عمر حلمي الغول
أخيرا وبعد 3 أيام على الانفجار الهيروشيمي في مرفأ بيروت ألقى السيد حسن
نصر الله، أمين عام حزب الله خطابا موجها للشعب والنخب السياسية والثقافية
اللبنانية وللعرب والإسرائيليين والعالم على حد سواء، ولفت انتباهي عدد من النقاط،
التي ركز عليها أبو هادي منها:
أولا أتسم الخطاب بلغة هادئة ورصينة، ولم الحظ أي انفعال في خطاب الرجل،
حتى وهو يقدم التعازي لذوي الشهداء لم يكن متأثرا ولا منفعلا؛
ثانيا ضرب على وتر الوحدة
اللبنانية في المصاب الكبير، عندما قال: أن الشهداء والجرحى من كل الطوائف
والمناطق، وقال أن الانفجار عابر للطوائف؛
ثالثا ابرز نقطة في الخطاب، والتي
ركز عليها مطولا في كلمته المتلفزة، هي التأكيد للقاصي والداني، انه لا يوجد أي
مخازن لحزب الله في المرفأ، ولا يوجد لا بندقية ولا قنبلة ولا صاروخ ولا متفجرة. وجزم
قائلا، عندما انفي قاطعا، فأنا اعني ما أقول، ولو كان لنا أسلحة لغضيت النظر عن
الموضوع، ولم اعلق بشيء. وبالتالي الاتهامات والتنمر على الحزب من قبل البعض، أو
عمليات التحريض عليه، تحتاج إلى التروي، وعدم التسرع بقراءة الأمور، والانسياق خلف
حسابات غير دقيقة؛
رابعا ولم يقتصر نفيه عند ما تقدم، بل ألحقه بجملة ملفتة للنظر، عندما قال،
أنني لا اعرف تفاصيل ومكونات ميناء بيروت، ولمزيد من الفهلوة والتذاكي، أكد
سماحته، انه يعرف ميناء حيفا أكثر من بور بيروت، لأنه كما قال، جزء من إستراتيجية
المقاومة، وهي بالمناسبة الجملة اليتيمة والوحيدة، التي تعرض فيها لإسرائيل، التي
لم يذكرها بالاسم؛
خامسا عدم التعرض لا من قريب أو بعيد للدور الإسرائيلي في الانفجار، وهو ما
يعني تبرئة الدولة الاستعمارية الصهيونية، صاحبة المصلحة الأساسية في التفجير من
جريمة الحرب القذرة، التي تمت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 4/8/2020.
وكنت أشرت من البداية إلى أن الحزب وقيادته حاولت بشكل متعمد الابتعاد عن إدراج
اسم دولة إسرائيل المارقة في ملف التفجير الزلزالي والأخطر في لبنان، وأعتقد أن
هذا الموقف يحسب للسيد حسن بالمعنى الإيجابي، لأنه لا يريد تثبيت مسؤولية إسرائيل
عن الجريمة لاعتبارات خاصة بالحزب، ومرتبطة بإدارته للأزمة مع الدولة الاستعمارية؛
سادسا لم يتعرض لما أدلى به الرئيس الفرنسي، مانويل ماكرون من تصريحات
ومواقف سياسية غير مسبوقة تجاه النظام السياسي اللبناني برمته، والذي يشكل الحزب
أحد أعمدته الأساسيين الآن.
ليس هذا فحسب، بل انه رحب بالدعم
وبالزيارة، وكأن ماكرون لم يصرح بشيء، ولم يشأ التورط في معركة قبل الآوان، وقبل
ان يعود لمرجعيته الفارسية الإيرانية، وأعتقد انه خيار سياسي سليم وحكيم بعيدا عن
التوافق أو التباين والاختلاف مع الحزب؛
سابعا وعن تشكيل لجنة تحقيق في الانفجار
الكارثي، دعا إلى تولي الجيش اللبناني مسؤولية الملف، مستفيدا من العلاقة
الإيجابية التي تربط الشعب بالجيش، وتجاهل دعوات العديد من الأقطاب والزعماء
اللبنانيين لتشكيل محكمة دولية، لإنهم لا يثقوا بالمكونات اللبنانية المختلفة.
وكان من أوائل المعلقين على خطاب السيد حسن، يوسي ملمان، الخبير في الشؤون
العسكرية والكاتب في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أول أمس الجمعة 7/8/2020،
الذي أستهدف توريط حسن نصرالله، والنفخ في نزعاته الشخصية، والإيحاء بأنه مازال
يملك الثقة بالنفس، فقال: " كل من يعتقد ان نصر الله فقد الثقة بالنفس و"الغطرسة"
بعد الكارثة عليه إعادة التفكير مرة أخرى." وكذب ملمان أمين عام الحزب بعدم
معرفته بميناء بيروت، وبعدم وجود أسلحة ومخازن له في المرفأ.
وكقارئ للخطاب السياسي لنصر الله، اعتقد، انه مارس ضبط النفس بشكل ملفت،
ولم يحد قيد أنملة عن خيار النأي بالنفس عن الصدام مع أي قوة إن كانت لبنانية، أو
عربية، أو إقليمية وخاصة إسرائيل، أو دولية وخاصة فرنسا، لأنه بحاجة أولا لالتقاط
الأنفاس، ورؤية اللوحة كاملة؛
ثانيا يريد التشاور والتكامل مع
حلفائه جميعا وخاصة في الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وبالتالي لم يشأ توريط نفسه
أو حلفائه بمواقف ليست محسوبة النتائج؛
ثالثا يريد ترتيب شؤون بيته الداخلي وعلى الأرض، ودراسة السيناريوهات الافتراضية
التي يمكن ان يشهدها لبنان في المستقبل المنظور، وهل تستدعي اللحظة استدعاء قواته
من سوريا للمواجهة القادمة، أم مطلوب التريث والانتظار؛
رابعا كما انه سيضع ضمن سيناريوهاته فرضية خوض الحرب مرغما مع إسرائيل (لأنه
لا يريد الدخول الآن في حرب خاسرة) فما هي الأهداف الأكثر تأثيرا، والتي يمكن أن
تغير من معادلة الصراع معها؟
وما هي التداعيات الناجمة عن الحرب في الساحة اللبنانية، وما مدى تأثيرها
على جماهيرية الحزب؟
وهل يمكن حدوث اختراقات داخل جبهته الداخلية؟؛
خامسا كما سيضع بالحسبان تدخل غربي كالناتو في معركة إعادة بناء لبنان
الجديد، كما أشار الرئيس ماكرون يوم الخميس الماضي... إلخ ستتضح الصورة قريبا دون
رتوش.
0 تعليقات