آخر الأخبار

حكايتي مع الزمان

 





 

هادي جلو مرعي

 

برنامج تلفزيوني يستقبل شخصيات عامة، وبإستخدام أدوات مكياج يتم تغيير شكل الضيف، ولون شعره، وعمل تجاعيد في مواضع الوجه، ويبدو كأنه في سن السبعين خلاف السن التي دخل فيها الى الأستوديو، وتبدو على كل واحد من الضيوف مشاعر متباينة، ونظرات مستفهمة، أو متعجبة، أو مصدومة، ويأخذ البعض بالبكاء، وتنزل دموعه دون قدرة على وقفها، بينما يضحك أحد الضيوف، وهو ينظر في المرآة لكن ضحكته ليست عفوية، وهي أقرب الى أن تكون مصطنعة بفعل الصدمة، أو كرد فعل للإيحاء بنوع من التماسك.

 

يتصرف الناس في الغالب متجاهلين نهاياتهم، ويتناسون فكرة التقدم في العمر التي تعني أشياء أخرى، أولها الكسل والهوان، ثم تغير الشكل، والتحول من القوة الى الضعف، وفقدان عنصر المبادرة، وعدم الرغبة في التحدي، ولعل هذا من أسباب طول الأمل عند كبار السن وبخلهم، وكأن شيئا ما، أو سرا مكنونا يوحي لهم بالتمسك بالحياة والأمل فيها، والحرص على المال والإقتصاد في كل شيء في محاولة لإبعاد النهاية، وكسب المزيد من الوقت، والبقاء في هذه الحياة لأطول فترة ممكنة، وهي في الغالب رغبة جامعة لايختلف عليها الكثير من الناس.

 

تتسبب الأطماع والرغبات المجنونة بدمار بلدان وشعوب، وتضييع مستقبل اجيال، وبينما يستمر الحاكم في طغيانه وتجبره، فإن مستقبل الأجيال يتعرض الى الخطر، ولأن أصحاب النفوذ والأموال، والذين جاءتهم المكاسب في غفلة من الزمن ليسوا مستعدين للتخلي عن تلك المكاسب والإمتيازات، فإن صداما مجتمعيا يحدث، ويصطدم العامة والمحرومون والمثقفون مع الطبقة الحاكمة، ويصبون جام غضبهم على كل مسؤول يعدونه مسؤولا عن حرمانهم، وفقدانهم للأمل. ولأن أصحاب المكاسب هم بشر ضعاف، فإن تناسيهم لفكرة التقدم في العمر والموت والحساب محاولة منهم لعدم الإستسلام للمخاوف، وسلطة الضمير، فيكسبون بعض الشيء، ولكنهم يخسرون نهاياتهم.

إرسال تعليق

0 تعليقات