عز الدين البغدادي
هناك شعارات عاطفية، وهي ألفاظ قريبة إلى النفس إلا أن العقل لا
يستطيع أن يحدّد لها معنى محددا لأنها سيّالة من قبيل "كلّ يوم عاشوراء وكل
ارض كربلاء" فهذا كلام جميل يدل على قوّة حضور عاشوراء في النفس، لكنها إذا
تحوّلت إلى شعار فهنا يكون الخطأ، أي لو بقيت أمراً شاعريّا لقبلت بل ولقبل ما هو
أشدّ منها، لكن عندما خرجت عن ذلك إلى حدّ الشعار فهنا يكمن الخطأ.
والسبب إنه يجعل الناس في حالة تأزّم مستمر؛ مع تبرير استمرار
الطقوس المبتدعة دون أن تتقيّد بوقت. كما إن تجاوز قيمة الشهادة الحاجة إليها
تمثّل خطرا كبيرا على عقول الشباب؛ فتصوّر لهم الحياة كما لو كانت حربا مستمّرة.
إنها تقتل الشعور بالحياة وجمالها وبهجتها، وتتعامل مع الحياة على أنها توتّر
مستمر.
ومن جهة أخرى؛ فهناك من أنكر جدا هذا القول، ورأى أنّ هذا القول
ينقص من قدر عاشوراء، وهو يوم فذّ تميّز عن غيره، كما ورد في الخبر "لا يوم
كيومك يا أبا عبدالله"، أي إن القول بأن كل يوم عاشوراء يجعل عاشوراء كغيرها،
ويفقدها تميزها. مع إنها تخالف النصّ حيث روى الشيخ الصدوق عن المفضل بن عمر عن
الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه(عليهم السلام) أنّ الحسين بن علي دخل يوماً
على أخيه الحسن، فلما نظر إليه بكى، فقال: ما يبكيك؟ قال: أبكي لما يصنع بك، فقال
الحسن: إنّ الذي يؤتى إليَّ سمٌّ يُدس إليّ فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا
عبدالله: يزدلف إليك ثلاثون ألف رجلٍ يدعون أنهم من أمّة جدّنا محمد (ص)......
إلا أنّ هذا الطرح الآخر هو أيضا ضعيف، لكونه يبتني على رواية عن
المفضّل بن عمر الكذاب المغالي المعروف.
وهكذا تجد أنّ الأمر تحوّل إلى جدال عقيم، ولا ينفع في شيء إلا إثارة
مشاكل وهمية يتعصّب فيها الطرفان دون أن يكون فيها معنى بذاتها.
0 تعليقات