آخر الأخبار

"جتكوا فضيحة.. يا طبقة سطيحة"!!

 

 

 

نصر القفاص

 

 

الجريمة التى لا تقل خطورة عن الخيانة – فى اعتقادي – هى تزوير التاريخ أو تعمد طمسه..

 

 

هى جريمة تدفع الأمة التى تتعرض لها, تدور حول نفسها ولا تتعلم من تجاربها.. نتيجة هذه الجريمة أننا نعيش "زمن حزب مستقبل وطن" دون أن نعلم أن هذا الزمن وتلك التجربة بكل تفاصيلها عاشتها مصر قبل نحو مائة عام..

 

ما نراه ليس فيه حذف أو إضافة لتجربة "زمن حزب الاتحاد" فى عهد الملك "فؤاد" وانتهت إلى فشل ذريع.. فكان ابتكار تجربة "زمن حزب الشعب" بعدها بخمس سنوات.. وكانت النهاية هى نفسها بعد أربع سنوات.. ثم ائتلف الحزبين أملا فى استعادة الروح والحياة وأصبحا حزبا واحدا اسمه "حزب الاتحاد الشعبى" فلقى الائتلاف المصير نفسه!!

 

 

ضمن نتائج طمس التاريخ أننا مازلنا نمجد اسم "وينجت" الذى كان معتمد بريطانيا ومندوبها السامى فى مصر, وقال عن المصريين أنهم "عبيد" وأدى ذلك إلى انفجار ثورة 1919 التى أطاحت به..

 

لكن جهلنا بالتاريخ جعل اسمه مقترنا بأحد أهم شوارع الإسكندرية حتى اليوم.. وسنجد أن الأمر متكرر فى شوارع كثيرة بينها شارع "سليم الأول" المعروف فى التاريخ باسم "السفاح" والذى احتل مصر وأعدم "طومان باى".. قبل أن يتم تغيير اسم الشارع تحت الضغط الشعبى إلى شارع "الشهيد أحمد منسى" منذ شهور قليلة..

 

ولكن فاتهم أنه على بعد عدة أمتار, فى حى الزيتون نفسه, مازال هناك شارع يحمل اسم "سنان باشا" الصدر الأعظم للدولة العثمانية حينها!!..

 

وهذه مساخر يجب أن نتخلص منها.. سيحدث ذلك عندما يصمت الجهلة والمنافقين والانتهازيين, الذين يقدمون أنفسهم على أنهم "أئمة الوطنية"!!

 

 

بسبب "جائحة كورونا" وأراها "زلزال" هز الكرة الأرضية, وتوابعه مستمرة وستكون خطيرة ومهمة فى التاريخ الإنسانى..

 

 بسببها لم أزر الإسكندرية منذ شهور طويلة, لكننى فرحت بصور تطوير منطقة ترعة "المحمودية".. أصبح اسمها "محور المحمودية" وتحولت إلى مفخرة مذهلة فى روعتها وجمالها.. أعمال التطوير والتجميل شملت المنطقة بأكملها, وأضفت سحرا على سحر "الإسكندرية" التى لو علمنا تاريخها وقيمتها لتضاعف اهتمامنا بها.. وللإنصاف فقد شهدت المدينة طفرات, على فترات متقطعة..

 

بدأت على يد "محمد على" الذى أعادها إلى حضن الوطن, بعد أن سلختها الدولة العثمانية وقت احتلالها مصر.. والتاريخ فيه وقائع تستحق أن نعرفها.. وعرفت الإسكندرية اهتماما فى "زمن عبد الناصر".. ثم نالها إهمالا حتى جاء الرئيس "عبد الفتاح السيسى" وركز على الاهتمام بها.. وضمن اهتماماته وإنجازاته هناك كان "محور المحمودية".. ولكن!!

 

 

 وحين أقول "ولكن" ستجد بعدها مفاجأة مذهلة.. فنحن لا نعرف سبب تسميتها "بالمحمودية" ولو عرفنا لغيرنا الاسم فورا.. هذه الترعة تم شقها فى عهد "محمد على" كبديل عن رفضه لشق قناة السويس.. وكان حاكم الدولة العثمانية فى هذا الوقت هو "السلطان محمود" فأراد "محمد على" تهدئته تجاه ما ينجزه من نهضة مصر.. فقرر عند افتتاحها إطلاق اسم "ترعة المحمودية" عليها نسبة إلى الحاكم العثمانى المستعمر.. وبقى الاسم بعد أن تحررت مصر من الاستعمار العثمانى.. كما بقى اسم "وينجت" رغم تحررنا من الاستعمار الانجليزى.. وكان هذا مدخلا ومبررا للبعض بإعادة الاعتبار والتكريم لاسم "ديليسبس" الذى فتح أبواب مصر للاستعمار الانجليزي وتآمر على "أحمد عرابي" مع "على خنفس"!! وذلك يجعلنى لا أستبعد أن يطالب البعض بتكريم "على خنفس" نفسه وإطلاق اسمه على شارع من شوارعنا!!

 

 

وإياك أن تتصور أننى أسخر.. فطالما قالوا أن هناك قطاعا يطلب تكريم "ديليسبس" باعتباره جزء من التاريخ.. وطالما أننا استمر تقديرنا لكل من "سليم الأول" و"السلطان محمود" وكذلك "وينجت" فما المانع أن يحدث ذلك!!

 

عندما يتصدر الواجهة سفهاء الأمة.. عندما يتفق على الشعب من يسمون أنفسهم أحزابا بقيادة الذى يزعمون أنه "مستقبل وطن" ويقدمون ممارسات تتضاءل أمامها كلمة "فضائح"!!

 

فهذا الحزب أنتج فضيحة.. كانت الأخيرة حتى الآن.. تابعها الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. لن أسهب فى وصف الوليمة – الجريمة – رغم "كورونا" واستمراره كوباء مهدد للمجتمع.. ولن أتحدث عن الذين يقدمون أنفسهم كنواب للأمة, ويمارسون سلوكا شديد الانحطاط حملته الصور.. كل صورة تثير الاشمئزاز والقرف من سلوك هؤلاء فى "زمن مستقبل وطن" ولعلى لا أستغرب ذلك.. فنحن صنعنا إنجازا رائعا فى الإسكندرية ونسينا تغيير اسم "محور المحمودية"!!

 

 

ونحن عشنا تجربة "مستقبل وطن" بكل ممارساته الفجة فى زمن "الملك فؤاد" ونكررها..

 

 

ونسينا اسم "محمد على" الذى يستحق إطلاق اسمه على "محور المحمودية" إن كنا نقدر كل من أعطى مصر وأسهم فى نهضتها.. ويقينى أن هذا سيحدث عندما نشطب أسماء الذين يمارسون تزوير التاريخ وطمس أحداثه, لكى يجروء على ارتكاب جريمة قالوا أنها من أجل مصر.. بقائمة يتصدرها مرشحون لم يخجلوا من "وليمة الخشن" فى المنوفية.. لذلك أتذكر عمنا "أحمد فؤاد نجم" القائل:

 

"جتكوا فضيحة.. يا طبقة سطيحة"!!

إرسال تعليق

0 تعليقات