آخر الأخبار

أزمة الحوزة فى العراق

 



 

محمود جابر

 

منذ أزمنة بعيدة والحياة فى العراق تجرى حياتهم ومعايشهم بين عاشوراء، ومولد الزهراء، وذكرى ميلاد الوصى، وبين هذا وذلك يقصد الناس الإمام ترويحا للنفس وقضاء للحاجة، وطلبا للقربى، وبين النجف وكربلاء تجد أصناف من البشرى، وكلهم دور حياتهم بين آل البيت كما تدور الشمس فى قلب السماء .

 

وبما أن القربى أضرحة الآل والأئمة، فإن الحوزة أصبحت جزء لا يتجزأ من هذه القربى، ومع مرور الأعوام أصبحت الحوزة جُنة للناس، وخط رابط بين الإمام وعوام الناس وخواصهم، وكأنهم – رجال الدين – نواب لباب الإمام سواء قالوا أو التزموا السكوت.

 

وسواء كان من فيها يتحدث العربية بلهجة أهل الجنوب أو الوسط أو حتى كان شامي، أو يمنيي أو لا يتحدث العربية فالجميع لديه يقين بأنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.

 

فالحوزة إن لم تكن معصومة او بابا، بيد ان لها التقدير والتقديس ولو تقديسا ثانويا وكفى انتسابهم فى المكان والعلم للأئمة .

 

هذه الصورة الرومانسية والأسطورية للحوزة الشريفة قديما، ولكن حينما دار الزمان دورته وتغيرت الأمور وتبدلت، واقتربت مصالح الناس من الحوزة واقتربت الحوزة من الفعل السياسي بعد السقوط تبددت الصورة الوردية الرومانسية الكلاسيكية الأسطورية وبدأت الحقائق تتكشف وبدأ الهمس يصبح كلاما .

 

فمنذ أن اشتعلت ثورة تشرين التى سبقها كلاما من هذا المقدس وكلاما من هذا المعمم وان المجرب لا يجرب، ولكن المجرب جرب ونصب واستوزر واستعظم، ورغم حيث البعض منهم أن الشعب مصدر السلطات، وان الشباب استعادة الهوية العراقية، وأن الثائرين استعادة الأمل فى نفوس العراقيين، وان الشباب المنتفض يثلج الصدر!!

 

وأنه عن كان هناك خلل فهو خلل فى القيادة والأحزاب الحاكمة، وعلى هذه الأحزاب أن تفسح المجال لجيل وطني كفوء مخلص ان يأخذ دوره في قيادة البلاد.

 

ولكن يبدو ان ما حدث لم يكن سوى حقن مخدرة وأقراص كريستال للثائرين، فما مر بضع شهر إلا وخرجت الكتائب الالكترونية تحارب الشعب والثائرين مرة باسم الدين ومرة باسم الوطن، وضاعت الدماء ومن قتل منهم قتل غير مأسوف عليهن فمن هو الصادق ومن هو الكاذب ...

 

وإذا كان رأس الحوزة الشريفة يعترف قبل يومان بوجود ضغوط تمارسها الأحزاب على الشعب، وان الانتخابات السابقة لم تكن لا نزيهة ولا شريفة، وانتقد السلاح المنفلت أو غير المرخص، والفساد وضعف الدولة وكل ما نادت به ثورة وثوار تشرين....

 

فما اختلف السيستانى ولا غيره فى الحديث ولا المطالب عما طالب يه الشارع العراقى، ولكن يبدو ان هذا الكلام لا يلتزم به احد من اتباعهم جميعا، فما يزال اتباعهم جميعا يتحدثون عن الشارع وعن الثورة بأنهم عملاء وانهم تابعين للسفارات وانهم ممولون من هنا ومن هناك، فمن نصدق نصدق تلك اللجان أم نصدق المراجع، أم ان المراجع يقولون فى العلن كلاما للإعلام وفى الخفاء يقولون بكلام آخر ...

 

هذا الانقسام فى السلوك والتصرف يعكس أزمة تجعل الحوزة نفسها التى كانت محط تعظيم وتبجيل واحترام فى موضع خطر لان الوسطاء والوكلاء والأقرباء من مكاتب المراجع يقولون كلاما إما يعبر عن توجهاتهم التى لا يعرفها أحد او يعبرون عن تعليمات سرية هم ينقلونها فى أحاديثهم ومجالسهم وعبر صفحاتهم، وهى تعكس حقيقة نظرت رجال الحوزة تجاه قضايا الشعب والأمة ....

 

هل هناك من يدرك خطر هذه الانقسامية على مستقبل الحوزة ورجالها فى العراق، وعلاقة الناس بالحوزة ....؟!!

 

اللهم بلغت

 

إرسال تعليق

0 تعليقات