صفاء صالح*
في ذلك اليوم رمت
بجسدها الشريف على آخر الصبية، وماتبقى من عترة النبي لتكون دونه والسيف، وأزاحت
وجوههم الغليظة في قصر الأمير الدموي عن نور وجه ابنة أخيها الفاتنة، ثم حملت رأسه
الشريف النازفة، وقرة عين جده إلى تراب عشق أهله أنفاسها، هي وآل بيت النبوة، إنها
السيدة القوية التي باتت رئيسة الديوان و قاضية المظالم حبيبة المصريين.
في ذلك اليوم، ما كان
لابن مرجانة، وحفيد آكلة الأكباد أن يقتلا أبن الزهراء، وحفيد رسول الله إلا ابتلاءا
من الله.
اللهم اجعل ابتلاءاتنا
في دنيانا، لا في ديننا.
زينب، حبيبتي أم
هاشم، سيدة الكبرياء الذي لاينكسر رغم عظم المصيبة، وشدة البلاء، وقفت تنظر الى
السماء باحثة عن الرضا، رضا الرب، فهي تعلم أن مانزل بها واخوتها هو بعين الله
وصرخت في فيافي كربلاء، وشقت صمت الصحراء بقول سجله التاريخ، اللهم إن كان هذا
يرضيك فخذ حتى ترضى.
يالها من كلمات
إنسابت من شفاه متيبسة من عطش الحزن والحر والرمال، وتلك العرصات المقفرة في
كربلاء العراق الذي يتنفس الألم، كأنه أوكسجين الحياة الذي لاينضب، خذ حتى ترضى. خذ
مادام السبيل إليك يعبد بدماء الشهداء وحتى لو كان الشهيد بقيمة الحسين وقيمة
كبريائه وقربه من النبي، فكلما كانت التضحية عظيمة كلما كانت أليق بالمضحي، وكيف
وهو الحسين.
عاشوراء.
*صحفية وكاتبة مصرية
0 تعليقات