عمر حلمي الغول
السلام على المسار
الفلسطيني الإسرائيلي حاجة وضرورة ملحة لبناء جسور التعايش، والتكامل بين ابناء
شعوب المنطقة للنهوض بمستقبل بلدانها، وإسقاط خيارات الإرهاب والحرب والفوضى، وفتح
الأفق لوضع ركائز سلام ممكن ومقبول بين القوى المتصارعة، وطي صفحة مريرة من الحروب
الدموية زاد عمرها عن 72 عاما.
لكن هذا السلام له
قواعد ومرتكزات، أولها الإقرار والالتزام الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من أراضي
دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967 كلها، ودون إستثناء، وأولها
العاصمة الفلسطينية القدس الشرقية؛ ثانيا سحب وتصفية كل المستعمرات القائمة على
اراضي دولة فلسطين والأراضي العربية المحتلة عام 1967 فورا ودون تلكؤ أو تردد؛
ثالثا ضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم، التي طردوا وشردوا منها عام 1948 و1967؛
رابعا تطبيع العلاقات الفلسطينية والعربية والإسلامية مع دولة الإستعمار
الإسرائيلية. دون ذلك، او بالإلتفاف على هذة المحددات، التي تبنتها مبادة السلام
العربية وقرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن 2334 يصبح الحديث عن
السلام مضيعة للوقت، وإلتفاف واضح على السلام الممكن والمقبول، ومحاولة لتدجين
ابناء الشعب الفلسطيني وقيادتهم الشرعية، وهذا لن يحدث، ولن يقبل القسمة على اي
فلسطيني وطني.
ويخطىء مطلق سياسي
إسرائيلي أو عربي أو أميركي أو اممي يسعى لبناء سلام عربي صهيوني، ويفكر في القفز
عن الفلسطينيين وممثلهم الشرعي والوحيد، منظمة التحرير. لإنه لن يمر، وإن إفترضت
اسوأ السيناريوهات، وحاول البعض العبث بالساحة الفلسطينية، والتلطي خلف مجموعة
ساقطة هنا أو ساقطة هناك، وإعتبارهم ندا أو منافسا أو بديلا للقيادة الشرعية ايضا
سيكون مصيرهم الفشل، لإنهم سيصطدموا مع الشعب العربي الفلسطيني ونخبه السياسية والثقافية
وكل القطاعات الإجتماعية والإقتصادية والحزبية والإعلامية والأكاديمية، وسيتم دفن
كل مشاريع الخيانة والمساومات الرخيصة.
إرتباطا بما تقدم،
فإن محاولات الفاسد نتنياهو الألتفاف على الشعب الفلسطيني، ولجوئه لسياسة تحريض
بعض العرب المتساوقين مع خياره الخياني، وتجييش العصابة الأميركية الصهيونية
والمتصهينة لتمرير صفقة العار، وتنفيذ شق الضم، مصيرها الفناء والدفن، لإن هذة
المحاولات لا تستند إلى ركائز، ولا يوجد لها أقدام على الأرض، انما هي أوهام تنضح
من مستنقع آسن، كونها المساومة الأرخص في التاريخ على حقوق ومصالح الشعب العربي
الفلسطيني العليا، التي لن يسمح الفلسطينيون بتمريرها مهما حاولوا ترويجها،
وتلميعها، وشحنها بشحنة كبيرة من الأكاذيب والشو المتهافت.
ما ذكره حاكم إسرائيل
الفاسد يوم الأحد الموافق 30/8/2020 في
المؤتمر الصحفي مع كوشنير، صهر ومستشار الرئيس ترامب، وروبرت أبراين، مستشار الأمن
القومي الأميركي عن الفيتو الفلسطيني على اية تسوية سياسية لا تأخذ بعين الإعتبار
الحد الأدني من الحقوق والثوابت الفلسطينية، والموافق عليها من قبل الممثل الشرعي
والوحيد، منظمة التحرير، وإعتباره "معطل" لعملية السلام، انما هو تهريج
فاقد الأهلية والمنطق، ولا يستند للتجربة السياسية منذ اوسلو حتى يوم الدنيا هذا. ولإن
الفيتو الفلسطيني، هو حق النقض الصحيح والحقيقي، والواقعي والمشروع. لإن نقطة
الإرتكاز في عملية السلام، هي فلسطين، ومصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، التي
اهدرتها دولة الإستعمار الإسرائيلية طيلة 73 عاما ونتيجة تواطؤ الغرب الرأسمالي
معها، وبتعطيلهم الإرادة الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية إستنادا إلى قرار
التقسيم الأممي 181 الصادر في نوفمبر 1947، وعدم تمكن العرب الرسميين من إحداث
نقلة جدية في مسار التسوية السياسية، ليس هذا فحسب، بل ان بعض العرب للأسف تخلى عن
قضية العرب المركزية، واخذ هذا البعض يغرق كل يوم أكثر فأكثر في متاهة إسرائيل
الكولونيالية وسياسات إدارة ترامب تحديدا، وكان آخرها التطبيع المجاني والخياني
لحكومة وقيادة إمارة ابو ظبي مع إسرائيل افستعمارية، ولا أربط هنا بين شعب الإمارات،
ولا حتى حكام الإمارات الآخرين والحاكم بأمره محمد بن زايد وزمرته.
غير ان مصير هذة
الإرتدادات الخيانية الموت المحتم، والقائها على مزبلة التاريخ. وعلى رئيس حكومة
إسرائيل الخارجة على القانون، وحليفه المتصهين ترامب التفكير مليا في سياساتهم
المرفوضة والعدمية، لإنها لا تقبل القسمة على السلام، لا بل تتصادم مع ابسط معايير
السلام المتفق عليه عربيا وعالميا، لانها تقفز مباشرة على حقوق الشعب العربي
الفلسطيني، وهو ما لا يقبله إنسان عاقل في الدنيا كلها. فلسطين كانت ومازالت
وستبقى مركز السلام، وقيادتها الشرعية صاحبة الفيتو الأكثر عدالة وقوة وعقلانية،
ولن تستطيع اسرائيل ولا اميركا او اي من حلفائها من العرب والعجم من تجاوز الفيتو
السلام العادل والممكن الفلسطيني.
0 تعليقات