اليوم الثالث عشر من أغسطس 2020 ظهر الرئيس الأمريكي كقديس مزيف يرتدي ثوب
الأنبياء ويتدخل لتوحيد الديانات الإبراهيمية الثلاث عبر رعايته لاتفاق (إبراهيم) بين
الإمارات والدولة الصهيونية ..
واضح أن التجارة بالأديان مهنة قديمة للصوص هذا العالم ..
بعيداً عن اللعب بالمسابح الدينية فالملاحظ أن أبوظبي قد قامت اليوم عبر
اتفاقها مع الدولة الصهيونية بالدفن النهائي للمبادرة العربية (المتوفاة منذ
ولادتها) ، وعبر إعلانها (التطبيع الكامل) مع إسرائيل
، بعد أن سبقها إلي هذا الجهد أصحاب السلام الدافئ في مصر والأردن
، ولذلك فقد كان اللافت للنظر أن أول تعليق رسمي مرحب بالاتفاق كان من
القاهرة الرسمية عبر ترحيب أعلي المستويات السياسية الرسمية وتقديره للاتفاق ..
والاتفاق لم ينص علي أي تنازل إسرائيلي مقابل التطبيع الكامل بل تم وفقاً
للشعار الذي طرحه ناتانياهو وهو (السلام مقابل السلام) ، وماتضمنه الاتفاق بالنسبة
للضفة الغربية هو (تأجيل) ضم الضفة الغربية وليس إلغاء قرار إسرائيل بالضم ..
وبالتالي فأن خطورة الاتفاق في أنه اعترف بضم القدس كعاصمة أبدية لإسرائيل
، ولم يتطرق لحقوق الشعب الفلسطيني من بعيد أو قريب ، وأنه أسقط لأول مرة في تاريخ
الاتفاقيات العربية الإسرائيلية مبدأ الأرض مقابل السلام .. ليصبح الأمر في جوهره
هو التنازل عن الأرض والحقوق مقابل السلام !!!
وهذا كله يعطي دلالة أن هذا الاتفاق يأتي في حقيقته كخطوة جديدة من خطوات
ماسمي ب(صفقة القرن) ..
، وأن هناك أطراف عربية ليست بعيدة عن إبرام هذا الاتفاق ، وأن الذين
انخرطوا في صفقة القرن منذ البداية ستتضح مع الأيام ملامح انخراطهم فيها بعد كل
خطوة جديدة من خطوات التنفيذ .
وأن معالم الشرق الأوسط الأمريكي تتضح ..
-
شرق أوسط بدون دولة فلسطينية
تلعب فيه إسرائيل الدور الوظيفي المركزي كلاعب إقليمي تتمدد أدواره وتتسع
لتلعب الحارس الأكبر لمصالح المراكز الرأسمالية الأوروأمريكية والتي تضمن نزح
موارد شرق الأبيض المتوسط والهيمنة عليه لصالح استراتيجيات هذه المراكز
- ويأتي توظيف انفجارات بيروت كنقطة علي جدول أعمال هذه المراكز ، والبند
الأول فيه هو :
- مطلوب من لبنان الخضوع الكامل لمشروطيات المؤسسات المالية الدولية ، ونزع
سلاح حزب الله ، والقبول باتفاقيات ترسيم الحدود المعدة سلفاً داخل الإدارة
الأمريكية وهي لصالح إسرائيل ..
- في النهاية فإن التمدد الإقليمي الإسرائيلي وسيادتها علي المنطقة هو
المطلوب من كلاً من اتفاق (إبراهيم) وتبعات تفجير بيروت وربما إتفاقات أخري في
الطريق علي الأجندة الترامبية لإنقاذ وتدعيم فرص انتخابه لولاية جديدة.
إلي أن تنهض الإرادات الوطنية لشعوب المنطقة سيظل هذا هو المطلوب ، وتظل
محاولات فرضه كمسلسل لأجزاء أمر واقع يراد تركيبه علي أرض تلك البقعة البائسة من
العالم ..
لكن من قال أن التاريخ يصنعه اللصوص فقط ؟
الإرادات الشعبية الحرة أيضاً لها يد تصنع بها التاريخ ..
_____
حمدى عبد العزيز
13 اغسطس 2020
0 تعليقات