آخر الأخبار

التعايش مع الفساد نظرية الشعب المغفل





 

هادي جلو مرعي

 

 

     كأنهم مجانين. وكأنهم مثل يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، هم الفاسدون في العراق، لايهدأون ولايسكنون، ولايكلون، ولايملون، وعيونهم مفتوحة، تراقب كل حركة وسكنة في هذه البلاد، في وزارات الدولة ودوائرها وشوارعها ومشاريعها، وفي قطاعات الحياة المختلفة، وكل مايمكن ان يوفر المال، وهم شياطين بشرية تجدهم يعبدون الله، ويذكرونه بخير، ويصلون ويصومون، ويحيون المراسيم الدينية بأشكالها المختلفة، وينفقون عليها من السحت الحرام، ولايترددون في التبجح بشخصيتهم المادية والمعنوية، وقد تحولوا من رعاع وجياع، الى أغنياء يملأون جيوبهم وخزائنهم بأموال الشعب المغلوب على أمره، والموزع في ولائه بينهم، هاتفا، مساندا، مؤيدا للعناوين، وتجده يشتم الحرامي الذي يكرهه، ويغض الطرف عن الحرامي الذي يؤيده، ويتبنى أفكاره وطريقته، وهو شعب غريب الأطوار.

 

 

     هناك من هو أكثر جنونا من الفاسدين، وهم الأشخاص الذين يعانون من مرض الوهم بأنهم قادرون على محاربة الفساد، ولايتفوق عليهم سوى أشخاص يفوقون الفاسدين في الفسدنة والشيطنة، وهم الذين يكذبون على الشعب المغفل بأنهم يحاربون الفساد، وسيقضون عليه، وسيضعون الفاسدين خلف القضبان، ويعيدون مئات المليارات من الدولارات التي طارت الى البعيد، ولن تعود مهما كذبوا على الشعب، وأوهموه بذلك، ومن هولاء أشخاص يمارسون الفساد، ويدعون محاربته، ويجمعون من إبتزاز الفاسدين أموالا تضاهي مايجمعه الفاسدون الأصليون، لأن الفاسدين يسرقون، بينما هو يسرقون، ويبتزون سارقين غيرهم، فيعطونهم مما سرقوا، ثم يدعي هولاء البطولة في الشاشات، ويضحكون على الشعب المغفل.

 

 

     ولهذا فأنا اقترح تطبيق مبادرة تقضي بالتعايش مع الفساد، وترك الفاسدين المفسدين في حالهم بعد أن نهبوا كل شيء، وصاروا هم الحاكمين والذين ينهون، ويأمرون، ولايطالهم حساب، ولا عقاب. ومن هذا الذي يجرؤ على محاسبتهم وهم أسياد المجتمع وقادته، والموجهون لحركته، بعد ان تغولوا وتوغلوا في مسارات النهب والسلب، وشرعنوا لأنفسهم ماحرموا على الفقراء والمساكين، ولذلك فهولاء المتسيدون المسيطرون ينبغي التعامل معهم كشركاء وكانداء، وليس كمجرمين، والتفاوض معهم على إرجاع بعض مماسرقوه، وتسوية أمورهم، والتنظير لفكرة تقضي بأن ينفق الفاسدون على المشاريع نسبة معقولة، بدلا من لفط المال كله، والنظر برحمة لبقية الشعب الذي أنهكه الزمن الأغبر، وليعيشوا بيننا تيجانا على رؤوسنا، ولو وضعوا الخوازيق في مؤخراتنا فلن نتشكى، بل سنتقبل الأمر على إنه نوع من التطهير.


إرسال تعليق

0 تعليقات