آخر الأخبار

أزمة الوعى ووعى الأزمة






 

 

 

محمود جابر

 

حينما تعاقب على نصحك بالتطاول، فعليك أن تدرك انك أخطأت فى اختيار من تنصح، وحينما تعاقب فى أبراز مشروع يتسابق أصحابه على قتله، فأعلم اخترت المشروع الخطأ، فمن سن قلمه لنقد كلمات قليلة وإشارة لمن يعى حتى يصوب الخطأ، فما كان منه إلا أن شهر سيفه بدلا من أن يدرس النصح سواء كان النصح صوابا أو خطأ، وأنا لا أعجب من هؤلاء الذين ضنوا بأن يحرروا كلمة فيما كتبت خشية من ان يعرى جهلهم ويجرح الآنا المتضخم إلى حد الفرعنة المعممة،  ولكن كل إناء ينضح بما فيه....

 

والقضية فى أصلها قضية تبصر ومعرفة .... فأزمة الوعي لن يدركها الناس إلا بوعى الأزمة

 

و من الأفكار التبصيرية المعروفة لدى أهل الاستبصار العقلى والوجدانى، درس الراهب؛ فقد أراد راهب أن يعطى درسا عمليا لتلميذته الشابة الجميلة عند رحيله، فقدم لها جمجمة ميت تحتفظ بها وتتأملها من حين إلى آخر، حتى تقتنع عمليا بأن الجسد إلى فناء وتؤمن بضرورة الأمور الروحية والوجدانية العرفانية، ولكن النتيجة العملية فى تلك القصة أن الشابة الراهبة/ المعممة، لم تكن على مستوى الدرس ففهمت أن عليها أن تتمتع بجسدها فبل ان يفنى ويتحول إلى عظام فتحولت إلى عاهرة .....

 

وخلاصة القول أن ليس كل أحد يمكن ان يستقبل النصح ويفهمه فبعضهم يقلب الحقائق ويعبد هواه...

 

وفى الأقوال السائرة إن المتشائم يرى نصف الكوب الفارغ، بينما المتفائل يرى النصف الملىء، رغم أنهما يواجهان واقعة واحدة، لكن الحقيقة المعرفية، ان سياق التحديد هو الذى يحكم عملية التحديد، فإذا كنت تبحث عمن هو ناقص فسوف ترى النصف الفارغ، وأن كنت تبحث عن الكمال فسوف ترى النصف الملىء، وعليه نقول أن المسألة ليست نسبية وغير محكومة بضابط، فالظروف النفسية والواقع المحيط بالأشخاص هو الذى يحكم إدراكهم الذهنى بطريقة محسوبة عمليا.

 

والمسألة ليست فقط هو رفض فكرة التصحيح والنقد، ولكن عقلية الكمال فى الرؤية التى تحكم الجماعة الديماجوجية هى التى تجعلهم يرون أنفهم رهبان متبتلون رغم انهم يجلسون على أرائك مطعمة  ثمنها يطعم عائلة شهرا كاملا فى مجتمع جائع وفقير ...

 

فالذين يرفضون أن يعترفوا بالخطأ لن يعرفوا الطريق الى الصواب، فالطريق الى الرشد يبدأ من الشك والسؤال، أما آلهة الكمال فإنهم لا يسألون عما يفعلون ولله الأمر ....

 

 

 

 

 


إرسال تعليق

0 تعليقات