آخر الأخبار

فقه أصول المنهج (31)

 




 

علي الأصولي

 

قال الماتن:

 

أما الكلام في مسألة إتحاد الطلب والإرادة. ففيه مراحل من الكلام:

المرحلة الأولى: إن ظاهر المشهور هو البحث المعنى اللغوي الموضوع له كل منهما. اعني لفظ الطلب ولفظ الإرادة، هل معنى واحد أو متعدد. فإن كان معنى واحدا، كان اللفظان بمنزلة المترادفين، وأن لم يعترف المشهور صراحة بذلك، بالرغم من قوله بالاتحاد.

 

مع انه يمكن جعل الكلام على مستويات أخرى أهمها اثنان:

 

المستوى الأول: إن ما هو مصداق بالحمل الشايع لأحدهما، هو مصداق بالحمل الشايع للآخر .

 

كالإنسان والناطق والضاحك بالرغم من تغايرهما مفهوما.

 

ودليل المشهور في الإتحاد لا يثبت أكثر من ذلك: حين يقولون مثلا: إننا لا نجد في أنفسنا إلا شيئا واحدا، ولا نرى أحدهما منعزلا عن الآخر . يعني الطلب والإرادة.

 

المستوى الثاني: أنهما وأن تعددا على المستويات السابقة يعني مفهوما ومصداقا، إلا أنهما متساوقان وجودا. بمنزلة العلة والمعلول، فإن وجد أحدهما وجد الآخر بالضرورة. إلى حد قد يجد العرف نحو استئناس من أحدهما بالآخر إلى حد ينتج عرفا إتحادهما، أو هما بمنزلة الإتحاد.

 



أقول ( ان ظاهر المشهور لا يحتاج إلى أكثر من هذا البحث التفريقي بين معنى الطلب ومعنى الإرادة.

 

نعم. ومع ذهاب المشهور إلى الاتحاد فهو لم يبين صراحة على أن هذا الذهاب هو لمكان مقولة الترادف.

 

وعلى أي حال يمكن أخذ الكلام بمستويات. كما أفاد الماتن وأهمها اثنان:

 

الأول: أخذ مبحث الطلب والإرادة كما نأخذ مصداق الحمل الشايع بالرغم من الاختلاف ولكن يمكن غض الطرف عنه بلحاظ الحمل الشايع.

 

الثاني: يمكن الأخذ بهما على نحو المساوقة بالوجود بمنزلة العلة والمعلول. ومدى الترابط بينهما عند العرف )



قال الماتن:

 

المرحلة الثانية: أن المشهور ، بل إجماع الأصوليين المتأخرين، تسالموا على أن الأمر - يعنون: مادة الأمر - موضوعا للطلب. فإذا ضممنا إلى ذلك المقدمة المشهورية أيضا وهي: إتحاد الطلب والإرادة. نتج: أن الأمر موضوع للإرادة. أما مفهوما كما هو ظاهر العنوان. أو مصداقا، كما هو ظاهر الدليل. فهل يعترف المشهور بهذه النتيجة. أو أنه يفكر بإمكان فصل المسألتين، لأن أحدهما أصولية والاخرى كلامية. مع انه لا يمكن الفصل بينهما، لرجوعهما إلى مسألة لغوية واحدة، بناء على مسلكهم.

المرحلة الثالثة: إننا سمعنا، فيما سبق خلال البحث عن مادة الأمر ، من أهل اللغة : أن طلب الشيء ، هو التسبيب إلى الحصول عليه.

 

وهذا له مصاديق عديدة: منها الفحص والتسبييب الخارجي كالفحص عن العبد الآبق والدابة الشاردة.

 

ومنها: الاستنتاج الذهني، وهو طلب الحقيقة. ومنها: طلب العلم. ومنها: طلب المال. ومنها: الطلب التشريعي، وهو ما إذا تعلقت المصلحة بفعل الغير . فيكون التسبيب إليه بالطلب إليه بأن يفعل، لا مكرها ولا مجبورا.

واما الإرادة، فلم يذكر معناها لغة. فإن اللغويين والاصوليين يأخذونها ساذجة ووجدانية. وعلى أي حال، فيمكن فهمهما على مستويات.

 

أقول: ( وما زال الماتن في بيان بعض النقوصات البحثية في مسألة إتحاد الطلب والإرادة. على المشهور الذي لم يلتفت إليها في عامة أبحاثهم في الأصول. وما ذكره (رض) لا يحتاج إلى عناية في البيان. ويمكن للمشهور التفص من هذه النقوصات كونها ليست ذا بال إلا بناء على الاستيفاء البحثي الفني ).

 


فقه أصول المنهج (30)

 

إرسال تعليق

0 تعليقات