محمود جابر
رصد معهد واشنطن للدراسات أنّ المصريين قلقون من الاتفاق الجديد
بين العدو الإسرائيلي والإمارات، وأرجع المعهد ان السبب يعود لأن الاتفاق يهدّد
إبعاد مصر عن دورهم العربى وانه يعطى الإمارات دورا جديدا فى المنطقة على حساب مصر
.
وجاء فى التقرير ان الاتفاق سيؤدي إلى التعاون العليمي والتبادل السياحي والتعاون
الأكاديمي، والتي من المتوقع أن تتبع الإعلان بسرعة إلى زيادة خفوت نفوذ مصر، لا
سيما بالنظر إلى القدرة المالية والتكنولوجية لدولة الإمارات على تسريع مثل هذه
المبادرات.
كما رصد التقرير الصمت المصرى من الاعلان، والذى لم يظهر منه سوى تغرّد الرئيس
المصري عبد الفتّاح السيسي مهنّئاً الأطراف الثلاثة جميعاً. ومع ذلك، ردت القنوات
التلفزيونية والصحف المصرية وكأنّ شيئاً لم يحدث - حتى مع احتفال قناة "سكاي
نيوز عربية" ومقرها الإمارات بالاتفاق وإضفائها الشرعية عليه باستخدامها صور
من الزيارة التاريخية للرئيس المصري السابق أنور السادات إلى القدس.
وبالمثل، لم يعلّق على الاتفاق حتى الآن سوى القليل من كتاب الاتجاه السائد
الموالين للحكومة في مصر. ومن بين هؤلاء الصحفي المخضرم عماد أديب، الذي تربطه
علاقات وثيقة بالدوائر الداخلية الإماراتية، الذي كتبَ مقالاً افتتاحياً لصحيفة
"الوطن" أشاد فيه بالاتفاق وشرح الحكمة وراء قرار أبوظبي. وفي المقابل،
اعتبر جلال دويدار، الكاتب في صحيفة "أخبار اليوم" المملوكة للدولة، أن
الاتفاق لا يعزز الحقوق الفلسطينية، بل بدلاً من ذلك يستخدمها كغطاء للتطبيع مع
إسرائيل. وشكّك الكاتب في صحيفة "الأهرام" المملوكة للدولة صلاح منتصر
في نوايا إسرائيل وما إذا كانت ستوقِف حقّاً عملية ضمّ الضفة الغربية. ومع ذلك،
فإن معظم مذيعي التلفزيون المصري بالكاد ذكروا الاتفاق، وبدت خيبة الأمل على أولئك
القليلين الذين قاموا بذلك (على سبيل المثال، لم يتمكن الإعلامي الموالي للحكومة
في قناة "صدى البلد" حمدي رزق من السيطرة على مشاعره واندفع قائلاً،
"إسرائيل تسجّل أهدافاً ضدّ العرب").
ومن بين الدبلوماسيين المصريين السابقين، كتبَ عمرو موسى على موقع
"فيسبوك" أنّ الدول العربية الأخرى التي تتطلع إلى التطبيع مع إسرائيل
يجب أن تضغط لتحقيق مكاسب فلسطينية إضافية إلى جانب إيقاف عملية الضمّ. وخلال
مقابلة على قناة "آر تي"، أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، محمد مرسي،
إلى عدم موافقته على الاتفاق حيث قال إنه كان يجب أن يتم من خلال "التفاهم
والتنسيق العربي المتبادليْن".
وفي المجال السياسي، لم يعلّق البرلمان المصري على الاتفاق، على
عكس عادته في دعم الخطوات الإماراتية علانية ضد قطر وتركيا. ولم يُصدر أي حزب سياسي
بياناً فردياً أيضاً. لكن الشخصيات الموالية للحكومة التي لم تعلّق على الاتفاق
بحدّ ذاته انتقدت رغم ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب التهديدات التي
أطلقها بعد الإعلان عنه.
وهناك عاملان رئيسيان قد يفسّران رد مصر الصامت نسبياً. أوّلاً،
فؤجئت الحكومة على حين غرّة، وربما لا تزال تحاول احتساب خطواتها التالية قبل
التفوّه بالمزيد علناً. وإذا كان الأمر كذلك، فقد لا يكون لدى موظفي الدولة
المسؤولين عن الاتصالات الإعلامية تعليمات واضحة حتى الآن حول الرسالة التي يتعيّن
نشرها.
ثانياً، تأتي معظم
الشخصيات الإعلامية الرئيسية في مصر من خلفية ناصرية يسارية تُعارض بشدّة التطبيع
مع إسرائيل. ومهما يكن السبب، فإن الرد الصامت لوسائل الإعلام الرسمية يتعارض مع
الانتقادات الواسعة للاتفاق، والتي عبّر عنها معلّقون مصريون على وسائل التواصل
الاجتماعي وشخصيات مصرية في الشتات خارج سيطرة الحكومة، من بينهم بعض أعضاء جماعة
«الإخوان المسلمين» في الخارج.
مخاوف القاهرة
إلى جانب تأجيج المخاوف بشأن ترك مصر خارج صفوف القوى المتغّيرة في
المنطقة، من المحتمل أن يكون الاتفاق الإماراتي قد أحرج السيسي أمام مؤيديه
الأساسيين من النخبة.
ويقيناً أن القاهرة تدرك أنها لم تكن جزءاً من برنامج السلام الخاص
برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الشرق الأوسط منذ بعض الوقت، وأنها لم تعد قادرة
على الاعتماد على بطاقة التطبيع كوسيلة ضغط ضدّ إسرائيل. ومع ذلك، لم تتوقع منه
أبداً تحقيق التطبيع مع قادة الخليج بهذه السرعة. والآن قد تتوقع أن تحذو المزيد
من دول الخليج حذو الإمارات في السنوات الخمس القادمة، وربما السودان والمغرب كذلك.
ومما يثير قلق القاهرة أيضاً هو واقع عدم قدرتها على التنافس مع
الإمارات في مبادرات التطبيع لأنّ الإماراتيين كشعب لم يبدى أى اعتراض على موضوع
التطبيع، بعكس الشعب المصرى الذى ما يزال يرفض مبادرة السلام رغم مرور ما يزيد عن
اربعين عاما على توقيعها، فضلا عن ان الشعب المصرى قبل مثقفيه يرفض ما يسمى
بالتطبيع .
أما القيادة المصرية ورغم توقيعها على اتفاق السلام فى 1979، وما
تزال ملتزمة به كاتفاق إطار، إلا أنها تعلم أكثر من غيرها المطامع الإسرائيلية فى الإقليم،
والتى لا تهدد دور مصر فقط ولكنها تهدد أمن الوطن العربى ككل.
كما أن الصمت المصري والترقب يضع فى حساباته الأمنية التعاون
الاماراتى الاسرائيلى الامنى وخاصة فى جزيرة سقطرى اليمنية، بالإضافة للنشاط
الاسرائيلى فى بناء قواعد استخباراتية فى منطقة باب المندب قرب العاصمة الايترية أسمرة،
واليوم هناك اتفاق اماراتى اسرائيلى لانشاء قواعد استخبارتية فى خليج عدن وباب
المندب تتمركز فى الجزر اليمنية، وهذا التوغل أو التغلغل فى قلب الأمن القومى
العربى وخاصة فى المجرى البحرى الاستراتيجي البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب
والشرق الافريقى كاملا ما يقلق مصر ويجعلها تترقب ما يجرى بين الامارات واسرائيل
بصمت وحذر ويدها على الزناد ...
:
0 تعليقات