عز الدين البغدادي
كثيرا ما تسمع شعارات تحاول أن تستثمر الحدث الحسيني بنحو ما، سواء
بشكل ايجابي أو سلبي. وبأي حال فهي تكشف عن وعينا للحدث وفهمنا له..
وجدت مرة لافتات علقت على الجدران فيها عبارات تدعو إلى عدم رمي
القمامة في الطريق، وكتب على أحدها: "أنا أحبّ الحسين؛ إذن أحافظ على
البيئة" مع أنه لا يوجد ترابط بين الأمرين؛ وأعتقد أنّ هذا أيضا لا يكشف عن
تديّن أو عن ربط واقعي لقضيّة الحسين بجوانب الحياة كما يرغب البعض أن يتفلسف، بل
هو طرح يكشف عن تفكير طفولي يخاطب عقول الناس كما لو كانوا أطفالا، كما تقول لطفل:
إذا فعلت كذا تصرف؛ فسوف يخرج لك الجنيّ أو سيلقي بك الله في النار؛ وغير ذلك من
أمور تستعمل عندما لا يكون المخاطب واعيا، فتستخدم معه الترهيب لبعثه على فعل معين
أو نهييه عنه، لا سيّما وأنّه لا يفهم قيمة الفكر، ولا يدرك موضع مصلحته.
وأذكر أنّي قرأت يوما في أحد المساجد وقد علّق على الحائط عبارة
"خرج الحسين ليحارب شاربي الخمر ولاعبي القمار" وهذا غير صحيح، فإنّ شرب
الخمر ولعب القمر لا يجابهان بالسيف بل بالنصح والتعليم، وأما خروج الحسين فكان
يهدف إلى تغيير حكم فاسد، فلمَ هذا التسطيح لقضيّة الحسين؟ إنها محاولة لصرف النظر
عن المشاكل الكبرى وعن أخطاء السلطة الى قضايا شكلية أو سطحية يختزل التديّن بها.
وهذه أمثلة، إلا أني أريد منها أن أقول: ليس كل شعار يقرأ ننظر
إليه كما لو كان مقدّسا، فهناك أوهام يتم تصديرها لنا من خلال المصطلحات والشعارات.
0 تعليقات