عز الدين البغدادي
هذه الآية الشريفة ربما يراها الفقيه أو المفسر باعتبارها آية من آيات تحريم الخمر وحسب، إلا أني أرى فيها معنيين كبيرين: احدهما أخلاقي والآخر منهجي. فالخمر رغم كل ما ورد فيها من ذم، حيث سميت بأم الكبائر وروي أنه ما بعث الله نبيا إلا بتحريمها وغير ذلك، إلا أن الله تعالى عندما تحدث عنها قال بأن فيها منافع كما إن فيها مضار‼ بغض النظر عن الآية لو قال شخص عن الخمر (او غيرها من المحرمات) بان فيها منافع كما انه فيه مضار؛ فكيف سننظر إليه؟
أخلاقيا الآية تقول لنا لا تنظر إلى الشخص أو الشيء كحالة سلبية محضة او ايجابية محضة، فكل شيء له جانبان.
ومنهجيا الآية تقول لنا عندما تريد أن تحدد موقفا فعليك أن تنظر الى الجانبين الايجابي والسلبي وتقارن بينهما أيهما أكثر وأقوى تأثيرا (وإثمهما أكبر من نفعهما )، ثم تحدد موقفك تبعا لذلك. بأي حال، مارس عملية التفكيك، لا تأخذ حكما واحدا على شخص أو شيء، فالتفكيك هو أهم مبادئ التفكير السليم. هناك من لا يريد ان يتعب عقله، لذا فانه يعطيك حكما واحد نهائيا سلبا أو إيجابا.
بالمناسبة في كتاب "تنقية العبادة" تحدثت عن أضرار العبادة، وفي كتاب "مغالطة الإلحاد"تحدثت عن فوائد الإلحاد، وفي كتاب "حقائق الإيمان" تحدثت عن "فوائد الذنوب"، سألني صديق عن رايي في ابن تيمية فقلت له: رغم نقدي له في أكثر من كتاب إلا انه شخصية مركبة لها سلبياتها وايجابياتها، التفكير مهمة إنسانية ممتعة.
0 تعليقات