آخر الأخبار

الانتخابات الأمريكية القادمة تؤسس لحرب أهليه؟

 

 

 

 

يقول الصحافي والكاتب الأميركي توماس فريدمان، في مقالة له نشرتها "نيويورك تايمز" إنه سبق له أن غطى انتخابات في جمهوريات موز يحاول حكامها التلاعب بنتائجها، لكن الولايات المتحدة قد تكون في تشرين الثاني/نوفمبر على موعد مع انتخابات رئاسية ستزرع بذور فتنة وطنية وحرب أهلية أخرى. ماذا قال فريدمان في مقالته؟

 

 

“إليكم جملة لم أعتقد أنني سأكتبها أو أقرأها يوماً في حياتي: في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وللمرة الأولى في تاريخنا، ربما لن تستطيع الولايات المتحدة أن تجري انتخابات (رئاسية) حرة ونزيهة، وأن تعرف انتقالاً شرعياً وسلمياً للسلطة في حال هُزم الرئيس دونالد ترامب من قبل جو بايدن.

 

ذلك أنه إذا كان نصف البلاد سيعتقد أن أصواته لم تُحتسب بشكل كامل بسبب تخريب متعمد لخدمة البريد الأميركي، وإذا أُوهم النصف الآخر من قبل الرئيس (ترامب) بأن أي صوت يدلى به عبر البريد لمصلحة جو بايدن هو تزوير وغش انتخابي، فإن ذلك لن يؤدي إلى انتخابات متنازع عليها فحسب – على غرار قضية «بوش الابن ضد آل غور»، والتي أحيلت إلى المحكمة العليا من أجل البت فيها – بل إن ذلك سيكون نهاية الديموقراطية الأميركية كما نعرفها، كما أنه ليس من المبالغة القول إنه يمكن أن يزرع بذور فتنة وطنية وحرب أهلية أخرى.

 

الخطر حقيقي، ولهذا، فإنني شخصياً سأمشي، سأجري، سأزحف، سأركب دراجة، سأقود سيارة، سأعدو، سأركض، سأطير، سأركب القطار، سأهرول، سأركب شاحنة، سأتنزه، سأسير، سأصعد الحافلة، سأستقل سيارة أجرة، وسيارة خدمة «أوبر» أو «ليفت» ـ سأرتدي كمامة، وواقياً للوجه، وقفازات، ونظارات للوقاية، وبذلة واقية أو بذلة رائد فضاء أو لباس الغوص – ولكنني سأحرص قطعاً على الذهاب إلى مكتب التصويت في حيي، لأرى وأتأكد من أن الصوت الذي أدليت به لجو بايدن و(نائبته) كامالا هاريس، قد أُحصي واحتُسب في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.

 

وهذا ليس لأنني ليبرالي يهذي، وإنما لأنني أؤمن بأن أميركا، في جوهرها، ما زالت بلد «يسار الوسط» و«يمين الوسط»، وتكون محكومة بشكل جيد من قبل شخص يستطيع إعادة صياغة الاثنين معاً والقيادة وفق هذه الرؤية. وأؤمن بأن بايدن، هو الشخص الذي يستطيع القيام بذلك على أحسن وجه، وذاك في الواقع هو مصدر جاذبيته لكثير من الأميركيين.

 

أدركُ أن التصويت بشكل حضوري بالطريقة التي أنوي فعلها، في وسط وباء، هو بكل بساطة ليس خياراً بالنسبة إلى كثير من الأشخاص لأسباب لا علاقة لها بترامب. ذلك أن الكثير من الأشخاص المتقاعدين، الذين يتطوعون عادة للعمل في مكاتب الاقتراع، خائفون من التطوع هذه السنة خشية الإصابة بفيروس كورونا. كما أن الكثير من الأشخاص الآخرين، يخشون على نحو مشروع، أنهم إذا اضطروا للوقوف والانتظار في طوابير طويلة ومزدحمة في مكاتب اقتراع قليلة، فإن هذا أيضاً يمكن أن يزيد من احتمال إصابتهم.

 

لا يهمني لمن ستصوّت، ولكن لا تسمح بسرقة هذه الانتخابات من قبل أشخاص يحاولون التلاعب بها حتى لا يستطيع كل شخص التصويت أو حتى لا يتم احتساب كل صوت، وهو ما من شأنه أن يمثّل أكبر إهانة للأميركيين الذين قدّموا وضحوا بأنفسهم فداء للوطن والحرية

كما أنه ليس خطأ ترامب في حد ذاته كون خدمة البريد ليست مهيّئة لإرسال أصوات عبر البريد ثم تلقيها على نحو يسمح بالإدلاء بكل صوت واحتسابه.

 

ولكن خطأ ترامب، هو أنه بدلاً من الزعامة – وأقصد بذلك التعاون مع الكونجرس، وكل حكام الولايات من أجل تنظيم رد طارئ على هذا التحدي غير المسبوق، الذي يواجه انتخاباتنا الوطنية – استخدم منبره محاولاً إقناع البلاد بأن أي صوت يُدلى به عبر البريد ينبغي أن يُنظر إليه على أنه تزوير انتخابي – ما عدا في الولايات التي قد تدعمه مثل فلوريدا، وسعى إلى منع التمويل عن خدمة البريد المطلوب من أجل توسيع عاجل لقدراته من أجل التعاطي مع كل هذه الأصوات المدلى بها عبر البريد.

 

ففي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي، قال ترامب إنه لن يوقع على 25 مليار دولار مخصصة لتمويل طارئ لخدمة البريد الأميركي أو 3.5 مليار دولار من مساعدات الانتخابات لمساعدة الولايات، وهما شيئان يضغط من أجل تمريرهما «الديمقراطيون» في إطار مشروع فيدرالي للإغاثة من كوفيد 19.

 

وبعد يوم واحد، قال ترامب لقناة «فوكس بيزنس».. «إنهم يحتاجون لذلك المال من أجل جعل مكتب البريد يعمل، وذلك حتى يستطيع تلقي كل تلك الملايين والملايين من الأصوات»، مضيفا «ولكن إذا لم يحصلوا على هذين العنصرين، فذاك يعني أنه لا يمكن أن يكون لديك تصويت عبر البريد، لأنهم ليسوا مجهَّزين لذلك».

 

والواقع أنه سبق لي أن غطيتُ أحوال زعماء يحكمون جمهوريات موز وكانوا أكثر مواربة من ذلك في محاولة التلاعب في الانتخابات أو إضعاف أصوات خصمهم.

 

ولهذا، علينا أن نساعد كل منطقة على تجنيد موظفي انتخابات أكثر – «جمهوريين» و«ديمقراطيين»، فنحن في حاجة لأعداد كبيرة من الفريقين حتى يشعر الجميع بأنهم ممثَّلون – وذلك حتى تستطيع استقبال كل من يريد التصويت.

 

وإذا كنت شاباً وتتمتع بصحة جيدة أو تعافيتَ من كوفيد- 19، فتطوّع للعمل في الانتخابات. اذهب إلى موقع «لجنة مساعدة الانتخابات» على شبكة الإنترنت من أجل الحصول على معلومات حول كيف تصبح موظف انتخابات، وإرشادات تتعلق بالتصويت في كل ولاية. واحرص في الوقت نفسه على التحقق من أنك مسجل في قوائم التصويت، وإذا كنت مسجلا وتريد التصويت عبر البريد، زُر الموقع الإلكتروني للانتخابات واحصل على «بطاقة تصويت غيابي» خاصة بانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.

 

خلاصة القول إنه لا يهمني لمن ستصوّت، ولكن لا تسمح بسرقة هذه الانتخابات من قبل أشخاص يحاولون التلاعب بها حتى لا يستطيع كل شخص التصويت أو حتى لا يتم احتساب كل صوت، وهو ما من شأنه أن يمثّل أكبر إهانة للأميركيين الذين قدّموا وضحوا بأنفسهم فداء للوطن والحرية” (ترجمة بتصرف 180).

إرسال تعليق

0 تعليقات