د. محمد إبراهيم بسيوني
مع تجاوز أعداد
المصابين بفيروس كورونا المستجد الواحد وعشرون مليون إصابة مؤكدة، تتجه أعين
العالم إلى العلماء والباحثين، ينتظر الجميع بفارغ الصبر نتائج الأبحاث التي تجرى
على قدم وساق من أجل التوصل إلى علاج فعال للفيروس. ولكي يتمكن الباحثون والعلماء
من مواجهة تلك الجائحة التى انتشرت فى العالم كالنار فى الهشيم، لابد أن يتسلحوا
بالفهم الدقيق والمعرفة الواضحة عن ذلك الفيروس.
إن أحد مفاتيح
معالجة هذا الوباء هو فهم آلية التعرف على مستقبِلات الفيروس التي تنظم قدرته على
العدوى وإحداث المرض. لهذا يشتغل قطاع واسع من الباحثين بدراسة المادة الوراثية
للفيروس فى محاولة للتوصل إلى العلاقة التطورية بينه وبين فيروسات أخرى، ما يسهم
فى فهمه ومعرفة الآلية التى يعمل بها داخل الجسم.
في هذا الإطار، نشرت
دورية نيتشر دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين فى جامعة مِنيسوتا الأمريكية،
يمكنها أن تزيل قدرًا كبيرًا من الغموض الذي يحيط بالفيروس. عقدت الدراسة مقارنةً
بين فيروس كورونا المستجد وأقرب أقربائه من عائلة الفيروسات التاجية، فيروس "سارس"
SARS، الذي سبَّب فاشية عام 2002- 2003 وأدت إلى وفاة أكثر من 700 شخص.
أظهرت نتائج الدراسة
أن الطفرات التي طرأت على فيروس كورونا المستجد جعلته أكثر شراسةً وخطورة، وبرغم
أن كلا الفيروسين يرتبط بالمُستقبِل نفسه على خلايا الإنسان -مُستقبل الإنزيم
المحول للأنجيوتنسين-2 (hACE2)- ولكن فيروس كورونا المستجد ذو قدرة على
الارتابط به بشكل أكثر إحكامًا، بفضل الطفرات التي حدثت للمادة الوراثية ونتج عنها
تغيرات في بنية الفيروس نتيجة تغيُّر بعض الأحماض الأمينية فى "نطاق ارتباط
المستقبل"، وهو الجزء الذي يرتبط بمستقبِلات (hACE2)،
ويُعرف اختصارًا بـRBD، مما أدى إلى زيادة انجذابه وملاءمته لتلك
المستقبلات.
يتكون التركيب
البنيوي لفيروس كورونا من غشاء بروتيني يبلغ قُطره 50 -200 نانومتر، ويغلف بداخله
الحمض النووي الخاص بالفيروس RNA، وكباقي الفيروسات التاجية يتكون الفيروس من
أربعة أنواع من البروتينات البنيوية تُسهم في تكوين هيكل جسم الفيروس، منها
البروتين (S) الذي يُعرف بـ(بروتين الحَسَكَة)، الذي يشكل النتوءات الشوكية
الموجودة على سطح الفيروس وتمنحه الشكل التاجي المميز.
لِكَي يصيب الفيروس
إحدى الخلايا بالعدوى، يستخدم البروتين (S)، الذي
يرتبط بالمستقبِلات الموجودة على غشاء الخلية المضيفة -خلايا الرئة- مثل ارتباط
المفتاح بالقفل، ويُمكِّن ذلك الارتباط الفيروس من دخول الخلية، لذا فإنه يُعَد
خطوة مهمة فى حدوث العدوى. كما تحدد آلية ذلك الارتباط نوع العائل الذي يمكن أن
يصيبه الفيروس.
الفيروسات ليست كائن حي وليست كائن ميت ايضا. هي عبارة عن
غطاء بروتيني يغلف آلة نسخ جينية (حمض نووي) لديه القدرة بنسخ نفسها بشكل سريع
جداً. ولكي لتفعل ذلك لابد ان تجد خليه حية لتستحوذ عليها. لكن، قبل ان تصل الى
هذه الخلية لماذا لا يتعرف عليها الجهاز المناعي كجسم غريب ويقضي عليها؟
شيء مذهل يفعله فيروس
الكوفيد-١٩، ليهرب من الجهاز المناعي هو "التمويه" او "التنكر".
يستخدم الفيروس انزيم يدعى nsp16، هذا الانزيم يمكّن الفيروس التحرك بحرية في
الجسم ويتعامل معه على انه خليه بشرية، بل يساعده ايضا بالنسخ ليتضاعف اذا دخل الى
داخل الخلية. باستخدام هذا التموية، يتم اصابة معامل صنع البروتين في الخلية
والاستحواذ عليها، بعبارة اخرى تقوم الخلية بمضاعفة الفيروس من دون ان تشعر. هو
كأنك تدخل مبنى محصن وان تفعل ما يحلو لك من دون ان تنطلق صفارات الإنذار.
بعد معرفة طريقة
دخول فيروس الكوفيد١٩ وكيف يخدع الدفاع المناعي في الجسم، يعمل العلماء على تطوير
علاج يمنع انزيم nsp16 والذي يساعد على الكوفيد-١٩ على التمويه.
ACE2
هي السبب الرئيسي لدخول الفيروس داخل الخلية. استطاع العلماء تصنيع وهندسة مفاتيح
بروتينية ACE2 مخبريا تستخدم كطعم، يرتبط بها الفيروس بدلا
من مفاتيح الخلية الاصلية، وبالتالي تمنع دخوله. استطاعوا هندسة مفاتيح بروتينه
بحيث تلتقط الفايروس بشكل سريع قبل ان يدخل الخلية البشرية. يتوقع البدأ في انتاج
العلاج بداية السنة الجديدة. في رايي ثورة علمية ضد الفايروس.
0 تعليقات