آخر الأخبار

الشعيرة…. وأصالة البراءة

 





 

عز الدين البغدادي

 

 

عندما تعترض أو تنتقد بعض الأمور التي تمارس ضمن طقوس عاشوراء أو غيرها فستجد أن هناك من يستدل لمشروعيتها بأصالة البراءة، ومعناها أنّ الأفعال والأشياء على أصل الإباحة والحليّة إلاّ إذا دلّ دليل على غيـــــر ذلك. وبما أنه لم يأت دليل يقول مثلا "التطبير حرام" أو "لا تطبر" فمن الممكن أن نقول بأن التطبير مباح لا سيما مع الأمن من الضرر والتهلكة، وبالتالي لا يبقى معنى للقول بحرمة هذا الفعل أو بدعيته.

 

 

إلا أن هذا الاستدلال غير صحيح، فمن يرى التطبير وغيره من الطقوس شعائر لا يمكن أن يحتج بهذا الدليل، لأن أصل البراءة لا يثبت حكما، بل ينفي وحسب. أي إنه ينفع في نفي التكليف، كأن نشك في أن هذا الفعل فيه تكليف شرعي (وان لم يكن إلزاميا كالاستحباب) أو لا، فتأتي قاعدة "أصل البراءة" لتقول لنا بأنه لا يوجد أي تكليف.

 

نعم أقصى ما يمكن أن يثبته هذا الأصل هو الإباحة وليس الاستحباب، أي نقول بأنّه لا يوجد دليل على الحرمة فيكون هذا الفعل مباحا وليس مستحبا، وعندها لن يكون ممكنا أطلاق وصف "الشعيرة" عليه، بل سيكون فعلا إنسانيا عاديا كتلك التي تحدث في الطقوس والكرنفالات وغيرها. أي إنه سيكون فعلا بشريا عاديا، وتعبيرا اجتماعيا يقبل النقد.

 

بتعبير أوضح، فإنّك إن زعمت أن التطبير شعيرة؛ فلا يمكن أن تحتج لذلك بأصل البراءة لأنها لا تثبت تكليفا، وإذا أثبتت مجرد جواز لتثبت أنه ليس بمحرّم فيكون كغيره قابلا للنقد، بلا حرمة شرعية يتمسّك بها.

طبعا هذا الكلام نقوله مجاراة للمدعي وإلا فإن أدلة توقيفية الشعائر وحرمة الابتداع في الدين كافية لرد هذه الدعوى الباطلة.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات