هانى
عزت بسيونى
عندما
تكثر الجباية تشرف الدولة على النهاية ويكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون
والمدّعون والكتبة والقوّالون والمغنون النشاز والشعراء والمتصعلكون وضاربوا
المندل وقارعوا الطبول وأدعياء المعرفة وقارئوا الكفّ والطالع والنازل والمتسيّسون
والمدّاحون والهجّائون وعابرو السبيل والانتهازيون فتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا
يختلط من المعاني والمفاهيم والصدق بالكذب والجهاد بالقتل ، ويضيع التقدير ويسوء
التدبير ..
وعندها
تنهار الدول يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف وتظهر العجائب وتعم الإشاعة ويتحول
الصديق إلى عدو والعدو الى صديق ويعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق وتظهر على السطح
وجوه الرويبضة المُريبة وتختفي الوجوه المؤنسة ، وتشح الأحلام ويموت الأمل وتزداد
غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه الطيبة تماماً ويصبح الانتماء الى القبيلة أشد
التصاقاً والى الأوطان ضرباً من ضروب الهذيان فيضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء
وتعلوا صيحات المزايدات على الانتماءات ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول
الدين ، فيتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة …!!
وتسري
الشائعات عن هروب كبير وتحاك الدسائس والمؤامرات وتكثر النصائح من القاصي والداني
وتطرح المبادرات من القريب والبعيد ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته
ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار ويتحول المواطن الى مشاريع هجرة ، والوطن الى
محطة سفر والمراتع التي نعيش فيها الى حقائب والبيوت الى ذكريات والذكريات الى
حكايات لا تجد من يحكيها او يستمع اليها .. !!!!...
عندها فقط يموت كل شيء فينا وللأبد
… ولا يفيد ان نصحو من السبات .!
رحمك
الله يا إبن خلدون .. هل كنت تنظر الى المستقبل منذ سبعمائة عام .؟!
0 تعليقات