبا - إلى قول - إني قتلت الملك المحجبا –
أهذا التاريخ الذي تنتظروا من دعاة تصحيح التاريخ بلا منهجية
مثلا!!
والى الله تصير الأمور .
-------------------------
(١) قال
يزيد بن معاوية:
وسيكون
بيني وبين أهل العراق حرب شديد، وقد رأيت في منامي كأن نهرا يجري بيني وبينهم دما
عبيطا وجعلت أجهد في منامي أن أجوز ذلك النهر، فلم أقدر على ذلك حتى جاءني عبيد
الله بن زياد، فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه. قال:
فأجابه
أهل الشام وقالوا: يا أمير المؤمنين! امض بنا حيث شئت وأقدم بنا على من أحببت فنحن
بين يديك، وسيوفنا تعرفها أهل العراق في يوم صفين .من كتاب الفتوح لابن اعثم ج
الخامس.
0 تعليقات