آخر الأخبار

رسالة دكتور كمال المنوفى لعبد الناصر.




 

 

 

 

سامح جميل

 

لم يجد طالب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أمامه إلا المغامرة بمحاولة الاتصال بجمال عبد الناصر، كان «كمال المنوفى» الطالب المتفوق والأول على الجمهورية قد انقطع مصدر دخله الوحيد عندما لم يحقق الدرجات المطلوبة فى الامتحان، وبالتالي أوقفت الجامعة مكافأة التفوق التى يحصل عليها، فكر المنوفى، أن الفرصة المتاحة هى وجود ابنة «الزعيم» بين طلبة كليته، لكنه لم يتجه إلى هدى عبد الناصر، وإنما كتب خطابا مطولا يشرح فيه الظروف للرئيس وغامر بتسليم هذا الخطاب إلى الحرس المرافق لابنة ناصر.

 

ووقع المنوفى الخطاب بتاريخ 13/11/1966.

 

الخطاب الذي كتبه الطالب اليائس، وأوصله لحرس جمال عبد الناصر، وصل بالفعل ليد الزعيم، وقرأه عبد الناصر بنفسه، ووقع تأشيرة أولى بخطه موجهة إلى «محمود فهيم» سكرتيره الشخصي جاء فيها: «محمود فهيم.. يصرف له إعانة شهرية خمسة عشر جنيها حتى يتخرج» ومذيلة بتوقيعه الشهير، ويبدو أن عبد الناصر تذكر شيئا آخر فى الرسالة التى قرأها، حيث كتب تأشيرة أخرى على جانب الخطاب جاء فيها: «يصرف المبلغ ابتداء من أول ديسمبر، ويصرف له مبلغ 15 جنيها لتسديد ديونه».

 

ويبدو من تلك التأشيرات أن الخطاب وصل عبد الناصر بسرعة، وأنه تمكن من قراءته بنفسه رغم كل المشاغل التى يعيشها فى هذا الوقت، وأنه أصدر أوامر بالتنفيذ الفوري لإنقاذ الشاب الذي استغاث به، وأنه تذكر بعد ذلك الديون التى اقترضها الشاب ليستمر فى الدراسة فعاد وأضافها فى تأشيرة ثانية حتى يتفرغ كمال المنوفى لدراسته فقط.

 

 ويأتى الفصل الأخير فى تلك القصة الإنسانية بتأشيرة إتمام أمر الرئيس عبدالناصر، التى كان يجب على السكرتارية أن تخطره بتمام التنفيذ، حيث يحمل الخطاب تأشيرة أخرى بخط اليد تقول: «حضر وقابل السيد محمود فهيم بمكتبه فى الساعة 19:30 يوم 19/12/1966، وتم صرف مبلغ 15 جنيها له لتسديد ديونه، وكذلك 15 جنيها أخرى عن شهر ديسمبر 1966».

 

ولم تعلم زميلته فى الكلية هدى عبد الناصر بهذه القصة، إلى أن وجدت الخطاب بين أوراق والدها بعد رحيله.

 

لم يخلف المنوفى وعده للرئيس، فأكمل تفوقه فى باقى سنوات الدراسة، وحصل على الدكتوراه، وكان الموضوع الذى اختاره للدراسة هو «الثقافة السياسية للفلاحين المصريين» والذى قام فيه بدراسة ميدانية على عينة من الفلاحين، لتكون إحدى الدراسات النادرة، التى تناولت هذا الموضوع، وتدرج «المنوفى» فى المناصب حتى تولى منصب عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قبل أن يرحل مع مطلع هذا العام.


إرسال تعليق

0 تعليقات