عمر حلمي الغول
مما لا شك فيه ان
وباء الكورونا شكل لحظة فارقة في حياة الشعوب عموما والشعب الفلسطيني خصوصا، وترك آثارا
سلبية على دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي كل مناحي ومجالات
العمل. الأمر الذي دفع العديد من الشعوب إلى تدوير زوايا المواجهة للجائحة. لا سيما
وان سياسة الإغلاقات للمصانع والمؤسسات ولدورة الحياة عكست نفسها سلبا على المجتمع
ككل، ونجم عنها أزمة اقتصادية حادة عالميا وعلى مستوى كل دولة على إنفراد.
ولو تركنا القراءة
العالمية الناجمة عن الجائحة جانبا، وتوقفنا أمام الواقع الفلسطيني، فإننا سنجد،
ان الوضع في غاية الصعوبة والتعقيد، منها أولا نحن دولة تحت الاحتلال الإسرائيلي،
ولا نملك السيطرة على الحدود، ولا على المعابر، ولا على الأجواء أو المياه
الإقليمية؛ ثانيا الاقتصاد الفلسطيني نتاج الخضوع التاريخي لسطوة وتغول الاقتصاد
الإسرائيلي، مازال خاضعا بشكل شبه كلي للمنظومة الجمركية الإسرائيلية الاستعمارية؛
ثالثا حتى المسألة النقدية مرتبطة ارتباطا عضويا بالدوامة النقدية الإسرائيلية؛
رابعا كل إجراءات السلامة الفلسطينية تم اختراقها، والتشويش عليها من قبل دولة الاستعمار
الإسرائيلية، وسعت المنظومة السياسية والأمنية الاستعمارية لتقويض أية ملامح لاستقلال
السلطة الوطنية .. إلخ
هذه بعض العوامل
الرئيسية المتعلقة بالواقع الاقتصادي وسوق العمل الفلسطيني، والمرتبطة ارتباطا
عميقا بالمسألة الاجتماعية وكافة العمليات الآخرى في الساحة، فضلا عن أزمة الانقلاب
الحمساوي وأثره على دور المنظومة السياسية والقانونية والإقتصادية والصحية، والتي
تخضع لقيود وكوابح إسرائيلية تاريخية، ليس من السهل الإنفكاك منها إلآ بالإستقلال
الوطني الكامل، وتحرر السوق الوطني من كل كوابح التبعية للمنظومة الإقتصادية
والسياسية وغيرها.
ما اريد التوقف
امامه، هو مجموعة الإجراءات، التي اعلنت عنها لجنة الطوارىء الوطنية، وعلى اهميتها
من حيث المبدأ، لكنها اثبتت بالتجربة العملية خلال الأيام والشهور القليلة
الماضية، انها لم تحقق الأهداف المرجوة منها، نتاج إصطدامها بكم العقبات
الإسرائيلية الإستعمارية، ولو أخذنا على سبيل المثال نموذج إغلاق ايام الجمعة
والسبت من كل إسبوع، ماذا وجدنا بآخر اسبوع، لاحظنا ان دولة الإستعمار فتحت بوابات
وثغرات لإندفاع المواطنين الفلسطينيين لمنطقة ال48، وأنفق ابناء الشعب الفلسطيني
في يوم او يومين ما مقداره حوالي 80 مليون شيقل بالحد الأدنى، لإن رسوم الدخول لكل
مواطن كان 200 شيقل، وهو ما اعلنت عنه سلطات الإستعمار نفسها، وسافترض ان كل مواطن
صرف بالحد الأقصى 200 شيقل، تكون النتيجة ما ذكرته آنفا. فضلا عن ذلك، يتم إغلاق
مثلا محافظة رام الله والبيرة وكفر عقب المحاذية لها مفتوحة، الحل بالنسبة للمواطن
الذهاب لكفر عقب والتسوق منها. الدرس والعبرة يكون بفتح الأسواق في مدن المحافظات
الشمالية لتستمر الدورة الإقتصادية في الأسواق الفلسطينية، وليعود المردود على
الإقتصاد الوطني.
النتيجة المنطقية،
والتي تستجيب لمصالح المواطن والشعب وإلإقتصاد تكون بالعمل على الآتي: اولا التشديد
على الحمائية الوقائية في اوساط الجماهير الفلسطينية من حيث التباعد، واستخدام
الكمامات، وغسل الأيدي، منع التجمعات مثل الأفراح وبيوت العزاء والفعاليات
والأنشطة السياسية والثقافية والرياضية وغيرها من عوامل الوقاية؛ ثانيا فتح
الأسواق بشكل كامل دون قيود بما في ذلك ايام الجمعة والسبت؛ ثالثا المناطق التي
تتعرض لزيادة إنتشار الوباء فيها، يتم إغلاقها مؤقتا لضبط الحمائية في اوساط
الناس؛ رابعا تتابع وزارة الصحة وطواقمها المختصة مع أجهزة الأمن مراقبة الإلتزام
بالتعليمات والبرتوكول الطبي من قبل ابناء الشعب في كل المحافظات، وفرض العقوبات
على المخالفين؛ رابعا ادعو لإسترداد اموال
المقاصة عبر طرف ثالث وليكن الأمم المتحدة أو الإتحاد الأوروبي لتثبيت
معايير جديدة تسقط عمليا برتوكول باريس، ولا يجوز الربط بين تحصيل الأموال
الفلسطينية وفق المعيار الجديد والتحلل من الإتفاقات، لإن الطريقة الجديدة لا تعني
بحال من الأحوال ابقاء الإتفاقات، ولا تعني بحال من الأحوال عودة التنسيق تحت اي
مسمى إلآ إذا عادوا عن قرار الضم والغوا صفقة العار الترامبية.... إلخ
ومن موقع المسؤولية
الشخصية والوطنية أدعو جميع جهات الإختصاص إلى التوقف بمسؤولية تجاه الذات والشعب
بهدف إعادة النظر بالإجراءات القائمة خدمة للأهداف الوطنية، ولتنشيط السوق
الفلسطيني، لاسيما وان الإقتصاد الفلسطيني يحتاج إلى مليارات عديدة حتى يستعيد
عافيته ودوره الطبيعي.
0 تعليقات