عز الدين محمد
الفريق طاهر يحيى محمد عكيلي الدهامشي من عشيرة الدهامشة إحدى فروع
قبيلة عنزة ، ولد سنة 1913 في مدينة تكريت فلقب بالتكريتي. كان ضابطا برتبة عقيد
متقاعد في اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار، شارك في إسقاط النظام الملكي وعين
يوم الثورة مديرا للشرطة العام، وبعد انقلاب 63 صار رئيسا للأركان. ثم ساهم بدور
أساسي في حركة 18 تشرين الثاني 1963 التي قادها عبد السلام عارف وأزاح حزب البعث
عن السلطة . ولدوره البارز في طرد الحرس القومي وحزب البعث من السلطة كافأه عبد
السلام عارف بتكليفه تشكيل الوزارة، فشكل وزارته الأولى ، وقد توالت مدة تولي طاهر
يحيى وزاراته الأولى والثانية والثالثة في الفترة التي استمر فيها طاهر يحيى في
منصب رئاسة الوزارة للفترة من 18 تشرين الثاني 1963 إلى 3 أيلول 1965.
أطلق عليه العراقيون لقب "أبو فرهود" بسبب الدعايات التي
كانت تنال منه وتتهمه بسرقة المال العام، والتي كانت بغير أساس على الأرجح كما أثبتت
التحقيقات. وقد رويت قصص وطرائف عنه، منها: أنه كان يتجول سيرا على الأقدام في
شارع الرشيد حتى وصل "ساحة الميدان"، صعد إحدى باصات مصلحة نقل الركاب
كأي راكب عادي، وعندما سارت السيارة صعد ثلاثة أشخاص، ودفع كل منهم أجرة (15 فلسا)
ولكن قاطع التذاكر «الجابي» قطع لهم التذاكر من الدفتر لكن لم يسلمها لهم بل
أخفاها لنزولهم في المحطة التالية...وبعد فترة صعد ثلاثة أشخاص ودفعوا الأجرة
للجابي فأعطاهم التذاكر الثلاثة المخفية لديه، وهنا نادي رئيس الوزراء على الجابي
وقال له:لماذا قمت بهذا العمل؟
وعندما عرفه الجابي تلعثم الجابي وأرتبك وأخذ يتوسل لكونه صاحب
عائلة كبيرة، ولكن رئيس الوزراء طلب منه دفتر التذاكر وقطع منه أربعة بطاقات
ومزقها أمامه!!
أي إنه غرّمه 60 فلسا، وقال له: سوف أحيلك إلى المحكمة عن جريمة اختلاس!!.وبقي
الجابي يبكي ويتوسل وتدخل بعض الناس ممن كانوا راكبين بالباص ملتمسين الصفح عنه..واستجاب
رئيس الوزراء لتوسطهم وطلب من الجابي أن يكون أميناً ويحافظ على الأمانة التي
أوكلت إليه، ثم مدّ يده في جيبه، وأخرج خمسة دنانير من محفظته وسلمها للجابي.. وقال
له: اصرفها على عائلتك ولا تكرر فعلتك!!ونزل رئيس الوزراء في المحطة القادمة
مترجلا ليكمل سيره.
وفي إحدى الليالي أوقف سيارته أمام محل (كببچي) وكان طاهر يحيى
يلبس الدشداشة وهو قصير وسمين، وطلب تكة وكباب وبينما هو ينتظر سأل الكببجي: شلون
الشغل؟
فأجابه: الحمد لله، لكن إشخلّة علينة أبو فرهود؟ أشو ندك ليل نهار
وما جايب الرأس على الرأس! فقال له طاهر يحيى: زين وشنو دخل أبو فرهود بشغلك ؟
فقال له: عمي الله يخليك،
من أبو فرهود يبوگ من فوگ، ويشتري سينما النصر ومدينة الألعاب، يگوم اللي وياه
يفرهدون، حتى توصل لبائع الحلال!! فأگوم آني ازيّد السعر على الزبون، لأن هي
السمچه خايسه من راسها!!وحين هَمّ طاهر يحيى للانصراف، سأل الكببچي:شكد حسابك؟
أجابه: عمّي خليها على حسابي، فرد عليه: اي وبعدين تگول طاهر يحيى باگني!! حينها
انتبه الكببچي إلى انه يكلم رئيس الوزراء، فارتبك وقال له: لا سيدي سامحني آني ما أقصدك،
لكن الناس الله لا ينطيهم همه اللي يحچون!! فردّ عليه طاهر يحيى بعد أن وضع خمسة
دنانير على المنضدة: عراقيين ما تصير إلكم چاره.
وبعد انقلاب تموز 1968 اعتقل طاهر يحيى، وتعرض لتعذيب شديدة
ومعاملة مهينة جدا، ليس لكونه من أقطاب النظام السابق فقط بل لكونه بعثيا منشقا
فضلا عن تهم الفساد التي كانت تشاع عنه، حيث كان يجبر على الرقص أمام سجانيه وعلى
تنظيف المرافق الصحية، وحاولت السلطة أن تجد أي ثغرة في ذمته المالية دون أن تصل
إلى شيءـ بل ان عبد الواحد زكي المدير المفوض لشركة الكوكا كولا في بغداد اعتقل
وجرى تعذيبه حتى الموت بهدف الاعتراف بأنه رشا يحيى من أجل تمشية معاملات شركة
الكوكا كولا لكن الرجل لم يعترف.
أطلق سراحه بعد سنوات من التحقيق ولم تثبت على طاهر يحيى أي تهمة،
حتى أن أحد المقربين من أحمد حسن البكر يقول: والله لو أجد دينارا واحدا قد سرقه
طاهر يحيى لأعدمناه مباشرة. أطلق سراحه وبقي في داره في المنصور تحت الإقامة
الجبرية إلى أن توفى يوم 19 أيار 1986 وقد دفن في مقبرة أسرته في مدينة تكريت.
0 تعليقات