محمود جابر
الإذن والقصد فى النكاح حق للرجل، واستئذان للمرأة ويقع بالسكوت حين الرضا، وللثيب
ان تزوج نفسها ....
وبما ان الزواج يستهدف منه بناء مجتمع فإن القصد والرضا فيه اول خطوة فى
صحة انعقاد هذا العقد او البناء ...
وبما أنه عقد وشراكه فإن الذين يقولون بالإجبار خالفوا المقصد الكلى
للشريعة ولهدف الزواج ، سواء كان عبدا او بكرا على السواء ... فكل جبر لا يصح البناء عليه فكل عقد او فسخ عقد قام على الإكراه
فهو باطل .
وبالنظر الى الآيات التى شرعت الزواج :
قال الله تعالى في سورة البقرة: {وَلَا تَنْكِحُوا
الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ
وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا
وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ
يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ
بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
والشاهد فى الآية والإشارة إلى الاعتقاد فى الآية يعنى
انه هناك وعى بالاعتقاد والطفل أو الطفلة والسفيه – غير العاقل – لا يعد معتقدا
حتى يكبر الصغير أو يتعافى السفيه غير العاقل .
سورة البقرة: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا
عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ
عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا
إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ
حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي
أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.
الشاهد فى الآية هو العزم على العقد والعزم لا يأتي به
سوى الرشيد العاقل وليس الصبى أو الصغير ..
سورة الرّوم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ
أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}.
والشاهد هنا ثالثا ... هو السكن بين الرجل والمرأة –
الزوج والزوجة- وتبادل المودة والرحمة والسكن ... فهل غير العاقل يصنع سكنا او غير
العاقلة تصنع سكنا وهل الطفل أو الطفلة من شأنهما ان يقيما سكنا فى بيت الزواج ؟!
قال الله تعالى في سورة القصص: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ
أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ
حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ
عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
الشاهد هنا أن شعيبا لم يحدد لموسى أي بنتيه سيزوجه
ولكنه قال إحدى ابنتي اى من سوف ترضى منهما بك..
قال تعالى في سورة النّساء: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ
وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا
مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ
فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ
خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ}.
الشاهد فى الآية تتحدث عن فتياتكم المؤمنات ... فمن هى
الفتاة ؟
الفتاة مؤنث الفتى، والفتى هو الشاب وليس الصبى،
وبالتالى الفتاة هى الشابة وليس الصبية، ولما أطلق النبى كلمة " فتى" حين
قال صلى الله عليه وآله وسلم " لا فتى الا على " كان عمره فى العشرين أو
تجاوزها ...
وبالتالى فإن الأمر للرجل بالزواج من المملوكة لا يكون
الزواج إلا من فتاة قد تجاوز العشرين أو فى العشرين ... فما بالكم بغيرها ؟!!
وهناك كلمة مطابقة للفتاة
والفتيات وهى كلمة الايامى فى قوله تعالى فى سورة النور ﴿ وَأَنْكِحُوا
الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
﴾ فالطفلة لا يمكن ان تكون أيما ولا يشار إليها بالايم ...
وفى قوله تعالى فى البقرة ﴿
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ
دَرَجَةٌ ﴾
الشاهد هنا إلزام القرآن لزوجة بأنها عليها حقوق تجاه
بعلها كما لبعلها حقوق عليها، والإلزام لا يكون الا لمن بلغ رشده حتى يعرف تلك
الحقوق وهو ما سنجده فى قوله تعالى مؤكدا عليه ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ
أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾
[النساء: 21] بالإشارة لميثاق الزواج من حقوق وواجبات بالغليظ اى القوى المتين لا
ينعقد الا بقصد وإلا لا مكان للإشارة بغليظ الميثاق هنا !!
وعليه فإن من اوضح الواضحات فى الزواج انه عقد بين
راشدين رجل وامرأة قصدا كل منهما الزواج من الاخر بخطبة فيها قصد وموافقة من
المرأة دون جبر لان الموافقة يترتب عليها حقوق وميثاقا غليظا .... وهنا يبرز سؤال
من أين جاءت فكرة زواج الصغيرة ؟!
زواج الصغيرة جاء من محاولة تفسيره آية الطلاق فى قوله
تعالى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ
فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ
الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)
فى قول الله تعالى واللائى لم يحضن ... رغم ان قليل من
التأمل فى الآية نعلم انه يتكلم عن الحالات الاستثنائية فى الآية وهى اليائس التى
انقطع حيضها والحامل والمرأة التى لا حيض لها، ولا يعنى هذا من قريب او بعيد
الصغيرة
-
0 تعليقات