علي الأصولي
عادة عندما أتناول شخصية تاريخية
وعرضها على مشرط النقد والتحليل أبتعد كثيرا عن الانجذابات العاطفية المذهبية
والتي يقع فيها بعض الكتاب على طريقة ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما )
ولذا تجد في مقالات سابقة حول المختار
الثقفي ذهبت إلى إدانته وفقا للمعطيات التاريخية والمناقشات الحديثية. خلافا للسيد
الأستاذ الذي ذهب إلى صلاحه،
وقلت هناك أن صلاح العقيدة لا يلازم
صلاح السلوك. وهذا الفخ الذي وقع فيه سيدنا الشهيد الصدر وغيره،
فكم من نظير في التاريخ المعاصر تجده
صالح العقيدة لكنه يتخذ سياسة الشيطان لمآربه مسلكا ومنهجا. ولذا تجد الكثير من
الجمهور الشيعي يقع في هذا الفخ وينساق خلف التمذهب بمعزل عن فساد الجوانب الأخرى
والعراق ببابك!
ومن هنا كان لا بد من ذكر هذه المقدمة
كمحاولة تنبيهية لعزل الجانب العقدي لإبراهيم بن مالك الاشتر والممارسات السلوكية
له في التاريخ لذا اقتضى التنويه.
إبراهيم النخعي، أبو النعمان. بن مالك
بن الحارث بن يعزب بن قحطان الاشتر النخعي وترجع قبيلتهم إلى قبائل اليمن، وهو من
قبيلة مذحج. المقتول سنة ( 72 هجرية 691 ميلادية ).
لم يذكر له التاريخ أي حركة أو موقف من
نهضة الإمام الحسين بن علي(ع) وهذا الأمر نعزوه إما لعدم نقل التاريخ لبيان موقفه
على نحو العمد أو هو التخاذل. وعلى كل حال تبقى المسألة خاضعة للاحتمالات وترجيح
أحدهما على الآخر بلا مرجح خلاف الإنصاف.
نعم: سلط الضوء بكثافة على شخص إبراهيم
يوم حركة المختار الثقفي عندما أراد الأخير انضمامه للحركة الثورية في الكوفة إلا
أن إبراهيم تحجج بعدم وضوح الأمر من قيادته الروحية آنذاك المتمثلة بشخصية
المرجعية الدينية والسياسية الموازية لمرجعية علي بن الحسين السجاد (ع) وهذا ما
سوف يفتح لنا الباب الواسع لبيان الشخصية الغامضة لابن الحنفية في قادم الأيام إن
شاء الله.
بالتالي: إبراهيم لم يوافق في بدايات
أمره خاصة وأن العرض جاء من طريق شخصية لم تتسم بالوضوح الكافي آنذاك وهي شخصية
المختار العثماني الهوى سابقا. العلوي الحنفي الولاء تاليا.
من الغريب، والغريب جدا أن تجد باحثا
هنا أو خطيبا هناك يحاول شحذ الأدلة على صحة مسلكية إبراهيم بن مالك. بدعاوى ليست
من ثوب التحقيق. وبالتالي يخرج بنتيجة لا محصل لها في سوق العلم.
نعم: أن محاولة تسليط الضوء على الأب
وصلاحه - وأعني به مالكا - لا يلزم منه صلاح الابن. والعكس صحيح. فكم شهدنا صلاح
الآباء وفساد أبنائهم أو أحفادهم خذ جولة في القرآن وقف على قصة نبي الله نوح (ع)
وابنه وراجع حياة بعض سلوكيات أبناء الأئمة(ع) وهذه المغالطة وقع فيها في العصور المتأخرة
سذجة الشيعة ودونك بعض أبناء العلماء وسلوكياتهم. ولعل ابرز الأمثلة بعض أولاد
المحقق الخوئي ومؤسستهم المالية الذين استغلوا الاسم المرجعي للأب مع أننا نرى الأب
انساق مع رغباتهم أما توطئا أو جهلا وقصة الوقفية المفترضة،
وكذا من الغرابة والدعاوى الأخرى. أن
يحاول بعضهم استعراض حادثة وجود إبراهيم بن مالك الاشتر مع أبيه في صفين كدليل على
صلاحه!
ونسوا أن الخروج بالحروب مع إمام مفترض
الطاعة - دينية أو سياسية - واختلاف أنظار من خرج تحت لواء الإمام لا يلازم الصلاح
ودونك الخوارج!
قلنا أن المختار الثقفي. جاء لأصحابه
في الكوفة برسالة من محمد ابن الحنفية داعيا فيها إلى لزوم نصرة المختار والقيام
المرتقب.
وفرح أصحاب المختار بهذه البشارة ودعوى
أخذ ثأر الإمام الحسين (ع) التي لم تفارق الذهنية الشيعية المغبونة آنذاك.
وشك آخرون. ومنشأ شكهم راجع كون
المختار أحد الذين بايعوا آل الزبير وانخرط في دولتهم الحجازية وأخذ من صلاتهم
وهداياهم وعطاياهم بل شارك في حروبهم ضد اليزيديين عندما حاصر الحصين مكة. وبعد
الاتفاق بين المختار وبين الخليفة الزبيري على البيعة والنصرة بشرط تسليم حكومة
العراق وكوفتها.
وبعد قصة انسحاب الجيش اليزيدي أثر
هلاك خليفة الشام الملعون يزيد تضعضع جيش النمير بن الحصين. حيث فقد المركزية ودب
الخوف في صفوف أفراد مقاتليه بعد دك الكعبة بالمنجنيق واحتراقها ووصول خبر هلاك
خليفتهم وتضعضع أوضاع دولتهم في الشام.
أحسن المختار بوجود مؤامرة لتصفيته
فسارع بالهروب نحو العراق. بعد عقد اتفاق سياسي مع ابن الحنفية في قصة معروفة في
التاريخ،
ما أود بيانه، أن أسباب الشك من بعض
الكوفيين هي هذه الأمور وقد تحفظ سليمان بن الصرد وأصحابه على دعوة المختار لعدم
وجود التصريح من الإمام الفعلي آنذاك زين العابدين (ع) وشك إبراهيم بالدعوة أيضا
لكن لا لنفس السبب الذي دعا ابن الصرد للشك فيه. بل شك في لحن الكتاب والدعوة
بلحاظ وجود مراسلات لا تشبه هذا الكتاب المفضي للزوم النهضة تحت لواء المختار.
0 تعليقات