آخر الأخبار

بيروت… ودروس الفاجعة




 

 

عز الدين البغدادي

 

لم يكن لبنان الشقيق بحاجة الى مصيبة إضافية تزيد من مشاكله التي وصلت إلى عجزه عن توفيره رغيف الخبر لمواطنيه، لكن حصل ما حصل.. وكما أن أعداد الضحايا لم تعرف بعد، فان التراكمات الاقتصادية والسياسية التي سترافق هذا الحدث يصعب تحديدها عن طريق التكهن بها، لكنها لن تكون سهلة بالتأكيد.

 

 

رغم أني اعتقد أن الحديث عن مقاومة المشروع الصهيوني ليس ترفا فكريا ولا ترديدا لشعارات بالية، بل هو امر تفرضه طبيعة هذا الكيان وأطماعه ورؤيته الفلسفية، والطبيعة الجيوسياسية للصراع:

 

 

لا نريد أن نسبق النتائج، أو تحديد سبب أو جهة التقصير، لكني اعتقد بأن ما حصل يؤشر إلى نقطتين هامتين من المناسب أن ننظر فيهما:

 

 

الأولى: إن مشروع مقاومة الكيان الصهيوني لا يمكن إلا إن يكون مشروع دولة، لكن الدولة التي يقودها مفكرون سياسيون ودبلوماسيون محترفون واقتصاديون ماهرون قبل أن تكون لها جيوش قوية. مشروع دولة وفق رؤية وطنية، لا تفرق الناس إلى طوائف ولا تجمع الانتماءات الفرعية هي الأصل ليكون الانتماء الوطني مجرد ثوب مهلهل يغطي تلك الانتماءات.

 

 إما فكرة الحركات والتنظيمات فإنها مهما بذلت من جهود وحققت من انتصارات فإنها ستبقى محدودة بحكم طبيعتها، وبالتالي فإن العدو سيتمكن من تحديدها أو تطويقها. ومن يعتقد بأن علينا ان نضعف دولنا لتكون المقاومة أقوى فهو واهم، وهو لا يعرف فلسفة الدولة وأهميتها.

 

 

الثانية: أن مشروع المقاومة لا يمكن أن تقوده إلا الدول العربية واكرر العربية ضمن مشروع تكاملي علمي، ورؤية لدولة وطنية قوية وناهضة. وما عدا ذلك، فإن أي مشروع نكون فيها أدوات لغيرنا لن ينجح إلا ضمن مدى محدود، ولن يكون نجاحه لنا، لكن نحن من سنتحمل خسائره بدرجة أكبر.

 

 

إنا اعرف بأن من يسيرون في مشروعهم لن يتوقفوا عند كلام كهذا، سواء بسبب إيمانهم القطعي برؤيتهم أو لأنهم لا يملكون التراجع بأي حال ولا إعادة النظر، لكني أقول بأن أي مسير في اتجاه خاطئ لن ينتج إلا خسائر متراكمة.

 

 

أن ما يجعلنا متخلفين هو أننا نقف أمام عدو قوي ذكي، بينما نحن لا نفكر بطريقة صحيحة موضوعية، بل عاطفية.. لا نحسب أمورنا وفق مصالحنا الحقيقية، بل وفق مصالح جزئية شخصية أو حزبية او طائفية.

 

 

أنها الدروس التي لا نريد أن نفهمها لأنها تتعارض مع أفكارنا الخاطئة أو مصالحنا الشخصية. من بيده المشروع واقصد من يقود المشروع، وليس كل من عمل في المشروع فهو يملك أمره لكن من يملك شيئا فانه مطالب بالمراجعة، الآن يمكنه ربما يمكنه المراجعة لكن سيأتي وقت لعلنا سنندم لأننا لم نقم بذلك.

 

 

شخصيا ارفض أي رؤية تحاول تبرئة الكيان الصهيوني، أو تحميل المقاومة إثم ما حصل، لكن في نفس الوقت نحن بحاجة الى قراءة نقدية لواقع خطير جدا.

 

حفظ الله لبنان وأهلها.


إرسال تعليق

0 تعليقات