مير عقراوي*
مقدمة موجزة : على الأقل ما قبل هجوم تنظيم داعش الإرهابي على إقليم كردستان –
العراق في 3 / 8 / 2014 وما رافقه من عمليات إجرام وحشية ودموية له ضد الكرد ،
بخاصة ضد الكرد الإيزيديين الأبرياء ، ثم ما بعده وحتى اليوم ، والسلطة في الإقليم
؛ رئاسة وحكومة وإدارة لم تراجع سياستها وطريقة حكمها للشعب الكردي وحسب ، بل إنها
استمرت على سياستها المستبدة ونهجها الخاطئ في الحكم والحكومة والإدارة .
لذلك اشتدت الأزمة السياسية في الإقليم من جانب ، ومن جانب آخر اشتدت
المعاناة على شعب الإقليم من جميع النواحي ، ولا يُرى في الأفق أيَّ انفراج لهذه
الأزمة والمعاناة التي غدت تستفحل أكثر فأكثر في الإقليم ، وسببه هو طبيعة الرئاسة
والحكم والحكومة القائمة على نمط يتناقض ، كل التناقض مع قيم الديمقراطية ومبادئ
العدالة الاجتماعية، وهي الحزبوية المتطرفة والنفوذ العائلي والشخصي والعشائرية .
في هذا الشأن شخصياً لا أرى حلاً ومَخرجاً إلاّ استقالة الحكومة الحالية من مهامها
بكل روح رياضية وإيثار لتفتح الباب لحكومة مؤقتة قادمة ريثما تتمكن في وضع الأمور
في الإقليم من نواحي الرئاسة والحكومة وغيرها في نصابها الصحيح ، وفي ميزانها
العادل القويم ، وهما العدالة الاجتماعية والديمقراطية . لهذا اقترحت ما يلي :
1-/ تشكيل حكومة إنقاذ وطنية في الإقليم من الشخصيات المستقلة
والمؤهلة علمياً ومعرفياً .
2-/ إبعاد حزبي البارزاني والطالباني عن السلطة والقيادة والحكم
والحكومة والرئاسة لإقليم كردستان ، لأنه ثبت عدم جدارتهم وصلاحيتهم للإدارة ولحكم
الإقليم وشعبه حكماً عادلاً وحضارياً وديمقراطياً .
3-/ من الأفضل لحزبي البارزاني والطالباني الإهتمام بعشيرتهما
والتفرغ لشؤونهما والإشراف عليهما وفق العادات والأعراف العشائرية التي فرضوها
فرضاً وبالإكراه على الحكم والحكومة والرئاسة في إقليم كردستان وصبغوها بها ، كما
فرضوها قهراً وعنوةً على مصير الكرد ومقدراتهم ومصالحهم ومعايشهم . ذلك إن مصالح
الشعب والحكم والإدارة والسياسة شيءٌ وتقاليد وعادات العشيرة شيءٌ آخرٌ تماماً ،
بل هما أمران متناقضان لا يلتقيان معاً ونافيان كل للآخر .
4-/ فسخ الاتفاقية الخمسينية النفطية التي عقدتها القيادة -
العائلة البارزانية مع تركيا عام 2013 واعتبارها ملغية وباطلة وغير دستورية من
الأساس ، بخاصة فقدانها شرعية الدستور وموافقة البرلمان في الإقليم والحكومة الاتحادية
الفدرالية العراقية ، وهكذا غيرها التي عقدت بعيداً عن البرلمان وموافقته والشعب
الكردستاني في الإقليم .
5-/ كشف الحساب المالي والثرواتي لرئاسة الإقليم السابق والحالي
ورئاسات الحكومة له في السابق والحالي ، وهكذا الوزراء والمدراء والقادة وغيرهم
منذ البداية وحتى اليوم .
6-/ إعادة جميع الممتلكات والأموال غير الشرعية الى حكومة الإنقاذ
، حيث هي التي تقرر مصيرها وكيفية التعامل معها بحسب المصالح العليا والعامة للشعب
والوطن . وذلك بتشكيل فريق حكومي رسمي للمتابعة والتحقيق لأجل إعادة الأموال
والممتلكات التي تم نهبها وسرقتها ، أو تم استخدامها لأغراض حزبية وشخصية وعائلية
غير مشروعة .
7-/ المحاولة في تحسين وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية
وغيرها مع الحكومة الاتحادية الفدرالية العراقية والتنسيق مع بعض عبر مستويات
قيادية رفيعة ، مع السعي لتشكيل لجان رسمية للنظر في الخلافات القائمة بين بغداد
وأربيل والسعي لحلها والوصول الى أتفاق يُرضي الطرفان لأجل مصلحة الشعبين العراقي
والكردي .
8-/ تأسيس جيش وطني في الإقليم مستقلٍّ عن الحزبية للأحزاب
السياسية كلها وثقافتها وعاداتها الحزبية المتطرفة والمتناقضة مباشرة مع المصالح
الوطنية ، بخاصة حزبي البارزاني والطالباني ودمج قواتهما الميليشاوية في هذا الجيش
، مع الحظر التام لأية أنشطة حزبية وسياسية في الجيش المذكور ، وفي المؤسسة
العسكرية في الإقليم ، بل الصواب والمصلحة العليا تقتضي في حل قوات البيشمه رجه
ودمجها في الجيش والمؤسسة العسكرية .
9-/ تشكيل فريق قضائي تابع للقضاء لأجل متابعة الخروقات والمظالم
التي حدثت في الإقليم طيلة العقود الثلاثة الماضية ، مثل حالات القتل والاغتيال ،
أو التجاوز على أملاك المواطنين ، أو غير ذلك ، ثم إحالة المتهمين الى ساحة القضاء
لمحاكمة عادلة .
10-/ القضايا الخلافية والإشكالية ذات الطابع الإقليمي والدولي ،
مثل كركوك ينبغي حلها وفق الدستور العراقي لعام 2005 ، مع إدارة مشتركة من المركز
وأربيل ، مع المراعاة والأخذ بعين الاعتبار التركيبة السكانية لكركوك من الكرد
والتركمان والعرب وغيرهم من الأرمن والكلدوآشور ، وذلك بحسب مبادئ العدل والإنصاف
التي تسعهم جميعاً . هذا باستثناء التعريبيين الذي آستوطنوا بضوء أخصر وتشجيع ، أو
دعم ومساندة من الحكومات العراقية . فعلى الحكومة العراقية ترتيب أوضاعهم لإعادتهم
الى مناطق الأصلية في العراق .
11-/ على الحكومة الاتحادية الفدرالية إدانة التعريب رسمياً وعدم
ممارستها في جميع مناطق ومدن إقليم كردستان ، مع المحاولة لحل إشكالية التعريب
التي تعرضت لها مناطق واسعة في الإقليم خلال العهود الماضية والحالية للحكومات
العراقية ، في كركوك وتوابعها ، وفي بعض مناطق أربيل والموصل وديالى . في ذلك فإن
العدل يقتضي إعادة جميع الذين آستوطنوا مساكن الكرد ومناطقهم وأراضيهم خلال حملات
التعريب القسرية الشوفينية الى أماكنهم ومواطنهم الأصيلة التي رحلوا منها الى
مناطق الإقليم الكردستانية ومدنها وقراها . هكذا ينبغي تعويض جميع الكرد ،
أوالتركمان مالياً الذين تعرضوا للتعريب والأضرار نتيجة سياسة التعريب لمختلف
الحكومات العراقية .
12-/ حل البرلمان الحالي للإقليم ، وذلك بسبب الهيمنة الحزبية
والشخصية عليه لحزبي البارزاني والطالباني .
13-/ تشكيل لجنة تحقيقية مختصة حول العوامل الأساسية التي أدت الى
سقوط مدينة سنجار وضواحيها بيد تنظيم داعش عام 2014 وما رافقه من مظالم وجرائم
كبرى ضد الكرد الإيزيديين الأبرياء . ومن ثم نشر التقرير لحصيلة التحقيق بشكل رسمي
في جميع وسائل الإعلام في الإقليم . وذلك بعد أن يتم تقديم حصيلة التقرير أولاً
الى الحكومة والقضاء لأجل تقديم المقصِّرين الى محاكمة عادلة .
14-/ على البرلمان في الإقليم تقنين قضية النفط والغاز وغيرهما من
الثروات الوطنية ، بحيث لا يجوز لشخص مهما كانت مسؤوليته في الإقليم عقد اتفاقية
مع طرف دولي بعيداً عن البرلمان والحكومة وبدون موافقته والشعب الكردي في الإقليم .
15-/ تشكيل لجنة أو أكثر مختصة ومستقلة حزبياً للتحقيق في قضايا
النفط والغاز وغيرهما من الثروات الوطنية ووارداتها المالية منذ عام 1992 من القرن
الماضي ، بخاصة بعد عام 2003 حيث سقوط النظام البعثي العراقي والى اليوم .
16-/ القضايا المصيرية للشعب الكردستاني في الإقليم ، مثل الاستقلال
وإجراء الاستفتاء وغيره لا يمكن تقريره وإجراءه من قبل شخص أو حزب على الإطلاق كما
حدث في الخامس والعشرين من شهر أيلول لعام 2017 .
فذاك الاستفتاء – كما هومعلوم - جَرَّ الكثير من الأضرار الفادحة
والخسائر الجسيمة للشعب الكردي في الإقليم . بل ينبغي أن يمر عبر البرلمان للتداول
والتحليل والدراسة الشاملة والعميقة والدقيقة من جميع الوجوه والجوانب وطرحه عليه
. وهكذا عرضه على الشعب الكردستاني ، بخاصة من النواحي الداخلية والإقليمية
والسياسة الدولية .
17-/ ليس لأحد ، أو حزب ، أوجهة في الإقليم له حق النقض والأبوة
والمرجعية خارج معايير الديمقراطية والقانون ، فلا أحد كائناً مَنْ كان هو فوق
العدالة والديمقراطية والقانون أبداً ، فالكل بدون استثناء ينبغي أن يخضع له
ويتمتع بحمايته ، وبحقوق المواطنة دونما تبعيض بسبب الدين والعقيدة والمذهب والفكر
والقومية واللغة وغيرها من الاختلافات .
18-/ ينبغي أن يكون حكم الإقليم وحكومته ورئاسته بمنآى عن الوراثية
والتوارث السياسي والتجاذبات العشائرية والعائلية كما هو الحال في الإقليم ، في
العائلة البارزانية التي أضحت [ مؤسسة ! ] فوق البرلمان والحكم والحكومة والقانون
في الإقليم . فذلك – مثلما هومعلوم - يتناقض مع قواعد العدالة الاجتماعية ومعايير
الديمقراطية . في هذا الصدد اذا ما كانت الرئاسة للإقليم ضرورية فمن الأفضل أن
يكون الرئيس مستقلٌّ حزبياً ، وأن لا يتصدى لها مرتين رئيسٌ من عائلة واحدة ، وذلك
خشية من توارثها وحصرها في عائلة واحدة ! .
/ كاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية
0 تعليقات